كيف تكون فيلسوفاً
محتويات المقال
كيفَ تَكونَ فَيلَسُوفاً
فالشّخصُ حَتّى يَستَطِيعَ أن يَكونَ فَيلسُوفاً عَليهِ أوّل شَيء يَفعَلهُ هُوَ أن يبدأ بالسّؤالِ فَتَبدأ الحِيرَةِ والبحثِ عَنِ الحقيقة والتجرّد مِنَ المَفاهِيمِ السّابِقَة للوُصُولِ إلى الحِكمَةِ الّتي هِيَ أساسُها اللهُ سُبحانهُ وتعالى وإذا طَلبتَ مِنَ اللهِ شَيء أطلُب مِنهُ العِلمَ والحِكمَة فَمَن أوتي هَذِهِ الحِكمَة فَقَد أوتِيَ فَضلاً عَظيما وقال اللهُ تعالى: (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)البقرة: 269، فَمِن خِلالِ الحِكمَة تَفهَمُ حَياتَك وَحَلّ الأمور والوُصُولِ إلى المَعرِفَة والحَقَائِق، حَتّى تَتَأكّد مِن ذلِك أنظُر إلى حَيَاتِك قَبلَ سِنين سَتَكتَشِف أنّكَ كُنتَ تَجهَل أموراً كَثيرة فِي حَياتِك وَمُهِمّة غيّرت مَفاهِيمُك فإذا طَلبتَ مِنَ الله لا تُطلُب شَيء سِوا الحِكمَة وهي ستأتيكَ بعدَها كُلّ شَيءٍ وادعُوا اللهَ ليأتِيَكَ إيّاها فَهِيَ أعظَمُ نِعمَة قَد يُهدِيها إلى الإنسان.
قال مصطفى السباعي (مؤسّس حركة الإخوان المسلمين في مصر): (لا تَخجَل مِنَ السّؤال عَن شَيء تَجهَلُهُ، فَخيرٌ لَكَ أن تَكونَ جَاهِلاً مَرّة مِن أن تَنطَوِي على جَهلِكَ طُولَ العُمُر) إذن من خلالِ هذه المَقُولةِ يُمكِن الإستدلالُ على أنّ الفَلسَفَةِ والوُصُولِ إلى الحَقيقَةِ هُوَ أن لا تَكُفّ عَنِ السّؤالِ وَبعدَها تأتِي الحَقائِق وَتَبدأ أنتَ فِي تَشكِيلِها، وَقَد قالمارك توين(كاتب وصحفي أمريكي): (عليك أن تعرف الحقائق قبل أن تقوم بتزويرها)، بَعدَ أن تَبدأ بالحِيرَةِ والسّؤالِ والبَحثِ فِي الحياةِ الّتي تَعيشُها وَحَقائِق النّاس وَطَلَب العِلم بَعدَ أن تَصِل إليها قُم بِتَشكِيلِها كَما تُريد فَهُوَ مِلكُكَ أنتَ وَحدُك.
بعدَ الوُصُولِ إلى الحَقِيقَةِ تَبدأ المَعرِفَة وَيبدأ العقل بإدراكِ الأمور وَفَهمِ الحَياة وَقَد قال ويل ديروانت (فيلسوف ومؤرّخ وكاتب أمريكي): (التَعليم هُوَ الاكتشافُ المُتَدَرّج لِجَهلِنا)، إذن عليكَ باستخدامِ العَقل والتَفكيرِ فِي كُلّ أمورِ حَياتِك حَتّى بالعاطِفَة إستَخدِم فِيها عَقلُك لأنّ سِلاحَ الحَياةِ هُوَ العَقلُ وَمِن غَيرهِ تَكون قَد تجرّدتَ مِن الإنسانيّة وَسِرتَ أشبهَ بالحيوانات، فَالحقيقة أفضل لكَ مِن أن تَطعَنُكَ وتجعلكَ في حِيرَةٍ أفضَلُ لَكَ مِن أن تكونَ مَخدوعٌ طِوال حَياتِك وقال عليعزّت بيغوفتش: (هناكَ أشخاصٌ يَظنّونَ أنّ إنتمائَهُم الدّينِي يَمنعَهُم مِن فَريضَةِ التّفكير)، وقال غوتاما بودا: ( العقل هو كل شيء، وأنت تُصبِح مَا تُفكّر فِيه).
فوائد الفلسفة
- الحريّة : الوُصولِ إلى الحُريّة يَحتاجُ إلى عَقِل مُدرِك وواعِي للأمور وَيَفهَمُ التّرتيباتِ فالتحرّر مِنَ العبوديّة هِيَ أعظَمُ مَعرَكَةٍ قَد تَخُوضُها، فأنا شَخصِياً لستُ مُستَعِداً أن أتنازَل عَن مَبادِئِي وَعَقِيدَتي لأنّ الله خَلَقَنِي حُرّاً طَليقاً أفعَلُ ما أفعَل وأرتّب حياتي كَما أريد ولا أرضى أن أكونَ عَبداً تَحتَ رحمةِ أحَد، فَحاوِل فِي حَياتِك أن تَكسِرَ العُبوديّة وابحث عَنِ الحُريّة وافهَم طَريقَةِ تَطبيقها وَتَحَكّم فِي حَياتِك كَما تُريدُها أنتَ وَليسَ كَما يُريدها لكَ الآخرين، فالحُريّة هِيَ كَفيلَةٍ بأن تعلّمكَ كُلّ شَيء والفَلسَفَةِ تَجعلكَ مُفَكّراً وَمِن خِلالِها يَبدأَ عَقلُكَ يَعمَل بَدَل ما هُوَ مُجرّد عَن شَيء مَوضوعٌ فَوقَ رأسِك وَتَستَطِيع أن تَنظُر إلى الأمُورِ بِنَظرةٍ أخرى تَختَلِف عَن نَظرةٍ الآخرين وإيّاكً أن تَعتَقِد الفَلسَفَةِ أمرٌ غَيرَ مُهِم وَمُجرّد كلام فَهِذا الكَلام مَبنِي على عُقولٍ عظيمة وَمُفَكّرة خاضت بحورِ التجربة، فَكَم مِن أمورٍ كُنّا نَراها مَصدَر سَعادَة فِي حياتنا سواء كانت من أشخاص أو أشياء وبعدها تكتشف أنّها مجرّد كذبة وبعدَ هذا الإكتشاف (تبدأ الحُريّة حَيثُ يَنتَهِي الجَهل …فيكتور هوجر) فَحاوِل دَائِماً أن تَتَخَلّص مِنَ الجَهلِ فِي حَياتك وقرأ وافهم ولا ترضى بأن تكونَ مخدوعاً لدى الآخرين وتكون عَبداً لَهُم.
- تُوَسّع العَقِل وإدارك الأمُورِ وتَجعَلُ النّقاشَاتِ مَعَ الآخرين بنّاءة وَمَنطِقيّة.
- الفَلسفة تَجعَلُكَ تُناقِش الأفكارَ وَتحقِيقِ الغَايَةِ مِن خِلالِ زِيادَةِ المَعرِفَة، لأنّ الفلسفة مَنبَعُها العِلمُ والمَعرِفَة وَتَجعَلُكَ تُمَيّز بَينَ الفِكرَةِ الصّائِبَة والخاطِئَة.
- الفَلسفَة هِيَ طَريقَةُ وَضعِ مَنهَجِيّةِ الحَياة والأسُس والمُرتَكَزاتُ الّتي تَرتَكِزُ عَليها فِي حَياتك.
نصائح مهمّة في الفلسفة
حياتُك سَتَعِيشُها مَرّةً واحِدَة والمَوتُ آتي لا مَحالة فَمُوتْ مَوتَةً شَريفة تَتَشَرّف فِيها أن تَوضَع فِي تابوتٍ، فَالعَيشُ بِشَرَف أعظَمُ مِن السّعادَةِ نَفسِها، وَهُناكَ نَصائِح حِينَ تقرأ وتتثقّف وَهِيَ:
- لا تصدّق كلّ ما يقالُ لكَ وكلّ ما تقرأ: إذا كُنتَ تُصَدّق كُلّ ما تَقرأ فَلا تَقرأ أفضَلَ لَك، لأنّ الفلسفة مَبنيّة على أسُس فَهمِكَ وإدراكِكَ وأهدافِكَ الخاصّة التي تَختَلِف مِن شَخصٍ إلى آخر وَمَجالَ دِراسَتِك أوعَمَلِك.
- إبحث عَنِ الأمورِ البَسِيطَةِ فِي حَياتِك لأنّها مُهِمّة: إذا كُنتَ تُريدُ الحُريّة والعملِ بِحُريّة إبحَث عَن أمُورٍ بَسيطَةٍ قَد يَراها البَعضُ تافِهَة فِي وِجهَةِ نَظَرِهِ ولكِنّها هِيَ مَصدَرٌ أساسِي تَرتَكِز عليها لبلوغِ أهدافٍ أرقَى وأسمَى وأصعَبُ، فالأمورُ البَسِيطَةِ هِيَ أساسُ العظمة ولا عظمة إلاّ على الأشياءِ البَسِيطَة.
- لا تُقلّد أو تَركض ولا تتّبِع الآخرين وَقالَ فِريدريش نيتشه: (أتراك تُريد حَياة سَهلَة ؟ فَابقَ اذَن قَريباً مِنَ القَطِيع وانسَ نفسك فيه). إذا أردتً أن تحقّق أحلامُك هِي مُمكِنة وليسَ هُناكَ شَيءٌ إسمَهُ المُستَحِيل وَلكِن هُناكَ عَزيمَةٍ وإصرارٌ وَقُوّة تَجعَلُكً تَركُضُ وراءَ أهدافِك، ولا تَركُض وراءَ مَن يَدفِنُونً أنفُسَهُم فِي الأعمالِ الشّاقّة وابحَث عَن أعمالٍ بَسيطَةٍ تَجِدُ فيها السّعادَةِ الحقيقيّة كسعادتي وأنا أكتُبُ هذا المقال.
- كُن نَفسَك ولا تَكُن أحَد آخر: خَلَقَكَ اللهُ تعالى بِشَخصِيّتك الّتي تَختَلِفً عَنِ الآخرين لا تُقَلّد أحَد وَكُن نَفسَك وَكُن أنتَ كما تريد أن تَكون، فإن لم تكن نَفسَك فَمَن سَتَكُون !!!.
- كن واثق من نفسك: فإن لم تثق في نفسك فبمن ستثق !!! كن واثق من نفسك ومن خطواتك ولا تجعل الآخرين يؤثّرونَ على نظرتكَ الخاصّة واعلم أنّ الحياة ستتحدّاك وستجد أناس يسعونَ إلى تدميرك فإن لم تكن قويّاً فستسقط.
- دائماً فكّر مثل الملوك والسلاطنة: لأنّهُم هُم وَحدَهُم مَن يَجعَلُونً سُقوطَهُم طَريقٌ إلى العَظَمَةِ فَكُن سُلطاناً فِي حَياتِك حَتّى وَلَو كُنتَ فَقِيراً فالعِزّة بالنّفسِ وَشَقّ الطّريقِ لِوحدِك أعظمُ سَعادة.
- كُن راقياً فِي تَفكِيرك: مُشكِلَةُ العَرَب لا يَجِدُونَ السّعادَةِ سِوا فِي أمورٍ تَافِهَة مِثلَ الجِنس وَيَنسُونَ أمُورٍ عَظيمَة تُفيدَهُم وتغيّر حَياتِهِم، وقالَتركي الحميد: (أشغَلونا بسَفاسِف الأمُور وَنَسِينا عَظائِمُها، قُنبلَةٌ ذَريّة تَشغِلَهُم، وَنَحنُ تَخرُج المَرأة لِقَبرِها أو لا تَخرُج .. الذرّةُ مِحوَرِ تَفكِيرَهُم، والمَرأةُ مِحوَرُ تَفكِيرِنا!) فَ بالتّالي نَحتاجُ إلى تِلكً العُقولِ المُفكّرة والعلماءِ وَنُغَيّر مِن بلادِنا العَربيّة وَنَبتَعِد عَن القَبَلِيّة والهَمَجِيّة والعاداتِ القَدِيمَةِ السّخيفَةِ والمُنحَطّة، فَغيّر تَفكِيرَك وارتَقِي بِها إلى السّماء واخرُج مِنَ القاع الّذي تَعيشَُ فِيهِ وحارِب الدّنيا بما أوتيتَ من قوّة وحافِظ على مَبادئُكَ فَهِيَ أغلى ما تَملُك فِي هَذِهِ الدُنيا وَهِيَ ما سَتأخُذُها بَعدَ مَوتِك.