دراسة تاريخ الفكر التربوي
تاريخ الفِكرِ التربوي
الإنسان فِي مُختلف المراحِل مُنذُ بدايَةِ خلقهِ إلى يومنا هذا مَرّ بالكثير من التطوّرات ومنها التربية التي مرّت بأطوار ومراحلٍ كثيرة؛ فالتربية قديمة مُنذُ قِدَم الإنسان، وكانت في البدايات عبارة عن أطفال وأجيال يتعلّمون مِنَ العادات والخبرات القبليّة مِثلَ (الصيد، والرعي، والزراعة، والحرف، وأساليب القتال، والصناعة، …)، وكان هذا التعليم مرتبطاً ارتباطاً كبيراً بالطقوس والعادات الدينيّة التي كانت تتّبعها القبيلة، فكانَ التعليمُ سابقاً مرتَبِطاً ارتباطاً كلّياً بالواقع الذي كانوا يعيشونَ فيه.
ومع تطوّر التربية وهو الأمر الّذي يظهر فِي عصرنا الحالي أصبحَت طرق التربية والتعليم المُتّبعة فِي المدارس والجامعات بعيدة كُلّ البعد عَنِ الحياةِ العمليّة والواقع؛ لذلك ينصدم الجيل الجديد من الواقع الّذي يراهُ، وهو من أحد مشاكلنا في هذا العصر، وذلك يعود إلى أنّ التربية غرقَت فِي معرِفَةِ النظريّات الكُتبيّة وَهُوَ سببُ انفصالِ المَعرفة عن الواقع، ولذلك مِن خِلالِ مَوسوعة موضوع سنقوم بالتطرّق إلى أهميّة دراسةِ تاريخ الفكر التربوي مُنذُ العصور القديمة إلى يومنا هذا، ومدى تأثيره على التربية والتعليم فِي مُجتمعاتنا.
أهميّة دراسة تاريخ الفكر التربوي
يَجِب أن تكون هناك دراسة فكريّة للتربية ومدى تأثيرها على مجتمعاتنا؛ فَهِيَ نُقطَةٍ فِي غايةِ الأهميّة، لأنّ معرِفَةِ طريقَةِ التربية والتعليم السّليمة هُوَ ما يُخرّج أجيالاً مِنَ المُتَعلّمين الّذين يعرِفُونَ الواقع وكيف يستفيدونَ من المعرفة فِي حياتهم اليوميّة، ولهذا أهَميّة دراسَةِ تاريخ الفكر التربوي تكمن في:
- الحفاظِ على التراث والفكرِ الصحيح للمُجتَمَع:
مجتمعاتُنا الإسلاميّة تحديداً لها فِكرٌ إسلامي مَبني على أسسٍ صحيحة مأخوذَةٍ مِن كلامِ الله تعالى وكلامِ الرسول صلى الله عليهِ وسلّم، فعندَما نهتَمّ بالحفاظِ على هذه المَبادِئ والأسس الرفيعة نحنُ ننقذ الأجيال القادمة من الهلاك والضياع والتبعيّة دون وعي، وهذا ما يجعل مُجتمعاتنا الإسلاميّة مُتَخَلّفة، ولا يُمكن أن تتطوّر البلاد الإسلاميّة دون أن تحافظ على التراث الإسلامي.
وعندما نقوم بدراسَةِ تاريخ الفكر التربوي الإسلامي القديم مُنذُ ظهورِ سيّدنا مُحمّد لِيومِنا هذا لرأينا اختلافاً كبيراً، وكيف كانت البلاد الإسلاميّة مزدَهِرة وعلى قمم الأمم، ولذلك يجب معرفةِ الفكر القديم وأخذِ الجوانب الجيّدةِ مِنه، ونقله إلى الجيل الجديد مَع إمكانِيّة انخراطِ الجيل الجديد بالبيئة والعصرِ الذي يعيشونهُ لكي يفتح لهم مجال إدراك ووعي المعرفة فِي حياتهم؛ لأنّ الدولة التي لا تهتم ولا تجعل العلم أساس تطوّرها وَمِن أسُسُ مكانتها بينَ الدول هِيَ دولةٌ لا يٌمكِن أن تتطوّر، وستبقى مُتَخَلّفة تأخُذُ العلم والمعرفة بالنقلِ دون وعي وفهم وإدراك جوانبهِ من الحياة.
- تحديد اتجاهات الحضارة:
نَحنُ مُجتمع لهُ قواعدهُ، وهي معروفةٌ منذ الأزل، وَهِيَ عِمارةُ الأرض بالمعرِفَة والعمل والاجتهاد والإخلاص كما ذُكِرَ فِي القرآن الكريم، ومن غَيرِ هذِهِ القَواعد لا يٌمكن توجيهِ الحضارة إلى الخَطّ المُستَقِيم، وإلاّ سنضيعُ كما نحنُ اليوم نتعلّم التبعيّة دونَ إدراك القواعد التي بناها الله تعالى لحياتنا.
- دراسَةِ أفكارِ العلماء والفلاسفة القدماء:
يجب أن نفهم هذه الفلسفة القديمة، وكيف ظهرت، ومدى تأثيرها، وطريقةِ الاستفادةِ منها؛ فعلى سبيلِ المثال أمريكا قد بنتها الفلسفة، وأوروبا قد بناها التاريخ والحضارة والعَمَل، ونحن المسلمين هدفنا عِمَارَةُ الأرض وَهُوَ سَبَبُ خلقِنا؛ ولكن هذا الأمر غير موجود عندنا في الوقت الحالي، لذلِكَ يَجِب وضعِ تربيَة وفكرٍ سَليم لجَعلِ الأجيال القادمة أكثرَ قُدرَةٍ على التغيير وتوجيهِ الأمّةِ الإسلاميّة كأمّة واحدة وفردٍ واحد وليسَ أكثَرَ من دولَةٍ وحزب، وإلاّ سنبقى كما نَحنُ فِي الوقتِ الحالي عِبارَة عَن دولٍ ودويلاتٍ بينَ دول إلى طريقِ الضّياعِ والهَلاك.