هاكم أقرب طريق لقلب الرجل [ عبد العزيز المقحم ] 2019
هاكم أقرب طريق لقلب الرجل
لو أطاعتني النساء .. لم تطلّق واحدة !
عبد العزيز المقحم
ملّت النساء من كثرة الحديث عن ” حقوق الزوج ” وضجت بالصياح : أليست للزوجة حقوق ؟ ولماذا كل حديثكم عن حقوق الزوج ؟ وأين حقوق الزوجة؟.
ولكن أرجو أن تسمح لي أخواتي الكريمات (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض) (التوبة: 71) ، وآمل أن يتلقين ما أقول هنا لا باعتباره حديث رجل عن حقوق الزوج .. كلا والله ثم كلا .. ولكن باعتباره نصيحة مسلم لأخت مسلمة ، يعلم أن أخته المتزوجة قد صمّت أذناها من الأحاديث عن واجباتها وتقصيرها وعن حقوق زوجها ، ويعلم أن لها حقوقًا كبيرة على الزوج إن لم تأخذها في الدنيا فستأخذها في الآخرة أحوج ما تكون إليها ، ويعلم أنها مسكينة مستهدفة مظلومة تصبح وتمسي بين أعداء يسومونها سوء الخطط لإهلاكها وتحطيمها وزوج لا يفهم من معاني الزوجية إلا حقوق الزوج وواجبات الزوجة أو لا يريد أن يفهم غير ذلك ولا يرى لها رأيًا فضلاً عن أن يرى لها حقًا فقد تحبه جدًا وتتعلق به أشد التعلق ، ثم يطلقها وهو يعلم وقد تكرهه جدًا وتصارحه فيجبرها على نفسه وهو يعلم ، وقد ترضي منه بالقليل لو بذله ولكنه لا يبذله لها وأنواع أخرى من الأزواج يجعلون الرجل يحمد الله أنه لم يكن امرأة عند واحد منهم ، أعان الله عليهم أخياتنا وصبّرهن وما صبرُهن إلا بالله .
لكن الحديث هنا عن نقطة محددة جدًا ولها أثر كبير في استمرار العلاقة وبقاء الأسرة ونجاح الزوجة إذا كانت في حال الرخاء واليسر تريد زوجها أو ترضاه على الأقل ، أما إن كانت خلاف ذلك فلكل حادث حديث .
بداية نقول إن أختنا المتزوجة حين قبلت من تقدم إليها لم تكن تريده زوجًا مؤقتًا ، وليست مستعدة أن تخسره لأدنى سبب ، ولم ترد بالعيش معه امتحان حلمه وصبره حتى تفاجئه بما يحتمل وما لا يحتمل ، ولم تكن تريد الدخول معه في مسابقة تحقيق الكرامة وإظهار أيهما أعز وأكرم ! ولم تكن تريد أن يحقق أحلامها الوهمية كما دندن المفسدون في الأرض بوصفه ” فتى الأحلام ” ولا أن تغلق عليه دنياه بأقفالها كما دندنوا بوصف الزواج بـ ” القفص الذهبي ” ولم ترد أن يكون العسل شهرًا واحدًا وبعده المرّ كما يدندنون .. ولم ترد أي مراد يفضي إلى الفراق أبدًا .. أبدًا ، إنما أرادت حين قبلته أن يأخذ بيدها ليحفظها قدر استطاعته وهي على أتم الاستعداد أن تحافظ عليه قدر استطاعتها مهما حصل منه إلا ما لا يمكن الصبر عليه وأجرها على الله وهي بذلك تعدل كل ما فضلت به الرجال النساء من الحج والجهاد والصلاة جماعة وشهود الجنائز وغير ذلك .
من هذه الإرادة ، وهذه المنطلق نحدث أخياتنا المتزوجات حديث مشفق ينكسر قلبه إذا قيل طلقت فلانة ويهش ويبش إذا قيل استرجعها زوجها فنقول : تعالين يا أخايتنا المسلمات إلى كلمة سواء :
أما من كانت إرادتها غير ما حددنا حين قبلت الزواج فليس حديثنا إليها (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)(البقرة: 148) ، وأما من كانت إرادتها المحافظة على زوجها وبيتها غاية ما في استطاعتها فلتسمع وتطع ولتبشر بخيري الدنيا والآخرة ، وذلك أن تنظر ما قاله أبر الخلق بها وأنصحهم لها وأعلمهم بما ينفعها ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لأن الرجل لا يريد من النساء صديقًا ولا شريكًا كما يدندن المفسدون في الأرض ، وإنما يريد منهن زوجة موافقة ، وأسعد النساء بقلوب الرجال وطول العيش معهم ليست أجملهن كما يتخيل العزاب والشهوانيون وقليلو التجارب ، وليست أغناهن كما يتخيل الفقراء والجشعون ، وإنما أسعدهن بمحبة الرجال وطول العيش معهم من علمت أن الزوجات مع أزواجهن مثل ندماء الملوك وجلسائهم سواء بسواء ، وإذا ألم يكن الرجل ملكًا أو كالملك في بيته ومع زوجته فماذا تريده أن يكون ؟ خادمًا أو أخًا أو شريكًا كما زعموا ؟ وإذا لم يكن ملكًا أو كالملك في بيته ومع زوجته فهل يطمع في ذلك عند رؤسائه أو أصدقائه ؟ وإذا لم تكن الزوجة مع زوجها مثل نديم الملك فماذا تكون معه ؟ هل تكون معه صاحبة الجلالة وهي تعطيه من نفسها ما تعطيه وتبذل له ما تبذل أم هل تكون كنديم الملك مع أخواتها وصديقاتها ؟
إنه أحق الناس بها وأنفعهم لها وأقربهم إليها وأقدرهم على ما شاء منها لو كانت تعلم ، ولذلك قال أنصح الناس لها وأعلمهم بما ينفعها ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها )) وإنها لتبذل له من نفسها وجسدها وكرامتها بكل رضًا وسرور ما لا تبذل شيئًا منه لغيره ، فكيف تستكثر عليه ما دون ذلك بكثير .
كم جميلة خسرت بيتها وزوجها وهي تحبه ويحبها ؛ لأنها لم تحسن أن تكون معه كنديم وتشعره بذلك بلطف وشفافية دون إثقال ولا إملال .. وكم قليلة جمال أو عديمة جمال استطاعت أن تزرع في قلب زوجها حبها حتى صارت من أحب الناس إليه وحتى لا يمكنه أن يستغني عنها ، وهذا هو ما يدندن حوله بعضهم بما يسميه ” جمال الروح ” وتفصيل ذلك يطول جدًا ولا حصر له ولكن جماعه وأساسه ومنتهاه هو ما قلت في وصفه ” ندماء ” وأكثر ما تبرز الحاجة لذلك حينما نعرض بوادر الخلاف بين الزوجين ، فيجب على الزوجة الصادقة الذكية أن تحاذر غضبه ومخالفته ، وتعلم أن كثيرًا من الرجال يغضبون ويرضون ، وأن زوجها ليس بذلك العاقل الحصيف الحليم فتكسبه بهدوء مهما بذلت ولها أعظم الأجر في ذلك بإذن الله ، ثم تجعله يخجل منها تمامًا وتكون كما قالت أسماء بنت خارجة لابنتها : ” كوني له أمة يكن لك عبدًا ” ، ولا تزعجه بكثرة مخالفاتها ، فهو أهم عندها من قضية الخلاف مهما كانت والخلاف ينبت البغضاء في القلب كما قال المثقب :
فإني لو تخالفني شمالي خلافك ما وصلت بها يميني
وكما قال ابن الرومي مشتكيًا متضجرًا مالاً منها :
مشغوفة بخلافي لو أقول لها يوم الغدير لقالت ليلة الغار
وهذا بإذن الله أقرب طريق إلى قلب الرجل ، وليس كما زعموا أن أقرب طريق إلى قلبه معدته ، ولكن طباع النساء غالبة عليهن إلا من رحم الله ، وعسى الله أن يوفق أخياتنا للمحافظة على أزواجهن وبيوتهن ، وأن يجعل لهن في ذلك بغية صالحة ترفع درجاتهن في جنات النعيم .
أرجو ألا يكون في هذا إغضاب لمن ملّت من زوجها ومن الحديث عن حقوق الزوج وواجبات الزوجة ، فالمقصود حفظ البيوت والأسر والسير بتلك السفن إلى بر الأمان ولتكن المبادرة من الزوجات الكريمات وسيجنين ثمرات ذلك في الدنيا والآخرة إن شاء الله .