نازك شمام: نهاراً جهاراً
إذا لم تلتفت الجهات الإقتصادية لمعاناة المواطنين جراء سياساتها الأخيرة بتحجيم السيولة ولم تكترث إلى الأزمات المتفجرة يوما بعد الآخر عليها أن تأخذ في عين الإعتبار الافرازات السالبة جراء هذه السياسات والتي باتت ظاهرة رأي العيان وتتم نهاراً جهاراً لا تخشى شئيا ولا تهاب ضمير ولا وازع ديني ففي سبيل الحصول على السيولة بات كل شئيا متاحا ومحللأ رغم عن كل التشريعات والقوانين، فالتعاملات الربوية التي اضحت تمارس في وضح النهار دون وجل أو خوف أحد ابرز مظاهر أزمة السيولة وذلك ماجعل أئمة المساجد والعلماء يحذرون من مغبة هذه السياسات الاقتصادية المجحفة كما فعل إمام وخطيب مسجد خاتم المرسلين بجبرة جنوب الخرطوم الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف الذي شن هجوماً عنيفاً على سياسات الحكومة الاقتصادية بتحجيم السيولة في البنك ، وشدد على أنها أدت إلى ظهور تعاملات ربوية في العلن من بعض من وصفهم بضعاف النفوس .
في خطبة الجمعة الماضية ، دعا الشيخ عبد الحي يوسف الحكومة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية الخاصة بالسيولة ، وأزمة النقود في البنوك ، ونوه إلى أن هناك أصحاب حاجات يمتلكون رصيداً في البنوك لا يستطيعون سحبها لمواجهة ظروف مرضية أو سد احتياجات ضرورية وأشار إلى أنهم يصبحون عرضة لضعاف النفوس وتجار الربا ، لافتاً إلى تعاملات ربوية تتم في وضح النهار أمام البنوك من خلال التعامل بشيك مصرفي بقيمة ربحية مقابل الكاش ، وقال مما يؤسف له في الأشهر القليلة الماضية أقدم الناس على الربا جهاراً نهاراً ولا يعلمون أن الله قد أذن بحرب منه ورسوله على صاحب الربا.
كثير من الظواهر طفت على السطح عقب قرار الحكومة بتحجيم الكتلة النقدية في الأسواق السودانية فباتت الناس يمارسون بيع النقود بنقود عبر شيكات مصرفية تحمل فائدة للحصول على سيولة أقل وأصبحت جميع السلع تباع عبر سعرين سعر مصرفي آجل وآخر نقدي حالي فمواد البناء والمواد الغذائية والذهب وجميع السلع اضحت ضحية للسعرين وتحولت الأسواق الموازية من سوق واحد للعملات الأجنبية إلى أسواق موازية لجميع السلع.
على الدولة أن تخشى من استمرار هذه السياسة وان تعمل على ايجاد حلول فورية وسريعة وبديلة لها فاهي لم تحقق الهدف المرجو منها بتقليص الفجوة بين سعر العملات الاجنبية بين الاسواق الرسمية والاسواق الموازية وازداد الوضع سؤاً ، وتطور الامر الى معاملات ربوية ستساهم بشكل سريع في انهيار الاقتصاد بشكل كلي وفوري، فالاقتصاد السوداني الان في مفترق الطرق إما الذهاب الى طريق الاصحاح أو الوقوع في براثن الإنهيار.