طيران السودان… حلقة جديدة من مسلسل الموت …!!
السودان اليوم:
في حادثة جديدة توفى صبيحة أمس إثر احتراق مروحية تتبع لطيران الشرطة والي القضارف ميرغني صالح بالإضافة إلى ستة من مرافقيه هم وزير الإنتاج عمر محمد إبراهيم، والعميد ركن يوسف الطيب يوسف قائد اللواء الخامس، وعميد شرطة النور أحمد عثمان نائب مدير شرطة الولاية، والرائد محمد محيي الدين الريح ضابط استخبارات، ومدير مكتب الوالي مجدي حسن النور، صلاح عمر ابراهيم الخبير مدير إدارة الحدود بالولاية.. وتقول المعلومات الأولية إن الوالي كان يقوم بجولة مع لجنة ترسيم الحدود بين السودان وأثيوبيا بمحلية القلابات التي شهدت وقوع الحادثة وبحسب ما ذكر مصادر بمحلية “القريشة” التي كانت تمثل المحطة التالية للوفد أن الطائرة اصطدمت بأحد الأبراج الناقلة للكهرباء بالمنطقة مما أدى إلى سقوطها ونشوب النيران فيها، ولعل هذه الحادثة تعيد للأذهان سلسلة من حوادث الطيران السابقة التي شهدها السودان خلال السنوات الماضية، كذلك تعيد فتح الباب للبحث عن إجابات حول مسببات السقوط المتكرر ونتائج تحقيقات حوادث الطيران في البلاد .
أسباب الحادثة …!!
(الجريدة) أمس كانت قد فتحت أحد القضايا المتعلقة بمشاكل التعدين في محلية البطانة التابعة لولاية القضارف ورصدت مصادرنا هناك عن جولة كان يقوم بها الوالي في المنطقة، الأمر الذي أكده في اتصال هاتفي المعتمد علي شيخ الضو مبتدراً حديثه بالترحم على الوالي ومرافقيه مضيفاً بأن آخر اجتماع للوالي ميرغني صالح كان في سهل البطانة وكان نقاشه يدور حول قضية تهريب البشر واستباب الأمن وتقديم الخدمات مثل الكهرباء والمياه للمواطنين واصفاً أن آراءه كانت نيرة في حفظ الأمن، واتفق معتمد البطانة مع رواية مصدر محلية القريشة بأن الطائرة أثناء الهبوط اصطدمت بأحد أعمدة الكهرباء وتسبب في اشتعالها، الأنباء عبر مؤسسات الدولة الإعلامية الرسمية تقول إن المروحية احترقت عندما فقد الكابتن السيطرة في لحظة الهبوط واشتعلت داخل المدرج.
ومن جانبه أكد مصدر مسؤول في الطيران المدني أنهم ليس لديهم علاقة بالحادثة أو أية مسؤولية إدارية أو إشرافية تجاه طيران الشرطة والجيش هو ما يسمى بـ(state aircraft) فقط يختصر دورهم كمنسقين فيما يتعلق بالمسائل الفنية الخاصة بالملاحة الجوية.
طيران الشرطة …!!
طيران الشرطة الذي تتبع المروحية المشتعلة أخيراً بالقضارف إلى أسطوله شهد عدد من الحوادث ففي العام 2014م نجا وزير الزراعة حينها إبراهيم محمود ومرافقيه من وقوع كارثة جوية أثناء انتقالهم من ولاية نهر النيل إلى الخرطوم حيث حدث عطب فني للطائرة اضطر الكابتن بالإتصال على برج المراقبة من مسافة (70) عقدة من مطار الخرطوم طالباً أفضلية الهبوط نسبة لتذبذبات في قوة المحرك فأعطى الأفضيلة وتم القيام بكل إجراءات السلامة التي أدت في نهاية الأمر إلى خروج الركاب بشكل آمن دون حدوث أية إصابات، طيران الشرطة الذي بدأ تأسيسه منذ منتصف الستينات شهد خلال السنوات الماضية محاولة لتحديث ودعم أسطوله وبحسب الإدارة العامة لطيران الشرطة فإن مظاهرات (سبتمبر) 2013م كانت دافعاً في تطوير العمل من خلال زيادة الطائرات وتدعيمها بأحدث التقنيات مثل التصوير، وفي العام 2015م قالت إدارة الشرطة إنها تعتزم نقل التجربة لجميع الولايات بعد نجاحها في الخرطوم وذلك من خلال تقسيم الولايات إلى خمسة قطاعات. ويعمل طيران الشرطة في الأساس لنقل قيادات الشرطة العليا بالإضافة إلى المساهمة في تقديم العون للدفاع المدني. وكما أكد المصدر آنفاً فإن إدارة طيران الشرطة تنفصل من سلطة الطيران المدني التي دائماً تضع شروطاً دقيقة لشركات الطيران العاملة في المجال الجوي كما أنها تقوم بالتدريب وعمليات التفتيش وضمان الصيانات الدورية.
حوادث متكررة …!!
حوادث الطيران في السودان أصبحت تمثل “فوبيا” لبعض المسؤولين نسبة لتكرارها ففي العام الماضي مثلاً انفجر إطار طائرة كانت تقل مساعد الرئيس موسى محمد أحمد وتبع ذلك اشتعال حريق لحظة هبوطها في مطار بورتسودان الأمر الذي كاد أن يودي بحياة ركابها لكن تصاريف القدر حالت دون وقوع ذلك.
العام 2012م شهد ثلاثة حوادث طيران الأولى كانت في السابع عشر من فبراير حيث نجا وزير الزراعة آنذاك عبدالحليم المتعافي من تحطم طائرة كانت تقلهم من مطار الفاو إلى حلفا الجديدة، لكن تسبب هذا الحادث في وفاة ثلاثة أشخاص وهم مدير هيئة البحوث الزراعية بود مدني، بروفيسور الطاهر صديق، والناطق الرسمي باسم الوزارة، عيسى الرشيد، ومهندس جوي محمد علي الشهير بـ(ود الصول) من طاقم الطائرة وتعود الأسباب الأولية التي نشرت في الصحف إلى عطب فني أصاب محركات المروحية التي تتبع لشركة الراية الخضراء نجم عن ذلك انحراف أدى إلى سقوطها.
الحادث الثاني كان في يوليو حيث تحطمت مروحية عسكرية سودانية بمنطقة خزان تنجر غرب الفاشر مما أدى لمقتل سبعة من العسكريين كانوا على متنها. وجاءت الحادثة الثالثة في أغسطس إثر سقوط طائرة بسبب سوء الأحوال الجوية كان على متنها 32 شخصًا بينهم ثلاثة وزراء وعدد من ضباط الجيش والشرطة أثناء توجههم لأداء صلاة عيد الفطر في منطقة تلودي بولاية جنوب كردفان، وقد رحل جميع طاقم الطائرة .
العام 2011م شهد هو الآخر تحطم طائرة عسكرية بمطار مدينة الأبيض وأدى إلى مقتل طاقمها المكون من ستة أشخاص، العام 2010م حمل هو الآخر أخباراً عن كوارث جوية في ديسمبر مثلاً سجلت حادثتين الأولى تحطم طائرة مدنية أثناء الهبوط في زالنجي مما أسفر عن مقتل امراة ونجاة بقية الركاب الذين أصيب بعضهم بجراح طفيفة، كذلك شهد الشهر سقوط طائرة تدريب عسكرية غرب مدينة بورتسودان ولم يصاب أحد، وفي مارس من ذات العام سقطت مروحيتان عسكريتان تتبعان للجيش بمنطقة شطاية بجنوب دارفور بين مدينتي كاس ونيالا ولم تسجل أيضاً خسائر في الأرواح.
في يونيو 2008م احترقت طائرة (إيرباص) تابعة للخطوط الجوية السودانية قادمة من العاصمة السورية “دمشق” على أرضية مطار الخرطوم وأسفر ذلك الحادث عن مقتل 30 راكباً وإصابة ما لايقل عن 20 آخرين ونجا 160 آخرين .
قبل الانفصال هنالك حوادث كانت تدور مسارحها في جنوب السودان مثلاً في مايو من العام 2008م لقى وزير الجيش الشعبي بحكومة الحنوب “دومنيك ديم” مصرعه و19 عسكرياً آخرين في حادثة تحطم طائرة بين مدينتي واو وجوبا أيضاً في فبراير سقطت طائرة عسكرية في مطار أويل حاصدة أرواح عشرين من الجيش الشعبي .
حادث وفاة جون قرنق نائب رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب تعتبر من أكبر الحوادث التي مرت على السودان حيث تحطمت مروحية رئاسية أوغندية كانت تقله عائداً للسودان في منطقة “نيوسايت” ، أيضاً هزت الأوساط السودانية حادثة سقوط طائرة مدنية في العام 2003م أقلعت من مطار بورتسودان في طريقها للخرطوم وأدى إلى مصرع جميع ركاب الـ(115) ما عدا طفل واحد “محمد الفاتح” .
حادثة “عدارييل” بأعالي النيل في أبريل 2001م هي الأخرى كانت ذات صدى واسع حيث تسببت عاصفة رملية بحسب الرواية الرسمية في سقوط طائرة عسكرية أدت إلى مصرع العقيد إبراهيم شمس الدين مساعد وزير الدفاع أحد أبرز أعضاء مجلس قيادة ثورة الإنقاذ بجانب 14 من كبار ضابط الجيش، في يونيو 1999 وبسبب سقوط طائرة لقي أكثر من خمسين ضابطاً بولاية كسلا مصرعهم، أما فبراير 1998م فشهد الحادثة الشهيرة بوفاة النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق الزبير محمد صالح إثر سقوط طائرته التي كان على متنها خلال جولة تفقدية بولايات الجنوب .
أخيراً …!!
عقب كل هذه الحوادث كانت تخرج الحكومة وتقول إنه قد تم تكوين لجان تحقيق للتقصي عن الأسباب الحقيقية لكن لم ترَ تقارير غالبية هذه اللجان حتى الآن النور، ولم تصل إلى وسائل الإعلام مما جعل البعض يذهب إلى أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتهدئة الأجواء، الحكومة أيضاً ظلت تعزي مشاكل الطيران إلى فرض العقوبات الأمريكية على السودان التي تحد من وصول إسبيرات الطائرات .
عموماً الحادثة الأخيرة تمثل حلقة من سلسلة طويلة لحوداث مشابهة للطيران في السودان ويأمل الكثيرون في أن تجد هذه المرة تقارير لجنة التقصي حظها من النشر في وسائل الإعلام وقبل ذلك محاولة وضع حد للكوارث المتكررة وهدر الأرواح.