من هو سيف الله المسلول
هو أبا سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي القرشي، والدُه الوليد بن المُغيرة، من أغنى أغنياء قريش وأكرمهم، وكانت قريش تكسو الكعبة عاماً وهو يكسوها عاما، ولذلك لقِّب بـ “ريحانة قريش”، وهو الذي نزل فيه قول الله تعالى ( ذَرنِي وَمَن خَلَقتُ وَحِيداً * وَجَعَلتُ لَهُ مَالاً مَّمدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمهِيداً * ثُمَّ يَطمَعُ أَن أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدبَرَ وَاستَكبَرَ * فَقَالَ إِن هَذَا إِلَّا سِحرٌ يُؤثَرُ * إِن هَذَا إِلَّا قَولُ البَشَرِ * سَأُصلِيهِ سَقَرَ)، حيث أنه كان على وشك أن يُسلم ولكنه استكبر وتبع قومه. وجدُّه عبد الله كان سيداً في بني مخزوم، وكثير المآثر أيضاً، كان خالدٌ طويل القمة، عريض المنكبين، تميل بشرته في لونها إلى البياض، وله لحيةٌ كثَّة. وكان من فرسان قريس وبني مخزم، فقد تربَّى في الصحراء وشبَّ فيها، وكان فارِساً مُتقناً للفروسية، بل أنه نَبَغ فيها فوق أقرانه، وكان رضي الله عنه قوياً شجاعاً، ذا جَلَدٍ وإقدام، كان فارِساً وقائداً وجندياً لا يُشقُّ له غبار، وكان أفضل الفرسان في عصره نظراً لِما أظهره من براعة في القتال والتخطيط؛ وحنكته في الكرِّ والفر.
كان خالد بن الوليد من ضمن القادة في معركة أحد، وهو الذي التفَّ حول جبل أُحد وانتظر بحنكة كبيرة أن ينزل الرُّماة عن الجبل طلباً للغنائم؛ ثم أطبق على المسلمين من الخلف، وكان هذا سبب خسارة المسلمين لهذه المعركة، وأسلم خالد في السنة الثامنة للهجرة بعد صلح الحديبية، وقد أرسل له أخوه الوليد يدعوه إلى الإسلام بعد أن سأله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بأنه لا يعرف مكانه، فقال عليه الصلاة والسلام (ما مثله يجهل الاسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيراً له، ولقدمناه على غيره)، وكان خالد في هذه الفترة يفكِّر في الدخول في الإسلام، وبعد أن وصلته رسالة أخيه وما ذكره له من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، فرح بها وتشجَّع وأسلم، ثم ذهب إلى المدينة ليُعلن إسلامه.
أصبح خالد بن الوليد من القادة على جيوش المسلمين، وقد شهّد غزوة مؤتة وقاتل فيها إلى جوار القادة العِظام الذي قتِلوا في تلك المعركة وهم زيد بن حارثة وبعده جعفر بن أبي طالب وبعده عبد الله بن أبي رواحة، فحمل الراية ثابت بن قرم وأتى بها إلى خالد وطلب منه حمل الراية، فحملها وقاتل بها حتى إنتصر جيش المسلمين. وعندما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه عن تلك المعركة قال (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب، وعيناه -صلى الله عليه وسلم-تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)، ومن يومها أُطلق عليه لقب سيف الله المسلول، وقد كان رضي الله عنه سيفاً في وجه المشركين والمنافقين والمرتدين عن دين الله.
يعتبر خالد بن الوليد من القادة النادرين في التاريخ الذين لم يخسروا ولا معركة في حياتهم، وكان يطلب الشَّهادة في كل معركة أو غزوة، ولكنه مات على فراشه وهو يقول قولته المشهورة (لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها، وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامت أعين الجبناء). وقد توفي رضي الله عنه عام واحد وعشرين (21) للهجرة في حمص. ولم يمت في معركة لأنه سيف الله، وسيف الله لا يُكسر في معركة؛ ولا يستطيع أحد وضعه في غمد.