ما هو العقل
فالعقل عالم المعاني والمعاني هي مجموعة المعارف الحسية والإدراكات في المستوى الحسي للفهم، ويتم بناء ذلك العالم عن طريق التعليم والتعلم المستمر حتى يصبح لديه حصيلة من المعاني التي توصله إلى القدر الذي نستطيع اعتباره فيه عاقلاً.
والمرحلة الثانية في البناء هي مرحلة بناء معان جديدة لزيادة مستوى العقل وتتطلب من الإنسان بناء المعاني بنفسه وإضافتها إلى البناء السابق وإيجاد معرفة حسية جديدة فإدراك حسي مقابل تكوين معنى جديد.
وتتواصل عمليّة تكوين المعاني إلى مرحلة متقدّمة من التعلّم كعمليّة سريعة تعتمد الفهم والذهن والعقل وهذه المرحلة تتعلق بالبحث عن المعاني لرفع مستوى العقل، أي البحث عن المعارف العقليّة والكلامية وليس الحسية فقط كما هو الحال في مستوى الفهم الحسي والإحساس ونلاحظ في المعاني اللغوية لكلمة العقل أنها إسماً وصفة قيمية أو فعل.
التوضيح:
1. الاسم والصّفة القيميّة:العقل:(هو الحابس عن ذميم القول والفعل) تعريف ابن فارس. (الحجر والنهى، ضد الحق ، القلب). تعريف ابن منظور.
2.الفعل: العقل: (عقل يعقل عَقلاً، إذا عرف ما كان يجهله قبل) تعريف ابن فارس تعريف ابن منظور (العقل هو التميز، وعقل الشيء يَعقِلُه عقلاً:فهمه).
ما يهمّنا هنا ونلاحظه من التّعاريف اللغوية أن كلمة العقل وهي اسم وصفة قيمية أو فعل متحقق في التعريف السابق من أن العقل هو بنية معان. فبنية المعاني المتكونة تؤدّي دور الاسم والصفة والقيمية عندما تؤهل صاحبها أن يعتبر عاقلاً وراشداً أو حكيماً. فمن وجدت فيه بنية وقدر معين من المعاني سمّي عاقلاً ووصف بالعقل وهي صفة حميدة قيمية فبنية المعاني المتكوّنة هي العقل، ولكن كونها بنية يدل على أنها لم تتكون عشوائياً أو بالجمع غير المنتظم بل عن طريق الجمع المنتظم والربط المنسق والإمساك والحجر للمعاني بتقدير واتقان، هذا من ناحية دلالة البنية على معنى الفعل.
أما من ناحية دلالة كلمة المعاني على معنى الفعل فهي أكثر وضوحاً ذلك أن معنى المعنى هو إدراك المعرفة وما دام أن العقل بنية معان إذ هو بنية إدراكات المعارف. ومعروف أن المعرفة فعل لأنها استقبال للمعطيات الخارجية والإدراك فعل الجهاز العصبي وعليه فإن لكلمة المعاني دلالة واضحة على الفعل في طريقة تكوينها وهي عمليّة الفهم، والفهم منهج وفعل وأداة.
والمعنى فعل عندما يكون هو الفهم، والمعنى اسم عندما يكون معنى مختزناً في الذاكرة والقلب والذهن، وعليه فإن هذا التعريف للعقل من كونه بنية معان فيه دلالة الاسم والصّفة والفعل.
وإذا كان لا بد أن يكون العقل اسماً أو فعلاً أو صفة أي في الدّلالة على الشيئيّة أو الفاعليّة أو الصّفة القيميّة وبالرغم من أن تعريفنا يتضمن المعاني الثلاثة نختار أن يكون فعلاً ونختار أن تكون كلمة القلب اسماً له فيكون العقل فهماً والقلب اسماً والرشد صفة كان هذا تفسيراً لمعنى العقل وعمله وحتى يطلق على الإنسان أنّه عاقل والفرق بين الفهم والعقل من حيث إنه طريق إلى العقل.