من يشترط علي من ؟
بقلم : محمد عتيق
هذا الباب "خارج المتاهة" – وفي جزء منه – يفترض أن معظم تصرفات وأقوال هذا النظام وحزبه عبارة عن بالونات يقوم بقذفها في الساحة ليتلهى بها الأحزاب وأغلب الكتاب الصحفيين لينعم هو بالهدوء فيمضي مثابراً في نهب البلاد وتعذيب العباد جوعاً ومسغبةً ، فهي متاهات فوقها متاهات ، ولذلك تجتهد زاوية "خارج المتاهة" أن تطرق القضايا الجوهرية وتحاول قدر جهدها أن تعالجها والتصدي لها بعيداً عن الانفعال ببالونات النظام ومؤتمره الوطني ، اما اليوم يبدو أنها ستدخل قليلاً إلى المتاهة تحت تأثير خبر الأخبار الذي اطلقه المؤتمر الوطني أول أمس حيث يشترط (سعادته) – لا فض فوه – أن يعلن السيد الصادق نبذه للعنف مقابل إيقاف الملاحقه الجنائية في حقه ؛ أعتقد أنها نهاية الملهاة وآخر المتاهات لهذا العهد (الميمون) ..
نعم ، السيد الصادق يتفق ويختلف معه وحوله الناس ، بل هنالك مجموعات من الكتاب وقادة الرأي والجمهور( لا تطيق حتى سماع اسمه) باعتباره – في رأيهم – سبب كل البلاوي (هكذا بكل سهولة) ، وانه يتحدث ولا يفعل ، فهو متردد دائماً عند لحظات الحسم واتخاذ القرار …. الي آخر التوصيفات ..
وكثيرون ينظرون إليه كمفكر وفقيه ، ومثقف كبير متابع لإيقاع الأحداث والأفكار من حوله في كل مكان ، وانه يمتاز بحيوية دافقة تجعله حاضراً بالاقتراح والمبادرة عند كل موضوع يطرأ او قضية تثار ..
اما هنا ، وأمام هذا القول (المطلوق على عواهنه) في وجه السيد الصادق ، فإن الجميع – ومعهم أقسام من حزب النظام نفسه ، سيقفون في مواجهة هذا الاشتراط الجاهل ليس فقط بالرفض له ولكن أيضاً بالاستهجان والتساؤل :
– من الذي يمارس العنف ومن الذي أدخله أصلاً الي الحياة السياسية السودانية المعاصرة ؟؟
– من الذي كان رئيساً لحكومة السودان عن طريق الانتخاب الديمقراطي ومن الذي قاد انقلاباً عسكرياً خائناً وجباناً في وجهه ؟؟
– ومن الذي تتوقف أسباب حياته على المليشيات القبلية وشبه القبلية المسلحة ذات الاسماء المتعددة و أساليب العنف ألفظ ؟؟
نظام المؤتمر الوطني لا يحتمل أحداً لا من حلفائه من أحزاب حوار الوثبة (الكثيرة) ؛ معها يجري المفاوضات ، يعقد الاتفاقات ، ويصيغ القرارات والتوصيات ليركلها غداً عند أبواب النادي الكاثوليكي ، غير آبه لاحتجاجاتها و ( أنينها ) ، أقطابه وكادره وكثير من عضويته مهموم بمصالحه الخاصة الملتصقة بأثداء الدولة السودانية (لا حاجة لشرح او تفسير) ، ومن باب اولي انه – نظام الموتمر الوطني – لا يحتمل معارضيه في مختلف منابر المعارضة الجادة وينتهز كل فرصة لتشويهها واثارة الفتن الغليظة بينها ( واظنه محققاً بعض نجاح) …
المهم ، ان النظام الآن ، وامام التنامي الإقليمي والدولي لتيار الحلول السلمية المؤدية الي التحول الديمقراطي الكامل ، واستعداد كتلة نداء السودان لخوض المفاوضات الخاصة بها ، يجتهد النظام في مراوغة الجميع لإطالة عمره ..
السيد الصادق ، وحسب تصريحاته المعلنة ، سيعود إلى وطنه في الموعد المضروب (١٩ ديسمبر ٢٠١٨) – دونما التفات لتهديدات وتخرصات – معانقاً له ومحتفلاً معه بالعام الثالث والثمانين من عمره المديد ، والذي لا يرجو بعده مغنماً ولا مصلحةً خاصةً ، بل مصلحته ان يساهم مخلصاً في تفكيك هذا النظام بالتفاوض السلمي او التحريض الشعبي ، بالنقاط او الضربة الفنية القاضية .. سيتقدم دون تردد ، وعلي عكس تحليلات البعض وتوقعاتهم ، سيكون اكثر حرصاً علي ان تكون قبلة التفاوض والحل السلمي هي تفكيك النظام وتحقيق التحول الديمقراطي الكامل وإحلال السلام الشامل في البلاد ، سيتقدم ولا نتمني ان يجبر النظام (بعضنا) الي عودة جاهلية تصيح :
( فليخرجن الأعز منها الأذل )