كبرياء فاتنة 2019
ملأت سحب سجائره المكان , وصبغت غرفته بلون رمادي ,
نظرة الحزن تختزن دمعة , رفضت أن تنسكب من عين والدتي , و هي ترى مدللها يعاني ,
وكم تمنت أن تقبض على رقبة تلك التي شغلت ليله , و نهاره , وصبت فيهما حزنا , و خيبه.
لم تكلمه أمي , و لم تتحرك من مكانها , بل ارتشفت من فنجان الشاي رشفة , و شغلت نفسها بتلك المجلة ,
و أسئلة تتسارع أمام مخيلتها :
– ألم تلقي الفتيات الجميلات كرامتهن تحت قدميه ؟ لماذا يعذب نفسه ؟
أكان من اللازم أن ينتظرها حتى تصفعه تلك الصفعة ؟
ليتذوق طعم الصد و المهانة كما أراد .
و كان التحدي القابع في عينيه يصرخ قائلا :
– لم ترفض أن ترف عيناها نحوى ؟
ما الذي يعيبني ؟
و أنا خير شباب الحي نسبا , و حسبا , و مالا , و جمالا ؟
و نظرات العتاب في عيني تقول :
– إذن لقد تماديت ؟
و كان لسان العنفوان في شبابه يتفجر ناطقا :
– ما استطعت احتمال تجاهلها
و ارتضيت لنفسي أن أكون رسولا للشيطان ,
كان حبي لأخي يدفعني للمحاولة , أريد كشف سرها ,
و كنت أحدث نفسي قائلة :
ليست بذات دين .. بل هي من أكثر الناس بعدا عن التدين ,
وهي من تأتينا بكل جديد , و لافت في عالم الأزياء , فلتصحب أخي و ليكونا صديقين كما أراد .
و ارتضيت لصديقتي , ما لا أرتضيه لنفسي , زرتها , و كلمتها عن رغبته بكل وضوح .
ابتسمت قائلة :
– لا يا عزيزتي , لست أرى عيبا فيه , إنما هو حبّ قديم و لست ممن يخون .
قلت مستفسرة مندهشة :
– أهو سرّ , و تخفينه عنّي ؟
– لا أبدا , حبيبي القديم والد رباني , أفنى العمر في خدمتي و إخواني, من كان وجوده بهجة لروحي و جنة وجداني ,
أتراني أرد الجميل , بجرح في كرامته , و أخفض الرأس الذي ما زال يرعاني .
كدت أذوب خجلا , أكبرتها , و كم لمت نفسي حينها ,
وعندما حاولت الاعتذار , غابت صديقتي في رحلتها الدراسية , و فرقتنا الأقدار .
و التقيا بعد سنين , لم يتمادى , و لم تصفعه ,
لم تشح بوجهها كبرياء , و لم يملأ غرفته بسحب الدخان ,,
كان حصنها منيعا هذه المرة :
” حجاب بديع , و حياء ساحر ”
أخفضت الرأس , و سارت في طريقها ,
لم يكن لها اليوم حبيب واحد , بل أكثر , أحبت حجابا صانها , أحبت دينا أسعدها ,
و أحبت , و عرفت الله , و لن تعصيه بعد أن هداها .