ماذا وراء حماية ترامب لمحمد بن سلمان؟

السودان اليوم:

قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال احتفال البيت الأبيض بعيد الشكر أمس، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان “قد يكون من الوارد جدا أنه كان لديه علم بمقتل خاشقجي”.

ولكنه أشار بنفس الوقت إلى أن الولايات المتحدة تعتزم الإبقاء على الشراكة الراسخة مع السعودية فهي تتعامل مع الدولة وليس الأشخاص، وذلك لضمان مصالح واشنطن وإسرائيل الإقليميين، وأن إلغاء أمريكا العقود الدفاعية مع السعودية سيفيد روسيا والصين.

ترك الباب مفتوحا

وأثار تصريح ترامب تساؤلات حول إمكانية رفعه الغطاء عن ولي العهد السعودي والإقرار بأن له دورا رئيسيا في عميلة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

ويرى المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي خالد الترعاني أنه “على ما يبدو فإن المعسكر المؤيد لرفع الغطاء عن ابن سلمان في إدارة ترامب والمتمثل بعضوي مجلس الشيوخ ماركو روبيو و ليندسي غراهام قد انتصر، وهذا المعسكر الذي كان ينادي بأن يُحاسب محمد بن سلمان وأنه لا يمكن إلا أن يكون متورطا بالجريمة، تفوق على معسكر رفض معاقبة ولي العهد والمتمثل بصهر ترامب جاريد كوشنر وغيره”.

وتابع الترعاني في حديث: “الوضع يختلف هذه المرة لأن الإدارة الأمريكية لم يكن عندها أي موقف رسمي حقيقي من موضوع اغتيال جمال خاشقجي، وكانت تقول إنها تنتظر المعلومات والتقارير، وكان ترامب صرح قبل يومين بأنه سيصرح بالموقف الأمريكي قريبا، وبالتالي تصريحات اليوم هي موقف أمريكا وليس مجرد تصريحات صحفية”.

وأردف مستدركا بالقول: “ولكن لا نريد أن نكون مفرطين في التفاؤل مع رجل معروف عنه أنه لا يمكن التنبؤ بتذبذبات مزاجه، ولكن نقول إن هذا يعد مؤشرا قويا باتجاه رفع الغطاء عن ابن سلمان”.

وأوضح الترعاني أن ترامب ترك الباب مفتوحا بعض الشيء وترك كثيرا من المناورة لنفسه ليتراجع عن هذا القرار أو ذاك، وبرأيي فإن الأربعة والعشرين ساعة القادمة قد تكون مفصلية في مستقبل السعودية وابن سلمان تحديدا”.

من جهته أوضح المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي جو معكرون أن “هناك تباينا في المواقف بين البيت الأبيض وبين الكونغرس والاستخبارات الأمريكية، ومن الواضح أن البيت الأبيض غير جاهز بعد لهذا الموقف الواضح وتغيير أسس دعمه وعلاقته بالسعودية وخاصة ولي العهد”.

وتابع معكرون في حديث لـ”عربي21″: “تصريح ترامب بأنه من المحتمل معرفة ابن سلمان بعملية الاغتيال، يعني أنه ليس هناك موقف أمريكي واضح من هذا الموضوع، وعلى الأرجح ستبقى الأمور كما هي حتى تتحرك الإدارة، بالتالي فإن من المبكر جدا القول بأن الرئيس الأمريكي سيرفع الغطاء عن ابن سلمان”.

وأكد “أن الملعب الآن بين الكونغرس والرئيس، وسنرى الآن كيف ستتطور الأمور وكيف سيكون موقف الكونغرس الجديد خاصة مع وجود مجلس نواب ديمقراطي، وسننتظر الضغط السياسي المتوقع من الكونغرس”.

بدوره اعتبر أستاذ الإدارة والسياسة العامة في جامعة القدس، صلاح الحنيني أن “تصريح ترامب الأخير هو اعتراف ضمني بأن ابن سلمان هو المسؤول عن قتل خاشقجي”.

وتابع الحنيني في حديث لـ”عربي21″: “لكن بنفس الوقت هو لم يرفع الغطاء عن ابن سلمان ولم يبقه أيضا، وإنما ترك الأمر بيد العائلة، لترتيب البيت الداخلي السعودي أو أن يتصرفوا بشفافية وذلك لحفظ قوتهم وصورتهم أمام المجتمع الدولي وكحليف لأمريكا”.

واردف: “أيضا ترك الأمر للكونغرس الأمريكي ليقرر رفع الغطاء عن ابن سلمان أم لا، فهو لا يستطيع اتخاذ مثل هذا القرار حاليا في ظل ضغوط أعضاء الكونغرس عليه في قضية خاشقجي أو تلاعب الروس بالانتخابات وغيرها من القضايا”.

عقوبات

وحول امكانية فرض عقوبات أمريكية على السعودية وعلى ابن سلمان، أشار الحنيني إلى أنه من المبكر الحديث عن العقوبات، ويجب الانتظار لحين تبلور الصورة من خلال مواقف الكونغرس الأمريكي وبعض الساسة الأمريكيين المؤيدين لفرض هذه العقوبات وأيضا كيف سيتصرفون”.

وختم حديثه بالقول: “باعتقادي بأن الصورة كاملة ستتبلور خلال الأيام القادمة، وقد يكون هناك خطوات أمريكية عبر قانوني ماغنتيسكي وجاستا”.

من ناحيته قال المحلل السياسي خالد الترعاني: “لا يمكن لأمريكا أن تفرض عقوبات على السعودية في الوقت الذي ما زال فيه ابن سلمان على رأس الهرم السياسي عمليا، وإنما حينما يتم تجريده منصبه، وهذا الأمر هو أكبر عقوبة له، بأن يتم تجريده من منصبه وحرمانه من طموحه وحلمه بالحكم”.

وعند ذكر حالات مشابهة تم فيها فرض عقوبات أمريكية على رؤساء وهم على كرسي الحكم كالرئيس السوداني عمر البشير، أوضح الترعاني “أن الحالة هنا مختلفة، فالعلاقة بين أمريكا والسعودية تختلف عن العلاقة مع السودان، إضافة لأهمية الرياض الاستراتيجية لواشنطن”.

وأشار إلى أن “العلاقة بين أمريكا والسعودية لا تحتمل فرض واشنطن عقوبات على الرياض كالعقوبات المفروضة على السودان أو إيران”.

بدوره أكد المحلل السياسي جو معكرون على أن الحديث عن فرض عقوبات هو تصور كبير، ويعني الدخول في نوع من المواجهة، مضيفا أنه “يجب أن لا ننسى أن موضوع ثبوت مسؤولية ولي العهد عن قتل خاشقجي ما زال غير واضح أمريكيا، حيث يبدو أن ترامب لن يكتفي بتقرير الاستخبارات، وهي بالمقابل مصرة على تقريرها.. بالنهاية فإن البيت الأبيض هو من يضع السياسة الخارجية”.

وختم حديثه بالقول: “برأيي أنه الآن لا يمكن الحديث عن عقوبات، وإنما علينا انتظار الكونغرس الجديد وماذا سيقرر، والذي يمكن أن يفرض على الرئيس مقاربة أخرى للسعودية”.

دعم البديل

ومع ازدياد الحديث عن احتمالية استلام الأمير أحمد بن عبد العزيز ولاية العهد، وبعد تصريح ترامب الأخير يبقى السؤال: هل ستدعم الإدارة الأمريكية طرح بديل لابن سلمان؟

يرد الترعاني على هذا التساؤل بالقول: “في حال رفعت أمريكا الغطاء عن ابن سلمان، فستدعم شخصا يخلفه وسيكون له المكانة الجديدة وسيأخذ المباركة الأمريكية”.

وأضاف: “ولا تنس أن بقاء بعض هذه الأنظمة مرتبط بالإمدادات المعلوماتية والاستخباراتية التي تمدها بها واشنطن وهي لا تستطيع الاستمرار بدون دعمها”.

وخلص إلى القول: “إن الدعم لا يكون بأن تعين واشنطن بديلا لولي للعهد، وإنما ستقوم بإعطاء مؤشرات للعائلة الحاكمة بأن تتفق على شخص مقبول، وعلى الأغلب أن أحمد بن عبد العزيز هو هذا الشخص.

ويجب التأكيد على أن تغيير ابن سلمان لا يعني تغييرا جوهريا في سياسات السعودية وتوجهاتها، هو فقط التخلص من شخص أهوج يفتقد للحكمة والخبرة ويتصرف تصرفات لا تليق برجل دولة تربع على ربع احتياطي العالم من النفط”.

عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى