الفاتح جبرا: بنديهو حلاوة!
قد يسأل سائل عن سر الإذعان التام للمواطنين وعدم تذمرهم بوضوح وشقهم لعصا الطاعة والأحوال تسير كل يوم من سيئ إلى أسوأ في كل مناحي الحياة، وهو سؤال يفرض نفسه بقوة هذه الأيام الحالكات فما من أمة ترضى بعيش الكفاف دون أمل مرجو وللإجابة على هذا التساؤل يعتقد العبدلله أن (الإنقاذ) وباستخدامها لأساليب (معينة) قد عمدت عن وعي تام ومنذ استلامها للسلطة على إنشاء تعاقد غير مكتوب مع المواطنين ينص على أن يتنازل الشعب عن التفاعل مع قضاياه وعدم إبداء أي رأي في طريقة (حكمه) وأن يلتزم بالوقوف متفرجاً مقابل حصوله على الحد الأدنى من متطلبات الحياة، وبالتالي التعايش التام مع (أي وضع) والتحرك فقط في تلك المساحة الضيقة التي تسمح له بها (السلطة)، ما لم يصبح من (ماسحي) الجوخ و(الهتيفة) والأرزقية والمنتفعين!
لقد ظلت (الإنقاذ) على مدى حوالي ثلاثة عقود تقوم بإلهاء الشعب بالبحث عن الغذاء والكساء والدواء والسكن والتعليم حتى أصبحت أحلامه تتآكل تدريجياً أمام عينيه حتى أضحى حصوله على (الحد الأدنى) من متطلبات الحياة يعتبره إنجازاً.. إلا يعد إنجازاً حقيقياً تستحق عليه أرقى الأوسمة حصولك على مقعد في حافلة متجهة إلى مكان سكنك بعد يوم شاق من العمل؟ ألا يعد (مفخرة) لك حصولك على (رغيفات) يقمن صلبك (وصلب عيالك) بعد وقوف بالساعات أمام المخبز ومدافرة وتصارع في نهار يوم قائظ؟ أليس من المفرح لك أن يتلقى أبناؤك تعليماً حكومياً بمئات الجنيهات التي تقتطعها من (الضروريات) لا تتوفر فيه البيئة الصحيحة والمعينات بدلاً عن إلحاقهم بالمدارس والجامعات الخاصة (البي الشيء الفلاني)، الما عندك ليها (رقبة)؟ ألا تبتسم في راحة حتى تبين نواجذك حينما تستطيع أن تجد سريراً لمريضك في مستشفى حكومي يزخر بكل أنواع (القطط) والفئران تنعدم فيه النظافة والشاش والديتول والحقن و(ميزان الضغط)!
لم تعد أسعار (الضروريات) من السلع في استطاعة المواطن وكذلك لم يعد بإمكانه الحصول على أدنى الخدمات إلا أنه راضٍ حامد شاكر وهو يرى (فلوسو) تتبعزق هنا وهناك في ترف لا يحتمل و(لهط) بالمفتشر لا يتناسب وهذا الوضع الردئ الذي يعيشه، والمسغبة التي يحياها.
لا تسألني كيف ارتضى المواطن هذا الحال الذي لا ترتضيه أكثر شعوب الأرض إذعاناً وخضوعاً، فالأمر قد تم عبر طرق (علمية) بحتة استخدم فيها القوم (شطارتهم) التي نشاهد مخرجاتها في صمت وكأن الأمر لا يعنينا، أرأيت كيف تقفز الأسعار بصورة دراماتيكية محيرة دون أن يقول أحد (بغم)؟ ودون أن يحتج أحد على ذلك؟ معظم ذلك تم عبر نظرية (الوفرة بعد الندرة)، تختفي أنابيب (الغاز) مثلاً ويصبح الحصول على أنبوبة غاز من سابع المستحيلات، يتعذب المواطن (عذاب نكير) بين الجري و(الشلهتة)، ثم فجأة تظهر أنابيب الغاز في السوق الأسود بمبلغ ثلاثمائة جنيه (مثلاً) بعد أن كان سعرها (مائة جنيه فقط) فيتدافع الجمهور لشرائها (عشان يمشي أمورو) وهو في قمة النشوة والسعادة وبعد أن تكتفي تلك الجهة (العندها الغاز) من جمع (القروش الحرام) تقوم الدولة بتسعير (أنبوبة الغاز) وإعطائها سعراً رسمياً هو (مائة وثمانون جنيهاً) حيث يتم إغراق السوق بالأنابيب و(تتحل) الأزمة فيفرح المواطن ويعيش في ثبات ونبات ويخلف صبيان وبنات حتى يفاجأ بندرة أخرى وسوق أسود يعقبه (فرج) بسعر جديد.
جارنا (ع) معلم الأساس يعول خمسة من الأبناء غير زوجته، توقف عن الذهاب للمدرسة لأن مرتبه (لو صرفوهو ليهو) فهو لا يصمد لأكثر من خمسة أيام، قابلتني زوجته في البقالة (شايلا ليها كيس حلاوة) فسألتها عنه:
• (ع) عامل كيف؟
• والله جاتو نفسيات
• الحاصل ليهو شنو؟
• دخلتا الصالون لقيتو فاااضي قدر ما عاينتا ما لقيت ليا زول وهو ماسك الطبشيرة يشرح للأولاد ويسأل فيهم
• والله كان كده حالتو اتأخرت
• دي ما المشكلة
• المشكلة شنو طيب
• المشكلة البجاوب صاح بيديهو حلاوة!
كسرة:
إلى متى يستمر هذا الحال؟ البجاوب صاح بنديهو حلاوة!!
كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 103 واو – (ليها ثماني سنين وسبعة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 62 واو (ليها خمس سنين وشهرين).