أين دفن سيدنا آدم
ذكر الله تعالى في كتابه الكريم قصصًا لبعض الأنبياء؛ حيث جاءت تسليةً لقلب النّبي صلّى الله عليه وسلّم وتثبيتًا له، كما اشتملت تلك القصص على كثيرٍ من العبر والآيات، ومن بين تلك القصص قصّة خلق آدم عليه السّلام، وكيف ابتدأ الله تعالى خلقه من طين، ثمّ أمر الملائكة أن يسجدوا له تعظيمًا لخلقه، وكيف سجد الملائكة كلّهم إلّا إبليس عليه لعنة الله. وقد أدخل آدم الجنّة ثمّ أخرج منها بعد أن عصى ربّه، وأكل من الشّجرة التي نهي عن الأكل منها، ثمّ أنزل إلى الأرض ليستخلفه الله فيها وذرّيته، وقد عاش آدم عمره على وجه الأرض وأنجب ذرّيةً وأبناء، وعندما انقضى أجله وحان موعد وفاته أتاه الملك ليقبض روحه، وقد كان يعلم عمره من الله تعالى، فقال للملك: قد بقي لي أربعين سنة، فبيّن له الملك أنّه قد أعطى أحد أبنائه وهو النّبي داود أربعين سنة من عمره، فجحد آدم فجحدت ذرّيته كما بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام.
ولم يرد في القرآن الكريم أو السّنة النّبويّة المطهّرة أيّ ذكرٍ للمكان الّذي دفن فيه سيّدنا آدم عليه السّلام، بل لم يرد خبر يقيني عن أيّ قبر لنبيّ من الأنبياء سوى نبيّنا محّمد عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث يوجد قبره في المدينة المنوّرة، وهناك روايات كثيرة تؤكّد وجود قبر سيّدنا إبراهيم الخليل في مدينة الخليل في فلسطين، ولكن دون تحديد لعين المكان الّذي دفن فيه.
وقد ذكرت بعض الرّوايات الّتي تحدثت عن وفاة سيّدنا آدم عليه السّلام، وكلّها لا تصحّ، ومن بينها رواية للإمام أحمد في مسنده؛ حيث يقول إنّه حين حانت وفاة سيّدنا آدم اشتهى من ثمار الجنّة فطلب من أبنائه أن يأتوه ببعضٍ منها، فجاء أبناء آدم للجنّة ليأخذوا بعضًا من ثمارها، فبيّنت لهم الملائكة أنّ أجله قد انقضى، فذهبت الملائكة إليه فقبضت روحه وصلّت عليه ودفنته، وفي رواية أخرى أنّ جبريل عليه السّلام قد صلّى عليه ودفنه في مسجد الخيف، وهذه الرّواية ضعيفة أيضًا، كما توجد رواية تتحدّث عن وفاة سيّدنا آدم في الهند ثمّ نقله من خلال مائة وخمسين رجلًا إلى بيت المقدس ليدفن هناك، وهذه الرّواية من الإسرائيليّات التي لا تصحّ أيضًا، وهناك مقامات في الهند تعتبر مزارات للنّاس، ويُدّعى بأنّ آدم عليه السّلام قد دفن فيها وهي رواية لا تصحّ أيضًا، ويبقى علم مكان دفن سيّدنا آدم عليه السّلام من علم الله تعالى وغيبه.