ما أسباب عدم استجابة الدعاء
لا شيء أقسى على نفس المسلم التقي من أن يكون دعاءه لربّه غير مستجاباً ، ففي الحديث المأثور الاستعاذة من دعاء لا يسمع ، وفي محكم التنزيل على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام قوله حين اعتزل ما يبعد قومه من الأصنام والكفر ( عسى ألا أكون بدعائك رب شقيا ) ، فعدم استجابة الدعاء هو من شقاء النفس بلا شك ، ذلك أن النفس السعيدة المطمئنة بربها وقربه هي النفس التي إذا دعت الرحمن أجابها وإذا سألته أعطاها مسألتها ، وإن المسلم يسعى لأن يكون مستجاب الدعوة لأن استجابة الدعاء من علامات صلاح النفس وتقواها ، وقد كان بعض الصحابة يتميّزون بأنّهم مستجابي الدّعوة ومن بينهم سيدنا سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه حين آذاه أحد الجهال في عرضه فدعا عليه أن يطيل الله عمره وأن يعرضه للفتن وأن يعمي بصره ، وقد كان ذلك كله فكان يراه الناس في الأسواق يتتبع الجواري يغازلهم وقد كان شيخا كبيرا هرما أعمى البصر ، وهو يردد شيخ كبير اصابته دعوة سعد ، ولا شك بان لعدم استجابة الدعاء أسباب ، فما هي تلك الأسباب التي ينبغي على المسلم معرفتها حتى يجنبها ؟.
المال والكسب الحرام ، فالإنسان حين يكون مطعمه وملبسه حلال فإنّه بلا شك يكن مستجاب الدعوة ، وعندما لا يتحرى الحلال والحرام في الكسب فتراه ينغمس في البحث عن الرزق من أسباب لا ترضى الرحمن جل وعلا ، كالكسب من القمار والميسر أو المراهنة الباطلة ، أو أكل أموال الناس بالباطل وأخذ حقوقهم ، وكل هذه الصور من الكسب الحرام هي مما يوجب غضب الرب على العبد ، وبالتالي فإنه يحرم من استجابة الدعاء ، وإن وقف بباب الله تعالى يدعوه أشعث أغبر فأنّى يستجاب له كما بين النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حال ثلاثة لا يستجيب الله دعاءهم ، وأحدهم من يكون عنده امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ذلك بأن الله تعالى قد جعله أمر الطلاق وهو الحل بيده ، والآخر من أعطى ماله سفيها من الناس فضيعه ، فهو يدعو الله فلا يستجاب له لأن الله تعالى قال ( ولا تأتوا السفهاء أموالكم ) ، وأخيراً رجل داين رجلاً مالاً فلم يكتب عليه ، فيدعو الله فلا يستجاب له لأن الله أمر بكتابة الدين ، جعلنا الله جميعاً ممن يستجيب الله دعاءه .