معنى حصان طروادة
في الأساطير اليونانية القديمة، قام الإغريق بحصار طروادة مدّة عشر سنوات، واستعصت عليهم ولم يستطيعوا الدّخول إليها لشِدَّة ارتفاع أسوارها ومتانتها. ثم جاءت للإغريق فكرة عبقرية؛ فقاموا ببناء حصانٍ خشبي ضخمٍ جداً، يتجاوز ارتفاعه المئة متر؛ ووزنه يزيد عن ثلاثة أطنان؛ وكان مجوَّفاً من الداخل، ووضعوا الجنود في داخل الحصان الخشبي ووضعوا الحصان أما بوابة طروادة. ظنَّ الطرواديون أن هذا الحصان هو دليل سلام من الإغريقيين، فقاموا بإدخاله داخل أسوارهم واحتفلوا في ذلك اليوم بانتصارهم على الإغريق.
وبعد انتهاء الاحتفالات في الليل، نزل الجنود المختبئون في الحصان الخشبي وقاموا بقتل من قابلهم من الجنود وفتحوا البوابات وأدخلوا بقية الحيش الإغريقي، فقاموا بنهب المدينة وأخذ كل النساء والأطفال كعبيدٍ لهم، وكل هذه الحرب لأنّ أميراً من طروادة قام بخطف زوجة ملك إسبارطة الخائنة لأنّه أحبها، وأخذها معه إلى طروادة ليعيشا فيها. هذه القصة موجودة في الإلياذة التي رواها هوميروس، وأصحبت من أشهر قصص الخدع في الحرب.
في وقتنا الحاضر، يتم استخدام مصطلح “حصان طروادة” كناية عن الخدعة والاحتيال. وفي زمننا الحالي يوجد نوع من قرصنة الحواسيب اُطلِق عليها مصطلح حصان طروادة، أو كما يسميها العامة “تروجن”، وهي عبارة عن برنامج كمبيوتر ذو شيفرة خاصة، يتم زرعة في الحاسوب ليقوم بأعمال غير مرغوبة لصاحب الحاسوب، كالتجسُّس على محتويات جهازه أو إضعافه؛ وفي بعض الحالات محو البيانات الموجودة أو حتى إتلافه بالكامل. وسبب التسمية تأتي من القصة الأصلية، فالبرنامج التروجن يدخل الجهاز كبرنامج عادي له وظائف محددة، ثم يبدأ بالأعمال التخريبية أو التجسُّسِية التي صُمِّمَ لها.
لعل الكثيرين يتساءلون، لماذا قام الإغريق بعمل التمثال على هيئة حصان وليس أي شكلٍ آخر؟ فقد كان باستطاعتهم أن يصنعوه بأي هيئة، ولكن لماذا الحصان؟ لأن الحصان كان له مكانة خاصة عند أهل طروادة من التكريم والقداسة والاحترام. وهذا نموذج على أن العدو إذا لم يستطع هزيمتك لمَنْعَتِكَ عليه، فقد يستغل أي شيء عزيز أو مقدَّس لديك؛ ويقوم باستغلاله لهزيمتك والظَّفَر بك. وهذه هي العبرة المستوحاة من هذه القصة، فلا تكن ساذجاً كأهل طروادة الذين أعماهم تقديسهم للحصان وادَّى ذلك إلى هزيمتهم شرَّ هزيمة.
عدوّك لن يدَّخر جهداً في سبيل أن يدخل إلى خباياك ويعرف مواطن ضعفك ليُقَوِّضها ويهزمك، فكن أنت الأذكى والأقوى، وخذ حذرك من أي غريب أو حتى قريب يحاول أن يسير بك إلى طريق لا تعرفه، واحذر كل الحَذَر من أن تدخل طريقاً قد تَظُنُّه على ما تعرفه من خير، ولكنه حصان طروادة للدخول إلى أعماقك وهزيمتك من داخلك، فتصبح مكسوراً مدحوراً.