وفاه عمر المختار
عندما تكون التربية في البيت ايمانية ويكون الوالدين مثقفان ومتدينان ينتج عنها في الأغلب أبناء عزيزون لا يقبلون الذل والمهانة، أصحاب تقوى ودين وورع، وهذاهو حال بطلنا الشهيد عمر المختار الذي تربى في بيت اسلامي متدين قائم على قواعد الشريعة الإسلامية السمحة، حيث تنواجد فيه الشهامة والكرم والأخلاق الحميدة التي تحلى بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الكريم.
وُلد عمر المختار عام 1862 للميلاد في من البطنان في الجبل الأخضر، وتربى يتيماً بسبب وفاة والده وهو في سن صغيرة وهو متجه لأداء فريضة الحج، حيث عانى عمر المختار من اليتم ولكنه ملأ قلبه بالإيمان وطاعة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتكفل بتربيته الإمام حسين الغرياني بوصية والده قبل الموت، حيث قام الشيخ الغرياني بتربيته مع أخيه، وأرسله إلى مدرسة لتعليم القرآن الكريم قبل أن يلتحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي، حيث اشتهر عند علمائه بذكائه وفطنته وخلقه الحميد، وبقي ينهل من العلوم الإسلامية وعلوم الشريعة الإسلامية من معهد الجغبوبي لمدة ثمانية سنوات.
وخلال مرحلة دراسته وظهوره بقوة تبنته الحركة السنوسية نظراً للسمعة الطيبة التي كانت له، وجعلوه في السودان يعلم أمور الدين للناس ومكث فيها لفترة طويلة، ثم عينه السنوسيون شيخاً لبلدة تسمى زاوية القصور تقع بمنطقة الجبل الأخضر شمال شرق برقة، ثم بدأ الاستعمار الفرنسي في منطقة تشاد وضيقوا على الحركة السنوسية وحاربوها، فاتخذت الحركة على عاتقها محاربتهم.
وكان معروفاً عن عمر المختار بحرصه الشديد على أداء الصلاة في وقتها والتزامه بها، وقراءته للقرآن الكريم حتى قيل أنه كان يختمه كل أسبوع مرة، كما أنه كان لا يقبل الظلم ولا العبودية لأحد غير الله عز وجل، ومنذ بدايات الجهاد ضد الاستعمار كان هو في الصفوف الأولى من أجل إعلاء راية الإسلام ودفع الظلم والقهر، وبدأ مقاومته للاستعمار الإيطالي منذ بداياته وشارك المجاهدين في أداء العمليات الجهادية كرئيساً للفرق الجهادية فقادها احسن قيادة ليصبح أسطورة يخاف منها الإيطاليون، بالرغم من الإغراءات التي حاول تقديمها الإيطاليون لعمر المختار مقابل الاستسلام ولكنه رفض وأصر على مواصلة الجهاد ضدهم لتحرير البلاد.
واستمر القتال بين المجاهدين والجيوش الإيطالية التي اجتاحت ليبيا إلى أن تم أسر عمر المختار في أثناء زيارته لضريح لصحابي رويفع بن ثابت بمدينة البيضاء، وظل قوياً وشامخاً حتى في أسره رغم مرارة السجن وعذابه، ثم تم عقد محكمة له بالرغم أنهم كانوا قد حضَّروا المشنقة له قبل عقد المحاكمة، وقد تبنى جميع العمليات الجهادية التي تمت ضدهم وتم شنقه 4 جمادى الأولى سنة 1350هـ ـ 16 سبتمبر 1931م وهو يتلو القرآن الكريم، رحمه الله كان شامخاً طول حياته ومات وهو شامخ.