لماذا يخرج الحوت نافورة ماء
الحوت
لا بدّ أنّك رأيت من قبل ولو على شاشة التلفاز كيف يقوم الحوت بإخراج الماء من ذلك الثقب الموجود في منتصف رأسه، فيجب عليك أن تعلم في البداية أنّ هذا الثقب ليس إلّا أنف الحوت؛ فالحوت يستعمل أنفه فقط للتّنفُّس عكس ما يظنّه بعض النّاس، وهو بالأصل ليس ماء، فالحوت لا يشرب الماء المالح في البحر، وفي هذا المقال سأخبركم بنقطةٍ مهمّة وهي أنّ الحوت وبقيّة الأسماك –على اختلافها- لا تشرب من ماء البحر أبداً؛ لأنّ الماء المالح يَضرّ بالكائنات الحيّة، لذلك تأخذ احتياجاتها من الماء من الغذاء الّذي تأكله. والحوت إذاً لا يشرب الماء، وما ينفُثهُ أو يفرغه بالتالي ليس ماء؛ لأنه لا يصنع الماء داخل جسده لينفثه.
ويجب أن نعرف أنّ الحوت يعتبر من الثدييات التي تعيش في الماء، وهو ليس من الأسماك، ولهذا فهو يتنفّس الهواء كما الإنسان، وليس له خياشيم كالأسماك، فهو يحتاج إلى أن يخرج إلى سطح الماء كلّ خمس عشرة دقيقة ليتنفس الهواء، وفي هذه اللحظة نرى النافورة التي نتساءل عنها، ولكن إن كان لا يشرب الماء، وكان يحتاج إلى الهواء من السطح فلماذا ينفث الماء؟
كما ذكرنا سابقاً فإنّ الحوت لا ينفث الماء؛ بل هو يزفر الهواء من جوفه، وما نراه ونظنّ بأنّه الماء هو تجمّع الهواء داخل رئتيه، وهذا الهواء يختلط على شكل بخار الماء، ولأنّ حرارته أعلى من حرارة الهواء الخارجيّ يتبيّن لنا من بعيد وكأنّه مجرى من الماء يخرج من أنف الحوت. وبذلك تشكّلت الصورة في أذهاننا وتبيّن بأنّ الحوت يخرج بخار الماء على شكل نافورةٍ جميلة تجذب الناظر إليها، وهو بعد ذلك يشهق الهواء عبر أنفه، ليعود من جديد إلى جوف المحيط.
والتفسير العلمي لهذه الظاهرة يقول بأنّ خروج بخار الماء من أنف الحوت هو بسبب الدفء في سطح المحيط، فنتيجة اختلاف الحرارة واختلاف الضغط، تتحوّل جزيئات بخار الماء من الحالة الغازيّة إلى السائلة، ونراه كنافورة من الماء العذب.
كان الصيّادون يستدلّون على الحيتان في البحار بمراقبة ظهور هذه النافورة التي تخرج من رأس أو للدقّة أكثر أنف كلّ حوت، وعندما يحدّدون مكانه يهاجمونه لصيده. وتدلّ الأحافير والدّراسات الجيولوجيّة أنّ الحيتان وجدت منذ العصر الطباشيري (الكريتاسي) ) (Cretaceous period)منذ 135 إلى 65 مليون سنة. بالضّبط؛ أي منذ حوالي 70 مليون سنة، وهذا يعني أنّ الحيتان المختبئة في قاع المحيط حافظت على تواجدها حتّى في فترة الانقراض العظيم؛ أي قبل 65 مليون سنة عندما انقرضت معظم الكائنات الحيّة وأهمّها الديناصورات.