أين وأين؟.. بقلم هنادي الصديق
السودان اليوم:
إقالة قريبة تنتظر وزير الداخلية (المحبب والمقرب جداً) من قيادة الدولة أحمد بلال عثمان، بعد أن كشف أمام نواب المجلس الوطني أمس الأول عن وجود تسرب وصفه بالكبير واستقالات وسط منسوبي قوات الشرطة من ضباط وضباط صف وجنود بسبب ضعف المرتبات، مطالباً البرلمان بالوقوف مع وزارته لتحسين معاش رجال الشرطة بغية القيام بواجباتهم كاملة. نفس الوقفة ونفس العبارات ونفس الاستجداء مارسه وزير الخارجية السابق (ابراهيم غندور) الذي طرح قبل أشهر من الآن مشكلة مرتبات البعثات الديبلوماسية بالخارج وعدم صرف رواتب العاملين بها لسبعة أشهر كاملة، وهو ذات السبب الذي أطاح به من منصبه بعد يوم واحد فقط من حديثه للبرلمان.
معلوم ان دور الشرطة لا يقل عن دور الأجهزة النظيرة التي تماثلها في حفظ الأمن، إن لم يكن هو الأهم والذي يفترض أن يجد الأولوية من قيادة الدولة، باعتبار أن مهام الأجهزة الأخرى مقتصرة لحد كبير على حماية الوطن ، أما الشرطة فدورها حماية المجتمع والمواطن من المخاطر والجرائم التي تحدث بشكل يومي، فهل يضع النظام هذا الأمر نصب عينيه.
سبق وأن تحدثنا عن أهمية مساواة الأجهزة النظامية في المرتبات والمخصصات وتحسين أوضاعها مع منح الأولوية للشرطة باعتبارها الأكثر احتكاكا بالمواطن وبشكل يومي، لأنه مع (المرتبات) الضعيفة التي يأخذها الشرطي مقابل التي تُمنح لنظيره في الأجهزة الأخرى مؤكد سيشعر بالغبن، خاصة مع تزايد الضغوط المعيشية التي باتت تهدد جميع الرتب والوظائف وحتي ربات البيوت، ومن الطبيعي ان يتقدم الآلاف من رجال الشرطة بإستقالاتهم وان يحدث التسريب الذي جعل وزير الداخلية يهرول لقبة البرلمان مطالباً بإيقاف نزيف الكوادر الشرطية بتحسين اوضاعها. إهمال تحسين اوضاع رجال الشرطة من شأنه ان يؤدي لبروز الكثير من الظواهر السالبة كالرشوة وإستغلال النفوذ والسلطات في أقبح صورها، وسيؤدي لتنامي معدلات الجريمة في المجتمع، وهو ظل يحدث كثيراً.
الأمر المتوقع بالنسبة لي أن البطء سيلازم المعالجة كما حدث من قبل، وبالتالي هذا يعني تواصل تسرب قوات الشرطة حتى يصبح عما قريب سوداناً خالياً من القوات الشرطية، ولكن يبق السؤال الاكثر أهمية وفارضا نفسه بقوة، والذي لم يوجهه اي نائب بالبرلمان للوزير، طالما أن مرتبات قوات الشرطة هي الاضعف لماذا لم يتم تحسينها من موارد الشرطة التي يتم تحصيلها يومياً وبالمليارات؟
وبدوري أوجه السؤال لوزير الداخلية أحمد بلال عثمان، أين تذهب اموال الجمارك التي ارهقت كاهل التجار والمواطنين؟ وأين تذهب رسوم إستخراج وتجديد الجوازات والجنسية ؟ وأين توجهون رسوم استخراج رسوم الرقم الوطني وتأشيرات الخروج ؟ ولا ننسى رسوم تراخيص السيارات وتجديدها سنوياً ورسوم استخراج وتجديد الرخص للسائقين ؟ والأهم من كل ذلك أين تذهب رسوم المخالفات لغير المرخصين ولغير المجددين؟ ثم أين رسوم المخالفات المرورية والتي وضعتم لها الآلاف من رجال المرور في جميع الشوارع والطرقات ترهيباً وترغيباً للمواطن (العندو والما عندو)؟ وأخيراً وليس آخراً طبعاً أين تذهب رسوم نقاط التحصيل بطرق المرور السريع؟.
الإجابة لا ننتظرها من أحد ولكنا فقط أردنا ان نلفت بها نظر الرأي العام ليعي حجم الجبايات التي تؤخذ منه يومياً ومع ذلك الذين يقومون بالتحصيل هم نفسهم يجأرون بالشكوى.