سمكة راس الافعى
يحيا البشر على ظهر هذا الكوكب كجنس مختلف من أجناس الكائنات الحية، التي تقدَّر بعشرات الآلاف، ولقد بذل العلماء جهودًا مضنية استمرت مئات السنوات، ولا زالت مستمرة في تصنيف، هذهِ الأعداد اللامتناهية من المخلوقات الأرضية، ولو أنَّنا وقفنا للحظة وتأملنا، هذهِ المخلوقات الرائعة، المختلفة في الأحجام، والأشكال والصفات، والتي يحمل كلٌّ منها معجزته الخاصة في طريقة حياته، لقادنا ذلك إلى خالق عظيم، وفي هذا المقال أتحدث عن أحدى هذهِ المخلوقات الغريبة والتي تسمى “سمكةُ الأفعى” وعن صفاتها وشكلها وطريقة حياتها.
ينتمي هذا المخلوق إلى فصيلة الأسماك، وسميَ بهذا الإسم لأنَّ رأسهُ تشبه رأس الأفعى، ويتعارف عنه باسم آخر وهو “قوس قزح”، تعيش هذهِ السمكة في المياه العذبة، وهي صغير الحجم بحدود 20 سنتميتر، مع ذلك فهي عدوانية جدًا وخطية، حيث أنّها تصنَّف في أخطر عشر أسماك على الأرض.
تتواجد في حوض نهر اسام براهمابوترا، وتتواجد في مناطق بها أماكن مناسبة للاختباء، وتتعيشِ عادة على عمق متوسط من المياه، تتميز بعض منها بلون أسود قاتم، مع وجود أجزاء مضيئة من أجسادها، لأغراض التغذية والافتراس، بذات ذلك العمود المضيء الذي يتدلى من جسمها، فهي تقرِّبه من الفريسة التي تريدها، في وقت تكون فيهِ الإضاءة ضعيفة، وتغريه للاقتراب، وعندما يقترب بدرجة كافية تنقضُّ عليها، وتحدث عملية الإضاءة بواسطة تفاعلات كيميائية تسمى “bioluminescence “، وتسمَّى الأعضاء المضيئة في جسم سمكة الأفعى “photophores”، وعلى النقيض فهناك أنواع أخرى من سمكة الأفعى وبعض الأسماك التي تنتمي لفصيلها، ليسَ لها لون، لانعدام الصبغة التي تعطي الجلد لونه، وبذلكَ تكون شفافةً تمامًا يمكن الرؤية من خلالها، كما وتمتاز بعينين كبيرتين قادرتين على تجميع أكبر كمية من الضوء، بالذات في المناطق التي تكون الإضاءة بها منخفضة جدًا، أو تنعدم فيها الإضاءة، وهي مسلَّحة بأسنان حادة كأسنان القرش، ويمكنها في حالات الصيد المكشوف، أن تسير بضعة خطوات على اليابسة، وتكمن خطورة سمكة الأفعى أنّها تلتهم كل ما تجده في طريقها، ولكونها عنيدة وغامضة وتتحرك بسرعة، لذلك يسمها البعض “السمكة الخبيثة”، وقد وُجدَ أنَّ هذهِ السمكة تهدد حياة الكائنات البحرية، لذلك يسعى الكثير من العلماء والصيادين في أمريكا لإيجاد حل لها.
وبالرغم من خطورة هذهِ السمكة وعدوانها الشديد، إلّا أنّها تظل محط أنظار العلماء، والباحثين، لغرابتها، وقدرتها العالية على الصيد، والهجوم، والأسلحة الخطيرة التي تمتلكها، كما أنّها تظل فرصة كبيرة لتأمُّل خلق الله، الذي لم يخلق كائن حي، إلّا ومعه كل المقومات للعيش، في بيئته المناسبة، وحباهُوسائلَ للبقاء على قيد الحياة، حتّى في أسوأ الظروف، مثلُا في قاع المحيطات المعتمة، وفي أشد المناطق حرارة، وأشد المناطق برودة، وحتّى في أشدّ المناطق خطورة مثلّ بعض البكتيريا التي تعيش حول البراكين اللاهبة، فسبحان الله الذي جعل هذا المخلوق بأنياب وذلك بمخالب وآخر بفراء، ووهبنا عقلًا لنتفكر في خلقه.