مفهوم السعادة وحقيقتها 2019
معنى السعادة
السعادة والطمأنينة
“كنت اسأل نفسي: لماذا يشعر المسلمون بسعادة تغمر حياتهم رغم فقرهم وتخلفهم؟! ولماذا يشعر السويديون بالتعاسة والضيق رغم سعة العيش والرفاهية والتقدم الذي يعيشون فيه؟! حتى بلدي سويسرا كنت أشعر فيها بنفس ما شعرت به في السويد، رغم أنها بلد ذات رخاء، ومستوى العيش فيها مرتفع!! وأمام هذا كله وجدت نفسي في حاجة لأن أدرس ديانات الشرق، وبدأت بدراسة الديانة الهندوكية؛ فلم أقتنع بها كثيرًا، حتى بدأت أدرس الدين الإسلامي؛ فشدني إليه أنه لا يتعارض مع الديانات الأخرى، بل إنه يتسع لها جميعًا؛ فهو خاتم الأديان، وهذه حقيقة بدأت تتسع عندي باتساع قراءاتي حتى رسخت في ذهني تمامًا”.
كلمة السعادة من بين الكلمات التي اختلف الناس حولها؛ فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفني كثير من الناس حياتهم في دروب شتى بحثًا عن السعادة، نعم.. السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، لكن لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها في المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها في الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يرآها آخرون في القرب من الحبيب أو في التخلص من مزعج أو في تبتل روحي أو مساعدة مسكين وفقير، لكن العجيب عندما تسأل كثير من هؤلاء: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفي!!!
إذًا فأنت ترى أنّ تعريفات السعادة تختلف من إنسان إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر
أكثر شعوب العالم سعادة
وضعت بعض الجهات الدولية سُلَّمًا اسمه سُلَّم السعادة بين الشعوب، وأرادت أن تعرف أي الشعوب هو أسعدها، وأعطت درجات لهذا السلم وقامت باستقراءات مختلفة؛ لكن النتيجة كانت مفاجأة للجميع؛ فقد كانت شعوب الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الناس بؤسًا وليس سعادة ولم تحصل إلا على علامات متدنية، مع أننا نعرف كم هي الرفاهية الموجودة للفرد الأمريكي في بلده، والغريب جدًّا أن شعب نيجيريا هو الذي نال أكبر درجة من العلامات وكان هو أسعد الشعوب بالرغم من الفقر المدقع الذي يعانيه هذا الشعب!!!
“يجب أن لا يغرب عن البال أن المدنية الغربية الحديثة خابت في إرضاء النفوس، وأخفقت في إيجاد السعادة البشرية؛ فهبطت بالناس في هاوية الشقاء والارتباك؛ لأن جهود العلم الحديث موجهة إلى التدمير والإفناء، فهو بعيد والحالة هذه من أن يتصف بالكمال، أو أن يكون واسطة لخدمة الإنسانية كما كان في عهد الإسلام”.
تلك هي نتائج الاستقصاء الذي أجرته مجلة النيوز ويك الأمريكية حول أكثر شعوب العالم سعادة، حيث تربّع الشعب النيجيري الفقير ذو الأغلبية المسلمة على رأس القائمة التي تضم خمسًا وستين دولة، وتلته شعوب كل من: المكسيك، فنزويلا، سلفادور، بينما احتلّت الدول المتقدمة ـ أمام دهشة مُعدّي التقرير ـ مراكز متأخرة على سُلم السعادة، ولكننا قد نقف طويلًا أمام اعتراف معظم الأمريكيين المستجوبين في التقرير بأن السعادة لا تتعلق بالغنى والمال[1]، وهو ما يبدو مستغربًا في مجتمع براجماتي قام في تأسيسه على أكثر أشكال الرأسمالية تطرفًا؛ الأمر الذي دفع المجلة ذاتها فيما بعد لتقصي ظاهرة عودة الدين للانتشار في الولايات المتحدة[2]؛ لتدور التساؤلات من جديد حول السعي اللاهث للأمريكيين في البحث عن السعادة، عبر وصفات التأمل العابرة، والتي تؤخذ كجرعات لعلاج النفوس المتعبة.