وسيمًا قسيمًا سَمَا وعلاه البهاء
{ والعالم الإسلامي يحتفي بسيد الخلق أجمعين رسول الله (الصادق الأمين ) وددت أن استرجع عبر هذه الزاوية أعظم وأجمل وأروع القصص في سيرة النبي والحبيب “المصطفى” ألا وهي قصته صل الله عليه وسلم، عندما كان مهاجراً من مكة إلى المدينة وبرفقته الصحابي الجليل “أبوبكر الصديق” ومعهم “عامر بن فهيرة” مولى “أبي بكر” و”عبد الله بن أريقط” (الدليل) وهم في سيرهم في تلك الرحلة التاريخية كما تروي السيرة (أشتد بهم العطش، وبلغ الجوع منتهاه، فجاءوا إلى “أم معبد” ونزلوا بخيمتها، وطلبوا منها أن يشتروا لحمًا وتمرًا، فلم يجدوا عندها شيئاً، فنظر النبي عليه الصلاة والسلام في الخيمة فوجد شاة، فسأل: “أم معبد” هل بها من لبن؟ قالت لا. هي أجهد من ذلك (أي أنها أضعف من أن تُحلب)، فقال صلى الله عليه وسلم: أتأذنين لي بحلبها ؟ قالت: نعم ، إن رأيت بها حلبًا، فمسح الحبيب “المصطفى” على ضرعها بيده الشريفة، وسمَّى اللَّه، ودعا “لأم معبد” في شاتها، فدرّت واجترّت، وطلب من “أم معبد” إناءً، ثم حلب فيه حتى امتلأ عن آخره، وقدَّمه إليها فشربت، حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رَوُوا، وشرب في الآخر. ثم حلب ثانيًا، وتركه عندها، وبعدها ارتحلوا عنها. فما لبثت إلا قليلاً حتى جاء زوجها “أبو معبد” يسوق أَعْنُزًا عجافًا هزالاً، تسير سيرًا ضعيفًا لشدة ضعفها، فلمّا رأى اللبن عجب، وقال: من أين هذا يا “أم معبد”، والشاة عازب بعيدة عن المرعى، حيال (غير حامل)، ولا حَلُوبةَ في البيت؟ قالت: مرّ بنا رجل كريم مبارك، كان من حديثه كذا وكذا ! قال : صفيه لي يا “أم معبد”. فقالت : إنه رجلٌ ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أي أبيض واضح ما بين الحاجبين كأنه يضيء)
(حسن الخِلقة، لم تُزْرِ به صِعلة أي لم يعيبه صغر في رأس، ولا خفة ولا نحول في بدن)،
ولم تَعِبْه ثجلة والثجلة ( ضخامة البطن)، وسيمًا قسيمًا، في
عينيه دَعَج (شدة سواد العين)
، وفى أشفاره عطف (طول أهداب العين)، وفى عنقه سَطَع (الطول) وفى صوته صَحَل (بحّة).
{ فى لحيته كثافة، أحور أكحل، أزَجُّ أقرن والزجج ( يعني تقوس في الحواجب مع طول وامتداد)، والأقرن (المتصل الحواجب)، إن صمتَ فعليه الوقار، وإن تكلم سَمَا وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هَدر، وكأن منطقه خرزات نظم تَنحدر (كلامه بيّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)
{ رَبْعَة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه العين من قِصر،غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، (تقصد “أبا بكر، وابن أريقط” لأن “عامر بن فهيرة” كان بعيدًا عنهم (يخفي آثارهم) أحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفّون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود (يحفه الناس ويخدمونه) لا عابس ولا مُفنّد (ضعيف الرأي)
{ وبعد هذا التوصيف الدقيق علق “أبو معبد” قائلا: هو واللَّه صاحب قريش، الذي ذُكر لنا من أمره ما ذُكر بمكة، ولو كنت وافقتُه.
لا لتمستُ صحبته، ولأفعلن إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً، فأعدت “أم معبد” وزوجها العدة؛ كي يلحقا برسول الله في المدينة، وهناك دخلا في الإسلام .
وضوح أخير :
{ ما أعظمها قصة وما اسماه رسول وما اروعها رسالة وما أعظمه دين .
{ رسول بهذه الصفات والمواصفات كيف لا يحتفي به .؟!
{ وأختم بقوله تعالى : في الآية الكريمة (85)
من سورة آل عمران :
( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
{ كل عام وأنتم بخير.
The post وسيمًا قسيمًا سَمَا وعلاه البهاء appeared first on صحيفة المجهر السياسي السودانية.