طارق بن زياد
طارق بن زياد
يعدّ طارق بن زياد من أفضل القادة العسكريين المسلمين وأشهرهم في التّاريخ، عرف بصدقه وإخلاصه وبسالته، ولا تزال المعالم المسمّاة باسمه شاهدةً على حضوره فيها إلى يومنا هذا، فقد حقّق العديد من الانتصارات والفتوحات الإسلاميّة، ومن أعظم انتصاراته فتح شبه الجزيرة الأيبيريّة خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 711 و718م. وهو الّذي أنهى حكم القوط الغربيين لهسبانيا، ولهذا بقي الأيبيريّون يفتخرون به فسيرته العسكريّة لا زالت من أنجح السّير.
في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك، كان موسى بن نصير والي أفريقيا، وكان طارق بن زياد أحد مواليه، رأى موسى بن نصير في طارق ين زياد من العدالة والحكمة والصّدق ما يحتاجه منصب الأمير، فعيّنه أميراً على بُرقة بعد مقتل أميرها إلّا أن طارق بن زياد لم يمكث طويلاً في هذا المنصب، فقوّته و شجاعته جعلا موسى بن نصير يرى فيه منصباً آخر فسرعان ما ولّاه قيادة الجيش فكان عند حسن ظنّه تماماً بل إنّه حقّق ما لم يستطع موسى بن نصير أن يتوقّعه منه، ما جعله يُنَصِّبُه قائداً لجيوش المغرب الأوسط ولم يلبث أن جُعِلَ في هذا المنصب حتى بدأ يُفكّر في فتح شمال أفريقيا، ففتحها وكانت له ولاية طنجة مكافئةً على إخلاصه.
أحلام هذا الفارس لم تكن لتتوقّف، وبدأ يخطّط لاجتياز الماء الّذي يحول بينه وبين مدينة سبتة التي يحكمها القوط، جهّز طارق بن زياد جيشاً من سبعة آلاف مقاتل، وكان أمراً ملفتاً أنّ هذا الجيش تكوَّن من عدّة عروق فلم يكن ليهتمّّ بعرق جنوده بقدر اهتمامه بإخلاص جنوده لدينهم وحبّهم لنيل الشّهادة في سبيل الله، عبر الجيش الماء فسمّي ذلك المضيق المائي الواقع بين البحر المتوسّط والمحيط الأطلسي باسمه (مضيق طارق بن زياد )، ونزل الجيش على جبل في رأس شبه الجزيرة الأيبريَّة، سمّي هذا الجبل بجبل طارق ولا يزال باسمه إلى الآن رغم التّحريف الإنجليزي الواقع على الاسم Gibraltar (جبرلتار).
جرت معركة طاحنة مع القوطيّين في 28 رمضان، 92 هجري أي 19 يوليو لعام 711 ميلادي عند وادي لكّة، وانتصر فيها جيش الأمير طارق بن زياد انتصاراً حاسماً وتمَّ فيها القضاء على الجيش القوطي.
جبل طارق بن زياد
يقع جبل طارق في أقصى جنوب أيبيريا في منطقة مستوحاة من اسمه جبرلتار، وهي تابعة لحكم بريطانيا الآن وعضو في الاتحاد الأوروبي وكان قد تعاقب على حكمها قديماً الإسبان والرّومان والمسلمون الّذين حكموها لأربعة قرون، وقد أصدر البنك المركزي البريطاني لحكومة جبل طارق عام 2012 ورقة ماليّة من فئة الخمس جنيهات إسترلينيّة تحمل صورة القائد المسلم طارق بن زياد حاملاً لسيفه، وسيبقى المضيق يُعرف اسمه والجبل.