بحث عن موضوع المحميات الاردنية
السياحة البيئية في المحميات الطبيعية في الأردن
أصبح مفهوم السياحة البيئية Ecotourism واحدا من أكثر مفاهيم التنمية المستدامة نموا وإنتشارا في العالم، إذ ان هذا المفهوم يحقق تطبيقا نموذجيا للتكامل ما بين عناصر التنمية المستدامة الثلاث: الاقتصاد والمجتمع والبيئة . فالسياحة البيئية تعتبر نشاطا اقتصاديا مدرا للدخل والوظائف والعملة الصعبة، بنفس الوقت الذي يخدم فيه المجتمعات المحلية في الموقع السياحي والتي تلعب دورا محوريا في تنفيذ هذه المشاريع كما يتم المحافظة على عناصر البيئة الرئيسية ومنع تلوثها.
ويعتبر هذا النوع من السياحة هاما جدا للدول النامية لكونه يمثل مصدرا للدخل بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة وممارسة التنمية المستدامة بل أن العديد من الدول النامية باتت تعتمد على السياحة البيئية كمصدر دخل وتنمية رئيسي لها.
وفي الأردن تعتبر السياحة النشاط الاقتصادي الثالث المدر للدخل بعد تعدين الفوسفات والبوتاس، وقد تم إيلاء اهتمام كبير بها من الحكومة ومن القطاع الخاص، ودخل مفهوم السياحة البيئية إلى الأردن في أوائل التسعينات ولم يستغرق وقتا طويلا في ترسيخ نفسه عنصرا رئيسيا في خطط السياحة الوطنية خاصة مع نجاح تجربة محمية ضانا في السياحة البيئية.
وتعتبر المحميات الطبيعية التي تديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة هي مركز الثقل الرئيسي للسياحة البيئية، حيث تشجع الجمعية الملكية لحماية الطبيعة السياحة لكونها نشاطا تنمويا يساهم في اجتذاب العديد من الفوائد لمصلحة حماية الطبيعة، فهي توفر مجالات العمل للسكان المحليين ومن خلال رفع التوعية البيئية تساهم في جعل الناس يفهمون جيدا أهمية حماية الطبيعة في حياتهم. ولا تدعم الجمعية السياحة بأي ثمن، بل تعمل على مبدأ أن النشاطات السياحية يجب ألا تؤذي الطبيعة أو القيم الثقافية وأنها يجب أن توفر الفوائد للسكان المحليين وهذا هو التطبيق الحقيقي لمبدأ ” السياحة البيئية”. وتاليا نبذة سريعة عن أهم مواقع السياحة البيئية في الأردن:
1- محمية ضانا الطبيعية:
توجد في ضانا تضاريس جبلية رائعة وفريدة من نوعها وقرية قديمة مبنية على قمة هضبة تطل على وادي ضانا السحيق والمثير، وتتميز المحمية بغناها في التنوع الحيوي وهي من أفضل المواقع لمشاهدة الطيور خاصة خلال الهجرة الربيعية والخريفية.
هنالك العديد من مسارات المشي والتسلق، بعضها قصير لا يتجاوز الساعة وبعضها طويل قد يمتد إلى طوال اليوم وأحيانا مع مبيت ليلي كما أن هناك مسارا سياحيا طويلا وصعبا لكنه مشوق جدا ما بين وادي ضانا ووادي رم يستمر لمدة ثلاثة أيام. كل المسارات توفر مشاهد طبيعية مذهلة وتشكيلات صخرية فريدة من نوعها كما أن بعضها يمر عبر مواقع أثرية هامة ومنها مناجم النحاس الأثرية في وادي فينان. ويتمتع المخيم ومركز الزوار بميزات وخصائص مثيرة وهي مواقع يمكن فيها الاسترخاء والاستمتاع بالمشاهد الطبيعية بهدوء وسكينة. وهناك أيضا مركز صنع الحلي المحلية والمنتجات الزراعية العضوية التي تعرض وتباع في مركز الزوار. وبالإضافة إلى ذلك فإن الأدلاء المدربين موجودون على مدار الساعة.
ويقيم السواح في ضانا إما في مركز الزوار أو في المخيم السياحي. ويقع مركز الزوار المبني من الصخور المحلية على ارتفاع مئات الأمتار من وادي ضانا حيث يوفر مشاهد خلابة للمحمية. كما يوجد مخيمان في المحمية، أحدهما في المنطقة المرتفعة عند الحافة الشرقية للمحمية ويسمى ” مخيم الرمانة” والآخر في المنطقة المنخفضة عند الحافة الغربية ويسمى مخيم فينان.
2-محمية الموجب الطبيعية:
تعتبر محمية الموجب واحدة من أكثر محميات الأردن تميزا وروعة، لكنها من الأقل شهرة ومعرفة بين الناس، مع أنها المحمية الأكثر انخفاضا عن سطح الأرض في العالم وتتكون من سلاسل جبلية صخرية وعرة وأودية ذات مياه نظيفة دائمة الجريان في الأنهر والسيول، وتتميز أيضا بكونها محاذية للبحر الميت مما يعطي لجبالها خلفية زرقاء في غاية الجمال.
أكثر خصائص محمية الموجب جاذبية هي رحلة المغامرات في نهر الموجب والتي تتضمن السباحة والتسلق ومشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة على طول وادي الموجب. ويتم تنفيذ هذه الرحلة المزودة بدليل خاص 4 مرات أسبوعيا وتنحصر في مجموعات لا يتجاوز عددها 20 شخصا. وهناك جولات أخرى أقصر من ذلك ومنها الهبوط من مساقط المياه وجولات الحياة البرية ومراقبة البدن ومراقبة الطيور والتخييم في الطبيعة.
ويعتبر الموجب مكانا مناسبا لمحبي الطبيعة الذين يملكون لياقة عالية ويحبون المشي. وتعتبر المرافق بسيطة ويصبح الجو حارا أثناء الصيف.
3- محمية الأزرق المائية:
تعتبر “الأزرق” واحة فريدة من نوعها استعادت مؤخرا وضعها وخصائصها الطبيعية بعد أن مرت بفترة طويلة من الجفاف الناجم عن ضخ المياه الجائر لأغراض الشرب، وهي الموقع الوحيد في الصحراء الأردنية والذي يمكن فيه السير حول واحات مائية وبرك كما يوجد غطاء نباتي كاف لإحداث مساحات واسعة من الظل والرطوبة والبرودة. وتعتبر المنطقة واحدة من المناطق المهمة لهجرة الطيور دوليا وهي مسجلة في معاهدة رامسار للمواقع المهمة للطيور.
توفر المحمية الكثير من الخدمات في منطقة محدودة، فهناك مسار دائري خشبي يلتف حول وداخل البرك المائية ويعطي الزائر معلومات ومشاهد كاملة حول المحمية، وهناك موقع خاص لمراقبة الطيور من خلال نوافذ. وبالإضافة إلى ذاك يوجد في المحمية مركز للزوار مزود بوسائل ايضاحية وتعليمية حديثة وهناك مواقع أثرية لعل أهمها سد أموي صغير لحجز المياه. وتقع محمية الأزرق بالقرب من محمية الشومري وبالتالي يمكن زيارة المحميتين معا في يوم واحد.
4- محمية الشومري الطبيعية:
الشومري هو موطن المها العربي وهو أحد أكثر الحيوانات في الأردن والعالم العربي جمالا وقيمة، وكان قد إنقرض محليا قبل أن يبدأ برنامج إعادة توطينه في بداية الثمانينات من القرن العشرين. وفي محمية الشومري يمكن للزائر مشاهدة واحدا من أكبر قطعان المها في العالم والذي نما بفضل جهود سنوات طويلة من الرعاية والاهتمام بهذا القطيع وإكثاره.
بإمكان الزوار مشاهدة المها العربي وكذلك النعام والغزلان وبعض الحيوانات الأخرى المميزة لهذه المنطقة، وتعتبر مراكز الإكثار بمثابة ” حدائق حيوان” صغيرة ذات شعبية بالنسبة للزوار. وتوجد في مركز الزوار مواد تعليمية وايضاحية تشرح قصة المها العربي وصراعه للبقاء والمساعدة التي قدمها برنامج إعادة التوطين والإكثار، وهناك ” رحلة سفاري” بحد أقصى 15 شخصا تنطلق داخل المحمية لمشاهدة القطيع على الطبيعة، وللعائلات توجد مناطق خاصة للعب الأطفال وجلوس العائلات لتناول الطعام والقيام برحلة ترفيهية.
5-محمية وادي رم الطبيعية:
تعتبر منطقة وادي رم من أكثر الصحارى في العالم تميزا من خلال التشكيلات الجبلية والصخرية الفريدة، والسماء الصافية ليلا ودرجات الحرارة المعتدلة، وهي بعد البتراء أكثر المناطق في الأردن اجتذابا للسياح. وقد تم إعلان منطقة وادي رم “محمية” في العام 1998 وهي ذات إدارة مشتركة ما بين سلطة المنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة، ووزارة السياحة والجمعية الملكية لحماية الطبيعة وذلك بهدف تحقيق إدارة متكاملة للمنطقة حماية لها من التأثير السياحي الكبير وضمان استدامة دورها السياحي. وتمارس عدة نشاطات سياحية في وادي رم ومنها تسلق الجبال والتخييم والسير الليلي وسباقات التحمل والجري.
6- محمية عجلون الطبيعية:
تتميز محمية عجلون بكونها محمية ذات هضاب وجبال متعرجة مغطاة بتجمعات كبيرة وكثيفة من غابات البلوط دائمة الخضرة، تتخللها بعض أشجار السرو والفراولة البرية والخروب وهي تمثل البقية الأخيرة من الغابات البرية الطبيعية التي كانت تغطي شمال الأردن في الماضي.
وتوجد في المحمية الكثير من الحيوانات التي تعيش في مناطق الغابات ومنها الغريري والثعالب وبعض الخنازير البرية وكذلك العديد من أنواع الطيور وفي الربيع تتحول المنطقة إلى لوحة طبيعية جذابة من الأزهار وخاصة شقائق النعمان والزهور البرية الملونة. وسيتم خلال الأشهر القادمة بناء مرافق وبنية تحتية ملائمة للسياحة البيئية ونشاطات التخييم والتوعية البيئية.