طريقة فحص ماقبل الزواج
الفحص المعمول به حالياً للمقبلين على الزّواج وهو اجباريّاً، يقتصر على فحص نسبة الهيموجلوبين فى الدّم وحجم كرات الدم الحمراء ومن هذين الفحصين البسيطين إن كانا طبيعين يفترض أن المريض خال من مرض الثلاسيميا. أمّا إذا كان فيهما خلل فيطلب منهما عمل فحص آخر وهو عمل تحاليل الدّم المفصلة لأنواع الهيموجلوبين عن طريق الفصل الكهربائى (hemoglobin electrophoresis) .
هذا هو ملخّص الفحص الذى يطلب من المقبلين على الزواج عمله. لكن هل هذا الفحص كافي لتجنب جميع نتائج الرباط الزوجي.؟ بالطبع لا. ففحوصات ماقبل الزواج تبدأ بهذا الفحص ولكنّها فى الحقيقة تمتد إلى أكثر من ذلك بكثير. فيمكن أن تقسّم فحوصات ماقبل الزواج إلى ثلاثة أقسام رئيسيّة:
1. القسم الأول : فحوصات لتجنّب الأمراض الوراثية.
2. قحوصات لمعرفة قدرة المقبلين على الزواج على إنجاب أطفال.
3. فحوصات لمعرفة إن كان أي من الطرفين يحمل أمراضاً قابلة للنقل من طرف إلى آخر عن طريق الإتصال الجنسي أو المخالطلة اللاصقة. وللتوضيح يجب نقاش كل قسم على حدة.
فالقسم الأول : الفحوصات الوراثية التى يجب عملها إلى جانب الثلاسيما هى باقي فحوصات الدّم وتكسرها. فثلاسيما الدّم هو مرض ينقل عن طريق الوراثة ويؤثّر على عمر كريات الدّم الحمراء. ففى مرض الثلاسيما تحصل طفرة فى مكونات الهيمغلوبين مما يسبب إلى تكسّر فى خلايا كرات الدم الحمراء فيحاول الجسم أن يعوض هذا النقص عن طريق زيادة تكاثر كرات الدّم الحمراء وبالتّالي تصبح كثير من عظام الجسم وأعضاؤه هى مصنع للنخاع العظمى مما يؤدّي إلى انتفاخ جمجمة الرأس و كبر الطحال والكبد. ولكن كل هذا الانتاج الكبير من كرات الدم الحمراء يفشل فى تعويض الهلاك الذى تتعرّض له كرات الدم الحمراء. فيضطر الطبيب الى نقل الدم الى المريض بصفة مستمرة. ونقل الدّم عادة مايكون مصحوباً بازدياد الحديد فى جسم المصاب مما يسبب له ضرراً بالغاً على الكبد والقلب أو الفرصة للإصابة بالتهابات فيروسية للكبد. وغالباً ما ينتهى الأمر بالمصابين بهذا المرض إلى الوفاة عادةً فى العقد الثالث من العمر إلا إذا أجريت لهم عملية زرع نخاع جديدة. ولعل مرض الثلاسيما ليس هو المرض الوحيد الذى يصيب الدّم ولكنه الأكثر انتشاراً هنا فى الأردن. ولكن هناك مرض لايقل عنه انتشاراً خاصّة فى دول الخليج العربي وهو ألأنيميا المنجلية، وهو كذلك ينتج عن طفرة جينية للهيمغلوبين مما يؤدى الى تقريبا نفس أعراض مرض الثلاسيما. أما الأمراض الوراثية الأخرى فيكون الفحص عادة انتقائيا طبقا لظروف كل عائلة. فينصح للمقبلين على الزواج أن يفتشوا فى أمراض العائلة فإن وجدوا أنّ هناك مرضاً وراثياً موجوداً بالعائلة فينصح باستشارة أخصائي وراثة عن الطّرق الوراثيّة لنقل هذا المرض وكيفيّة فحصه. ولعلني أسرد هنا قصة اثنين جاءا لي إلى المختبر لفحص مرض عضلي وراثي يصيب كثيراً من أهل الزّوج وهو مرض Myotonic Dystrophica فعندما أقبل الخطيب على خطيبته وجد أنّ أحد عائلة الخطيبة به مرض عضلي ولكنه لم يتين له التشخيص لطبيعة المرض العضلى الموجود فى أقارب الخطيبة فأوجس خيفة من أن تكون خطيبته حاملة لنفس المرض العضلى الموجود في عائلته. فعندما جاءا الى المختبر تم فحص جين مرض Myotonica dystrophica فتبين لنا أنّه لايحمل أي منهما المرض فتم الزواج باطمئنان من الطرفين من أن ذريتهم لن تكون مصابة بمثل هذا المرض العضلي .
القسم الثاني: الفحوصات اللازمة لمعرفة إن كان هناك قدرة على الإنجاب من الطرفين. وينصح بهذه الحالة بشدّة إن كان الطرفين يرغبون بالإنجاب . وحتى لايصاب أي من الطرفين بكآبة تملأ عليه حياته إن وجد أنّ قرينه لايستطيع الإنجاب أو يستطيع ولكن عن طريق أطفال الأنابيب. و يجب أن تشمل هذه الفحوصات فحص الحيوانات المنوية عند الرجل لمعرفة عدد الحيوانات المنوية ونسبة الحويانات المنوية السليمة ونسبة الحركة الفاعلة فيها. كما ينصح بعمل هرمونات الذّكورة للإطمئنان على الوضع الصحّي للإنجاب.
أمّا للأنثى فينصح بشدة عمل هرمون FSH فى اليوم الثالث من الدّورة الشهرية بالإضافة إلى فحوصات الهرمونات الأخرى المنظمة للدورة. وإن كانت الأنثى تعاني من زيادة الشعر فينصح لها أن تعمل مجموعة فحوصات الشعر الزائدة. وقد أعجبت يوماً بأب لخطيبة من سكان جرش أن طلب من خطيب ابنته أن يعمل فحص الحيوانات المنوية. وعندما أجرى الفحص تبيّن أن الخطيب ليس له قدرة على الانجاب بصورة طبيعية مما أدّى ذلك إلى عدم الارتباط بينهما لأنّه ولو تم الأرتباط فى هذه الحالة فانه كان سيؤدّي إلى الطلاق السريع إن اكتشف أحدهما أن الطرف الآخر لاينجب.
القسم الثالث: فحوصات الأمراض القابلة للإنتشار عن طريق الإتّصال الجنسي فهي من حق كل طرف يريد الإرتباط بالطّرف الآخر أن يكون على علم مسبق و كامل بمجموع حالة هذه الأمراض عند قرينه قبل الإتّصال به حتى لايشعر بالغبن أو أنّ حياته فى خطر مستمر. ومن هذه الفحوصات هى عمل وظائف الكبد و التهاب الكبد الويائى B and C و الالتهابات الجنسيّة بالإضافة إلى أمراض الكلى المزمنة. فإن كان أحدهما مصاب بالتهاب الكبد الفيروس B فينصح بشدّة للطرف الآخر أن يأخذ مطعوم التهاب الكبد للفيروس B والمتوفّر الآن حاليّاً وبأسعار زهيدة فى معظم الصيدليات وذلك إذا أراد الإرتباط بالطرف المصاب. أمّا إن كان أحدهم يحمل التهاب الكبد C فيجب أن يعلم زوجه ذلك وان كان فرصة انتقال هذا الفيروس عن طريق الاتصال الجنسى ضئيلة. أمّا الإلتهابات الجنسية الأخرى فأكثر هذه الأمراض خطورة هى مرض الزهري ومرض الهيربس الجنسي. فينصح إن كان أحدهما يشك أنّ الطرف الآخر يحمل أحد هذين المرضين أن يطلب من قرينه الفحص لهما خاصةً إنّ الإنتشار بين الطرفين لهذين المرضين أسرع بكثير من أي أمراض أخرى. من كل هذا يتبيّن لنا أنّ فحوصات ماقبل الزّواج تبدأ بفحص الدّم لمرض الثلاسيما ولكنّها تمتد إلى أكثر من ذلك بناءً على رغبة المقبلين على الزواج لمعرفة الكثير عمّن يودّون الإقتران بهم.