(إنا كفيناك المستهزئين.)
{ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ }(آل عمران: من الآية118) ..
ما زالت الإساءات للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستمرة، ولن تنتهي طالما كان هناك من يبغض الإسلام ويحقد على الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فإن عداوة الكافرين للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولدينه عداوة قديمة منذ بعثته ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، وقد بين الله تعالى أن هؤلاء الحاقدين لن يرضوا حتى نتبع ملتهم : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }(البقرة : 120) .
وأحداث التاريخ منذ بعثة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها الكثير من المواقف والأحداث التي تبين عاقبة من استهزأ بالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتؤكد أن الله تعالى تكفل بالانتقام لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكفاه ممن استهزأ به، وهذا ماض إلى قيام الساعة دائماً وأبداً ، مصداقاً لقوله تعالى : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ }(الحجر:95).
قال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية : ” وهذا وعْدٌ من الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنْ لا يضره المستهزئون، وأنْ يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله تعالى، فإنَّه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة ” .
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رجل نصرانياً فأسلم ، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فعاد نصرانياً، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له، فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه ) رواه البخاري .
يقول ابن تيمية: ” وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذه عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجُرم أعظم من مجرد الارتداد، إذ كان عامة المرتدين لا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبَّه، ومُظْهِرٌ لدينه، وكذب الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد “.
ثم إن المجرم الذي يسيء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا لم تدركه عقوبة في الدنيا ـ فيما يظهر للناس ـ فإن وراءه
يوم عبوس قمطرير شره في الخلق منتشر عظيم الشان
إن مقام النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسمى وأرفع من أن تصل هذه السخرية وأمثالها للنيل منه ومن قدره ومقامه ، ومثل هذا الفيلم المسيء لا يمثل إلا حلقة من حلقات الإهانة التي لا تتوقف ضد نبي الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي لا تزيد المسلمين إلا تمسكاً بدينهم ونصرة لنبيهم ، كما تزيد عدد الباحثين عن حقيقة الإسلام، ومعرفة شخصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومن ثم زيادة عدد الداخلين في الإسلام، كما أثبتت ذلك الإحصائيات التي تلت أزمة الرسوم الدانمركية المسيئة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي حدثت منذ سبع سنوات ..
نصرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
قال الله عز وجل : { إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }(التوبة: من الآية40) .. على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يهبوا لنصرة نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدفاع عنه، ووسائل نصرته كثيرة ، منها :
ـ تعظيم النبي ـ صلى الله وعليه وسلم ـ وتوقيره ، وتوقير سنته والتمسك بها ، وإظهارها والإعتزاز بها ، ودعوة الناس إلى التمسك بها والعض عليها بالنواجذ، قال الله تعالى : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } (الفتح:8، 9)، وقال تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }(الحشر: من الآية7) .
ـ على العلماء والدعاة والمربين تعريف المسلمين وغيرهم بسيرة وحياة وأخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحديث عن مزايا شريعته وهديه ، من خلال وسائل الدعوة والإعلام وبكافة اللغات المختلفة ، لعل الله أن يهدي من شاء منهم إلى الصراط المستقيم ، ولتكون حجة على المعاندين والمكابرين ..
ـ المقاطعة الفكرية والاقتصادية والثقافية لأعداء النبي ـ صلى الله وعليه وسلم ـ ، وهي أقل درجات الإنكار ولا يعذر فيها أي مسلم مهما كان موقعه ، ومهما كانت قدراته ، فإذا كانت نصرة المؤمن للمؤمن واجبة ـ قولاً وفعلاً ـ وأدناها بالقلب ، ثم باللسان ، ثم باليد ، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) ، فنصرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوجب وأعظم ..
فإنّ أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمّد منكم وقاء