يظهر مذنب هالي
مذنب هالي هو (Halley’s Comet) هو مذنّب يدور حول الشمس كل 76 سنة، وقد ظهر آخر مرّة عام 1986 م، كما وقد ظهر من قبل ذلك عدّة مذنبات بالأعوام (1456 م، 1531 م، 1607 م، 1682 م)، فجاء إدموند هالي ليضع فرضية جديدة بأنّ هذه المذنبات ما هي إلا مذنبٌ واحد يدور حول الشمس، وتستغرق دورته 76 عام وعشرة أيام حتّى تتم، وتوقّع هالي بدوره أن يمر هذا المذنب في عام 1758 م، لكنّه توفي قبل ذلك في عام 1742 م، لكن مع ذلك ظهر المذنّب وأُثبتت نظريته فصار يعرف باسمه (مذنب هالي).
وفيما يختص بالمحور الرئيسي للموضوع المتعلّق بموعد ظهور مذنب هالي تحديداً، فإن كان هذا المذنب يظهر كل 76 عام تقريباً؛ وظهر آخر مرة في عام 1986 م؛ فذلك يعني بأنّه سيظهر كما هو مُتوقع عام 2061 م تقريباً، في شهر نيسان أو تشرين أول، حيث تمر بالأرض سُحبٌ من الشهب.
وهالي ومن سبقه ليسوا هم أوّل من قاموا برصد هذا المذنب، فقد جاء ذكره في كتاب كتاب ( بدائع الزهو) لابن اياس عام 862ه الموافق 1454م، وفي عام 619ه الموافق 1222 م سجّل ظهوره ابن الأثير، وكان للمسلمين الذين تفوقوا وسبقوا الغرب شرف الأسبقية دائماً، فعندما كان الغرب يتخبّط في متاهات الجهل والأساطير والخرافات، كان المسلمون يقفون على أرض صلبة من العلم الحديث، وكان أوّل من رصد مذنب هالي هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي المعروف بالكندي عام 222 هـ الموافق 837 م، ثمّ جاء بعده ابن الجوزي عام 299 هـ الموافق 913م ليذكره أيضاً في كتابه (المنتظم)، وذُكر مذنب هالي أيضاً عام 379 هـ الموافق 989 م في رسالة إتحاف الحنفاء.
وحتّى شعراء المسلمين لم يهملوه حيث إنهم أكثر من ينافس العلماء في التّطلع إلى النجوم، حيث ذكر أبو تمام الطائي في قصيدة: (السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ)، التي مدح فيها المعتصم عند فتح عمورية فقال:
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
في حدّهِ الحدّ بين الجدِّ واللعب
حتّى جاء على ذكر المذنب فقال:
أين الروايةُ أم أين النجومُ وما
صاغوه من زُخرفٍ فيها ومن كَذبِ
تخرّصاً وأحاديثاً مُلفقّةً
ليست بنبع إذا عُدّت ولا غَرَبِ
عجائباً زعموا الأيامَ مُجفِلةً
عنهنّ في صَفر الأصفار أو رَجَب
وخوّفوا الناس من دهياءَ مظلمةٍ
إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذنب
وصيّروا الأبرج العُليا مُرتبةً
ما كان منقلباً أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ
ما دار في فلكٍ منها وفي قطبِ
لو بيّنت قطَ أمراً قبل موقعه
لم تُخفِ ما حلّ بالأوثان والصُلب
ويرجع السبب وراء الشهرة التي حظي بها مذنب هالي مقارنةً بغيره من المذنبات الكونية، لعلاقته القويّة المتعلّقة باعتقادات سائدة عند اليهود والمسلمين، بالرغم من أنّ اليهود لم يكونوا واضحين بما يعنيهم لهم هذا المذنب، ومن تلك الاعتقادات أن للمذنب ما يسمّى بنقطتي الأوج والحضيض، وأنه يبدأ دورته في النقطة التي تسمّى الأوج عندما يكون في أبعد مدى له بعيداً عن الشمس عام 1984م، وعند احتساب فرق الزمن سيعود الأوج مرّة أخرى عام 2024 م، وهو العام الذي تقوم عليه آمال البعض ممّن ينتظر نكوص اليهود وأفولهم، حيث نُقل عن عجوز من اليهود بأنّ إسرائيل ستعيش 76 سنة، ومن هنا تمّ الربط بين إسرائيل ومذنب هالي، وهذا ما ذكره د. محمد أحمد الراشد في كتابيه العوائق والرقايق وهما جزأين من سلسلة كتب بعنوان (إحياء فقه الدعوة)، حيث يطرح من خلاله نظريات رقمية -لا نعلم صحتها-، فعالم التنبؤ ولو ارتكز على البديهيات كالقرآن الكريم فإنّ تحليلاته خاضعة لأفكاره ومنطقه.