الطبيعة الكيماوية للأغذية
يعرف الغذاء بأنه أية مادة تؤكل أو تشرب أو تمضغ عند تناولها أو امتصاصها من قبل الجسم فإنها غالبا ما تمد ذلك الجسم بالطاقة وتساعد على نمو وتعويض الأنسجة التالفة أو تساعد على تنظيم هذه العمليات الحيوية في الجسم. إن مكونات الأغذية والتي تسمى بالمغذيات مسؤولة عن هذه الوظائف. إن جميع مكونات الغذاء هي كيماويات ويمكن تقسيمها من حيث كميتها النسبية إلى مكونات رئيسية تتواجد بكميات كبيرة نسبيا كالكربوهيدرات والبروتين والدهن والماء ومكونات ثانوية كالفيتامينات والأملاح المعدنية والأحماض الأمينية والصبغات والمنكهات والمستحلبات ومضادات الأكسدة…الخ.
تعتبر الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية الوحدات البنائية لكل من البروتينات والدهون على التوالي وتعتبر السكريات الأحادية الوحدات البنائية للكربوهيدرات، وأن جميع الوحدات البنائية السابقة ما هي إلا مواد كيماوية، ومن هنا فإنه ليس هناك ما يبرر الهجوم الشديد على استخدام المضافات الغذائية في الأغذية لكونها مواد كيماوية حيث أن جميع الأغذية عبارة عن كيماويات وأن الهواء الذي نستنشقه والماء الذي نشربه ما هما إلا مواد كيماوية أيضا.
إن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على التركيب الكيماوي للأغذية سواء من المصادر النباتية أو الحيوانية، وهذه العوامل قد تشمل في حالة الأغذية النباتية: اختلاف الصنف وخصوبة التربة وشدتها وطريقة جني وتداول وخزن المحصول والأمراض التي تصيب النبات ومعدل سقوط الأمطار. أما في حالة الأغذية من مصادر حيوانية فإن من أهم العوامل التي تؤثر على التركيب الكيماوي لتلك الأغذية هي العوامل الوراثية والظروف البيئية.
تتكون كل مادة غذائية من مواد كيماوية تميزها عن غيرها من المواد الغذائية ونظرا للاختلافات الطبيعية فإنه أحيانا تكون هناك ضرورة لضبط أو تعديل التركيب أو المحتوى للغذاء لتقديمه للمستهلك بدرجة محددة أو ثابتة من الجودة، فإذا أخذنا الحليب على سبيل المثال فسنجد أنه مختلف في تركيبه بالنسبة للبروتين والدهن والأملاح المعدنية والفيتامينات وكذلك مدى تحمله للمعاملة الحرارية. إن هذه الاختلافات في تركيب الحليب يمكن أن تعزى إلى الاختلاف بين الحيوانات واختلاف القطيع وفترة إدرار الحليب ونوع الغذاء الذي يتناوله الحيوان…الخ. وبناء عليه فإن الحليب المعد لأغراض التوزيع والذي يتم جمعه من مصادر مختلفة يجب خلطه وضبط تركيبه عند حدود معينة.
وفيما يتعلق بثباتية الحليب فإن التوازن بين بعض الأملاح في الحليب كالفوسفات والسترات وأملاح الكالسيوم يلعب دورا كبيرا في هذا المجال. ونظرا لوجود العديد من العوامل التي قد تغير من تركيب الحليب كما سبق ذكره فإنه أحيانا يتم التحكم في توازن المحتوى المعدني للحليب لجعله أكثر قابلية لتحمل المعاملة الحرارية. إن ما يتعلق بالتغير في تركيب الحليب وضرورة ضبط هذا التركيب عند حدود معينة ينطبق أيضا على العديد من الأغذية ومنها الدقيق الذي يتم إنتاجه من خلط عدة أنواع من القمح للحصول على دقيق ذي صفات وتركيب معين.
إن ضبط تركيب غذاء معين كالحليب بنزع جزء من دهنه وضبطه عند حدود معينة من الدهن أو إضافة بعض الأملاح المعدنية للحصول على حليب متوازن في محتواه المعدني وله ثباتية جيدة للمعاملة الحرارية يفتح الباب واسعا أمام استخدام المضافات الغذائية ويبرر ضرورة مثل هذا الاستخدام.