التفاصيل الكاملة عن فيديو يصور “خطبة وزير سوداني من حبيبته اللبنانية”
السودان اليوم :
عشق وغرام بين “وزير سوداني” و”حبيبته العربية”، اللبنانية وفقاً للهجة. لكن قصتهما تتأزم بسبب الشقيق العنصري، “المصلحجي”، الذي ينفضح بوجهيه ولسانيه. الوقائع المثيرة تابعها لبنانيون كثر في فيديو انتشر على صفحات وحسابات لبنانية وعربية على وسائل التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين، مع اعتقاد ساد ان وقائع الفيديو حقيقية، وان التصوير كان عفويا للحظات صادقة جمعت الوزير بالحبيبة وشقيقها.
ولكن هل وقائع الفيديو حقيقية؟ وهل هناك وزير سوداني، او امير افريقي وفقاً لمزاعم أخرى، تقدّم لخطبة الصبية اللبنانية، وصَوَّر ما صوّره في الفيديو؟
“النهار” دقّقت من اجلكم
الوقائع: اربع دقائق ونصف الدقيقة. الفيديو يفاجىء المشاهدين. موكب سيارات فخمة يتوقف. يخرج منها حراس شخصيون، وأحدهم يفتح الباب لرجل أسمر البشرة، بعباءة طويلة بيضاء، يعطي توجيهاته للرجال. “نعم سعادة الوزير”، يجيبه احدهم. وتتوالى الوقائع، في شكل دراما مشوقة، من ابرز وجوهها شخصان آخران بلهجة لبنانية: “الحبيبة العربية” وشقيقها.
وقد أوردت بوستات على وسائل التواصل الاجتماعي روايات مختلفة عن الفيديو: “وزير إفريقي مليونير يحب توثيق حياته بكل لحظاتها. أراد الزواج من فتاة توافق عليه لأخلاقه وذوقه، لا طمعا بثروته. تعرّف الى فتاة لبنانية، وأعجب بها وأحبها، ووافقت على الزواج منه من دون أن تعرف ثروته ووظيفته ومنصبه. جاء ببساطة ليخطبها من أخيها بملبسه الإفريقي. شاهد ما بدر من أخيها العنصري، وكيف وصفه بالعبد والسعدان (يعني القرد)، وكيف انقلب 360 درجة بعدما علم بثروته ومنصبه”.
وفي شروح أخرى: “وزير سوداني راح يخطب بنت لبنانية. شاهد ماذا حصل”، او “شوف شو عمل اخوها”، او “هذا وزير في السودان وغني، واحب لبنانية في سويسرا، ولم يعلمها انه وزير. وعندما قرر أن يخطبها، اتفق معها على ان يأتي ليخطبها في مكان عام، وان تحضر اخاها. ويبدو انه جهّز التصوير كي يختبر نوعيتهم (اي اهلها) اذا كانوا عنصريين ام لا. شي فظيع”.
التدقيق: بحث على الانترنت يبيّن ان مصدر الفيديو المتناقل هو صفحة تحمل اسم “الوزير جادين” في “الفايسبوك”. تاريخ النشر: 29 ت2 2018. والعنوان: “عنصرية الأخ وزواج الوزير جادين بحبيبته العربية. للمرة الاولى تنشر قصة قديمة قبل الزواج”.
–من هو “الوزير جادين”؟ في فيديو نشره في صفحته في 6 كانون الثاني 2018، يطلّ قائلا: “معاكم سعادة الوزير السابق جادين، وزير في قوات الدعم السريع والتوجيه المعنوي. عملت في الوزارة لمدة 10 ايام… اسمي جدو شريف جار النبي، وسأظل شريفا. وانا آخر مواطن ينضم الى نظام المؤتمر الوطني (السوداني)”، على ما يعلن بنفسه. و”الفيلم عملته قصدا”، على ما يشرح. “اصحو يا ناس، اصحو يا شباب، واصحو يا سياسيين يللي يحبو يتاجرو باسم الشعوب وباسمنا، انو المصالح البسيطة لا تنفعكم شيء في الدنيا”…
-نلاحق “الوزير جادين”. ما حقيقة زعمه انه كان “وزيرا في قوات الدعم السريع والتوجيه المعنوي، وعملت في الوزارة لمدة 10 ايام؟” بحثا عنه، يصعب ايجاده في مواقع اخبارية سودانية! تجري “النهار” اتصالا بمساعد تحرير احدى وكالات الانباء السودانية في الخرطوم وصحافيين سودانيين. الجواب: “الرجل لم يكن وزيرا، وليست له اي صفة، ولا علاقة له باي عمل وزاري. “الوزير جادين” وجه يعرفه السودانيون، وما يزعمه انه وزير سابق، كذب وتدجيل. معروف انه يعيش خارج السودان، منتحلا صفة وزير سابق”.
صورتان مقتطعتان من الفيديو.
-نبحث عن جدو شريف جار النبي، الاسم الذي يعرّف “الوزير جادين” نفسه به في الفيديو. ويقود الخيط، كلّ مرة، الى موقع “Sudaneseonline“، حيث يرد الاسم نفسه بكونه رئيس مكتب حركة جيش تحرير السودان، قيادة الوحدة، في سويسرا. هل هما الشخص نفسه؟
في اتصال لـ”النهار”، يوضح الموقع ان “الوزير جادين ليس حقيقياً، ولا علاقة له بأي وزارة، ولم يكن وزيراً سابقاً. انه شخصية كوميدية تنتقد الحكومة السودانية والواقع السوداني بطريقة كوميدية، مرحة، وفي شكل مباشر”.
-نتواصل مع “الوزير جادين” لنسأله عن الفيديو وصحة وقائعه. واليكم ما يرد به “فريق الوزير جادين”: “عنصرية الفقير ضد الفقير اهم أسباب تشتت الكون وانهيار كل المجتمعات التي ما زالت تنظر الى الفقير على انه لا يساوي شيئاً، خصوصا نظرة الفقير الى الفقير. فبدلا من ان يتساندوا ويوحدوا الصفوف لبناء مجتمع ينصر الجميع، يستضعف احدهم الآخر ليجعلوا من أنفسهم سلعة او رقماً او أي شيء في أيدي الأغنياء الذين يبنون سلطانهم وثرواتهم على جثث او عرق تلك الطبقات المسحوقة. كفانا لوم للأثرياء والآخرين على انهيار مجتمعاتنا وتشريد أطفالنا. حان الوقت لنكشف الداء الحقيقي الا هو ان نتربى على اننا عبيد لأسياد. أسياد كل ما لديهم هو المال، لا يترددون في إظهاره، لان الفقراء هم من يطلبون زعيماً يتباهى، زعيماً بلا أيدولوجية او فكر او فلسفة حياة. وكل ما لديه فقط المال وأشباه رجال” .
.صورتان مقتطعتان من الفيديو
ويضيف: “قصة الفيديو حقيقية، لكنها ليست قصة شقيق خطيبة ووزير غني، بل قصة 7 آلاف سنة، منذ هارون وفرعون حتى يومنا هذا. قصة اديان واعراق واطياف وأعراف. قصة تقاليد وعادات. قصة مظلوم. من المظلوم؟ الغني !أم من ظلم نفسه؟ لنترك القرار للمشاهد ليحكم على الوزير وزوجته واخوها او يحكم ويحاكم نفسه، ويبدأ التفكير من جديد ويعود الى ترتيب اوراقه وتقليب صفحاته ومتابعة الأجيال الصاعدة من أولاده”.
نحاول معرفة المزيد، وهل تزوّج “الوزير” من “حبيبته العربية”؟ والجواب عند اي سؤال: “الفيديو المقبل… قريبا جداً”. “هناك قصة كاملة عمدنا الى تجزئتها الى أفلام قصيرة عدة” .
-النتيجة: الزعم ان وقائع الفيديو حقيقية ليس صحيحا. “الوزير جادين” شخصية سودانية كوميدية، نقدية. ليس وزيرا سابقا في السودان، وليس وزيرا حاليا. والفيديو وغيره من الفيديوات التي تنشرها صفحته في “الفايسبوك” لا تقدم وقائع حقيقية، انما يراد منها تسليط الضوء على حالة اجتماعية او سياسية او اقتصادية معينة، بطريقة نقدية وكوميدية. وبالتالي، لم يتقدم بالفعل وزير سوداني لخطبة “حبيبته” اللبنانية. ما شاهده اللبنانيون في الفيديو تمثيل، ودور الشقيق اللبناني “المصلحجي” من موجبات العمل التمثيلي.