العناية بالصحة العقلية ، الصحة العقلية فى خطر ، الصحه العقلية
تعتبر مرحلة المراهقة من أخطر المراحل العمرية في حياة الإنسان، لأنها بمثابة فترة انتقالية بين عالم الأطفال وعالم البالغين، وفيها يشعر المرء بالحيرة لأنه يدرك أنه لم يعد ينتمي بعد الآن لعالم الصغار، لكنه لم يحصل بعد بشكل كامل على رخصة تتيح له التصرف كالكبار، كما يمر فيها – وخاصة الفتيات- بالكثير من التغيرات الجسدية والسيكولوجية التي تعد عامل ضغط لا يستهان به على الأعصاب.
ونظرا لكل ذلك، فقد ركزت الكثير من الأبحاث والدراسات على رصد وتحليل أبرز السمات التي يتصف بها المراهقون، وأهم المخاطر التي يتعرضون لها في هذه السنوات الحرجة من عمرهم.
وقد كشف أحد الأبحاث أن الصحة العقلية والاستقرار العاطفي للفتاة في مرحلة ما قبل العشرين من العمر تكون في خطر نتيجة تعرضها للكثير من الضغوط النفسية من اتجاهات مختلفة.
وقد ذكر الباحثون في تقريرهم الذي قدموه لمؤسسة الصحة العقلية البريطانية أن الفتيات يشعرن بضغط عصبي يدفعهن دائما لارتداء ملابس تجعلهن يبدين أكبر من عمرهن الحقيقي رغبة منهن في الانضمام سريعا لعالم الفتيات البالغات، وتعبيرا عن اشتياقهن لتلقي الإعجاب والإطراء من الجنس الآخر، وبصفة خاصة من هم أكبر منهن عمرا.
ومن جهة أخرى فإن المجلات ومواقع الإنترنت المتخصصة في صحة ولياقة المراهقين تبالغ غالبا في مخاطبة المراهقات بلغة تسبب لهن الرعب لأنها تركز على نصائح فقد الوزن، أو توجيههن لاستخدام مستحضرات التجميل رغم أن الوقت قد يكون مبكرا على هذا الأمر. وقد ركز الباحثون على وصف هذه الممارسات بالذات بأنها تمثل ضغوطا مدمرة على الصحة النفسية والعقلية للفتيات في هذه المرحلة السنية الحرجة.
وعلى جانب آخر فإن الحملات الإعلانية المكثفة والبراقة بالإضافة إلى الغيرة من القرينات تشعل رغبة الفتيات الجامحة في الحصول على المال للتمكن من الحصول على أحدث صيحات الموضة في الملابس والإكسسوارات، وأيضا أحدث المنتجات الإلكترونية الحديثة كالآي فون أو الآي باد وغيرهما. وهذا يعرض المراهقات كذلك لضغوط قوية للغاية.
فقد قام الباحثون بعرض حملة دعاية وإعلان مكثفة للأزياء ومستحضرات التجميل على عينة من المراهقات المشاركات في الدراسة واللاتي يبلغن الرابعة عشرة من عمرهن ، وبعد ذلك تم سؤالهن عن المشاعر التي تولدت بداخلهن بعد مشاهدة هذه الإعلانات، فكانت إجابة 20% منهن أنهن شعرن بالغضب والحزن، في حين أن 25% منهن شعرن بالقلق والتوتر، ونفس النسبة تقريبا وجهن اللوم لأنفسهن لأنهن رأين أنفسهن أقل جاذبية وجمالا وأناقة من العارضات اللاتي ظهرن بالإعلانات.
ومن العوامل الأخرى التي تشكل ضغوطا على الصحة النفسية والعقلية للمراهقات تحرش بعض المشاغبات بهن في المدرسة أو النادي، وكذلك المشاكل الأسرية، والقلق من عدم الارتقاء لمستوى توقعات الأهل. لكن الامتحانات تفوقت على كل هذه العوامل حيث ذكرت 75% من الفتيات المشاركات في هذه الدراسة أنهن يعانين من خوف وتوتر شديدين كلما اقترب موعد الامتحانات.
وقد علق المشرف على هذا البحث قائلا إنه يجب على كل المقربين من الفتاة المراهقة ومن يهتمون لأمرها أن يلعبوا دورا أساسيا في مساعدتها على تخفيف إحساسها بالتوتر والضغط العصبي المستمر الذي يمنعها بشكل أساسي من بناء شعور بالثقة في نفسها ويؤثر سلبا على توازنها العقلي والنفسي.
وعلى الأم بصفة خاصة مسئولية كبيرة نحو ابنتها، لذا يجب أن تحرص منذ البداية على إقامة علاقة صداقة متينة معها، حتى تطمئن لها الفتاة وتصارحها بكل ما يعتمل داخل نفسها، فالتنفيث عن مكنون النفس في حد ذاته يخفف الضغط العصبي إلى حد ما. ويأتي بعد ذلك دور الأم في دعم الفتاة ونصحها والحديث عنها بشكل إيجابي يساعدها على النظر إلى نفسها بنوع من الثقة