تفاعل الحضارات
محتويات المقال
الحضارة
يعيش الإنسان الحديث في ظلّ حضارة شديدة التفاعل، والحركة الديناميكية بسبب التطوّرات التكنولوجية الضخمة التي طالت العديد من المجالات، والحضارة بحسب التعريف هي الشكل الاجتماعي الذي يعيش فيه الإنسان والذي يعينه على إنتاج الثقافة، والعلوم، والفنون، ولا يمكن أن تقوم الحضارة القويّة لأيّ شعب إلا بتحقيق الأمان وإبعاد الخوف عن حياة المواطنين، سواء من الكوارث الطبيعيّة أو الأمان على الأرواح والممتلكات من الاعتداء، وبذلك فإنّ توفّر الموارد الاقتصادية الكافية، والنظام السياسي القادر على إدارة تلك الموارد في ظلّ إطار من العادات والتقاليد المجتمعية التي تدعم القيم الأخلاقية الحميدة وتدعو لاستكشاف عوالم الفنون والآداب هي المرتكزات الأساسية والعناصر اللازمة لقيام الحضارة، وفي التاريخ المعاصر اعتبرت الحضارة نمط معيشة الإنسان في المجتمع وطريقة تعاطيه مع العلوم والفنون والمنجزات الثقافية، وذلك في إطار الدعوة إلى العولمة وتفاعل الحضارات من أجل الوصول بالإنسانية إلى درجة أعلى من التقدم.
مفهوم التفاعل بين الحضارات
تعود جذور تعريف التفاعل بين الحضارات إلى ريتشارد سليمباخ الذي عرفه بأنّه التفكير بطريقة غير محصورة في وطن الإنسان، والنظر إلى القضايا من مختلف الجوانب وذلك مع الحفاظ على الإحساس بالذات والهوية الثقافية للمرء ودون التخلّي عن الاقتناع بالأفكار الشخصية، ولكن مع فهم وقبول وجهات النظر المختلفة، ويقول الباحثون في الشؤون الثقافية والحضاريّة الحديثة أنّ تفاعل الحضارات بتطبيقه المعاصر يدعو إلى التخلّي عن القوميّات والثقافات التقليديّة الأصيلة الخاصّة بكلّ شعب.
خصائص التفاعل الحضاري
يتسم التفاعل الحضاري في العصر الحديث ببعض الخصائص التي ميّزته عن التفاعلات الحضارية بين الدول والشعوب القديمة، وأهم تلك الخصائص التركيز على آليات التنافر والتوتر الداخلية بين الحضارات، وذلك من أجل العمل على تفكيك المجموعات الثقافيّة والقوى الحضاريّة المختلفة تمهيداً لإذابتها في حضارة عالمية أشمل، كما ينظر التفاعل الحضاري إلى انحدار بعض الشعوب غير المتقدمة نظرة الدراسة والفحص، وكذلك الأمر بالنسبة لأسباب وطرق إدارة المنازعات والحروب بين الدول، وذلك للوصول إلى عناصر القوّة والضعف لدى الحضارات المختلفة وعلاقة الخصائص الحضارية بالقوة، كعلاقة العلوم أو اللغة أو الفنون بامتداد النفوذ السياسيّ لشعب معيّن، ومع ذلك فإنّ التفاعل الحضاري لا يكون منحازاً إلى منظور أخلاقي دون غيره بشكل مسبق، وإنّما يتمّ الأمر بطريقة التصفية والانتخاب الطبيعيّ، بحيث تكون الغلبة في هذا المضمار للحضارة صاحبة المنجز الأقوى في التقدم البشري، وهو الأمر الذي لا تقبله العديد من الشعوب في محاولتها الحفاظ على هويتها الحضارية والثقافية وعدم الذوبان وسط حضارة أكبر لا تعبّر عنها بشكل حقيقي.