قصائد عن الشتاء لنزار قباني
محتويات المقال
الشتاء هو من أجمل الفصول التي ينتظرها العشاق، وهو الذي يأتي بعد فصل الخريف، ويكون الجو بارداً وتنزل به الأمطار والثلوج، وفي الشتاء يقصر النهار ويطول الليل، وهنا في مقالي هذا جمعتُ لكم أجمل الأشعار التي قيلت عن الشتاء.
أشعار عن الشتاء
نزار قباني
- إذا أتى الشتاء
- وحركت رياحه ستائري
- أحس يا حبيبتي
- بحاجة إلى البكاء
- على ذراعيك
- على دفاتري
- وانقطعت عندلة العنادل
- وأصبحت
- كل العصافير بلا منازل
- يبتدئ النزيف في قلبي
- وفي أناملي
- كأنما الأمطار في السماء
- تهطل يا صديقتي في داخلي
- عندئذ يغمرني
- شوق طفولي إلى البكاء
- على حرير شعرك الطويل كالسنابل
- كمركب أرهقه العياء
- كطائر مهاجر
- يبحث عن نافذة تضاء
- يبحث عن سقف له
- في عتمة الجدائل
- واغتال ما في الحقل من طيوب
- وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
- يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
- يأتي كطفل شاحب غريب
- مبلل الخدين والرداء
- وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
- أمنحه السرير والغطاء
- أمنحه جميع ما يشاء
- من أين جاء الحزن يا حبيبتي ؟
- وكيف جاء؟
- يحمل لي في يده
- زنابقاً رائعة الشحوب
- يحمل لي
- حقائب الدموع والبكاء
حبيبة وشتاء
- وكان الوعد أن تأتي شتاءً
- لقد رحل الشتا .. ومضى الربيع
- تطرزها، ولا ثوبٌ بديع.
- ولا شالٌ يشيل على ذرانا
- وهاجر كل عصفورٍ صديقٍ
- ومات الطيب، وارتمت الجذوع
- ولم يسعد بك الكوخ الوديع
- ففي بابي يرى أيلول يبكي
- ويسعل صدر موقدتي لهيباً
- فيسخن في شراييني النجيع
- وتذهل لوحةٌ .. ويجوع جوع
- وفيما يضمر الكرم الرضيع
- وفي تشرين، في الحطب المغني
- وفي كرم الغمائم في بلادي
- وفي النجمات في وطني تضيع
- إليها قبل، ما اهتدت القلوع
- ولا ادعت الضمائر والضلوع
- أشم بفيك رائحة المراعي
- أقبل إذ أقبله حقولاً
- ويلثمني على شفتي الربيع
- بجسمي، من هواك، شذاً يضوع
- فهل يطفي جهنم .. مستطيع؟
- فلا تخشي الشتاء ولا قواه
- أحبك .. لا يحد هواي حدٌ
- ويلهث في ضفائرك القطيع..
- أنا كالحقل منك .. فكل عضوٍ
- جهنمي الصغيرة .. لا تخافي
- ففي شفتيك يحترق الصقيع
يونّا أبو رحمة
- يقولُ: ذا الشتاءْ
- من قُبَّةِ الفضاءْ
- وعِطرِهِ اللطيفْ
- والجدولَ الودودْ
- نَدورُ حولَ النارْ
- نُسَبِّحُ المَنّانْ
- يَفيضُ بِالجَمالْ
- يَروي لنا العطشانْ
أكرم الزعبي
- على غير عادته في الأناقةِ
- جاء الشتاءْ،
- لم يكن كحلُهُ ساتراً للنجومِ
- ولم يكُ أبيضُهُ غيمَ صيفْ،
- غريباً أتى
- حاملاً في يديهِ هموم الخريفِ
- وفي ظهرهِ نصفُ سيفْ،
- على غير عادتهِ في البكاءْ
- لئيماً أتى
- وثقيلَ الظلالْ
- شحيحاً
- يُشقِّقُ بالريحِ وجه الحقولِ
- ويضحكُ بالسرِّ خلف الجبالْ،
- هو القحطُ قالت عجوز السنونوِ
- ثم دعت قومها للرحيلِ
- ولكنّ عصفورةً في القماطِ
- تبسّم في وجهها الحزن قالت :
- على غير عادته في الخديعةِ
- سوف يعود
- إلينا
- الشتاءْ.
محمد الماغوط
- بيتنا الذي كان يقطنُ على صفحةِ النهر
- ومن سقفه الأصيل والزنبقُ الأحمر
- هجرتُه يا ليلى
- وتركتُ طفولتي القصيره
- تذبلُ في الطرقات الخاويه
- كسحابةٍ من الوردِ والغبار
- غداً يتساقط الشتاء في قلبي
- وتقفز المتنزهاتُ من الأسمالِ والضفائر الذهبيه
- وأجهشُ ببكاءٍ حزين على وسادتي
- وأنا أرقبُ البهجة الحبيبه
- تغادرُ أشعاري إلى الأبد
- والضبابُ المتعفّنُ على شاطئ البحر
- يتمدَّدُ في عيني كسيلٍ من الأظافرِ الرماديه
- حيثُ الرياحُ الآسنه
- تزأرُ أمام المقاهي
- والأذرعُ الطويلةُ، تلوحُ خاويةً على الجانبين
- يطيبُ لي كثيراً يا حبيبة، أن أجذبَ ثديك بعنف
- أن أفقد كآبتي أمام ثغرك العسلي
- فأنا جارحٌ يا ليلى
- منذ بدءِ الخليقةِ وأنا عاطلٌ عن العمل
- أدخِنُ كثيراً
- وأشتهي أقربَ النساء إليّ
- ولكم طردوني من حاراتٍ كثيره
- أنا وأشعاري وقمصاني الفاقعة اللون
- غداً يحنُّ إليّ الأقحوان
- والمطرُ المتراكمُ بين الصخور
- والصنوبرةُ التي في دارنا
- ستفتقدني الغرفات المسنّه
- وهي تئنُّ في الصباح الباكر
- حيث القطعان الذاهبةُ إلى المروج والتلال
- تحنُّ إلى عينيّ الزرقاوين
- فأنا رجلٌ طويلُ القامه
- وفي خطواتي المفعمةِ بالبؤس والشاعريه
- تكمن أجيالٌ ساقطةٌ بلهاء
- مكتنزةٌ بالنعاسِ والخيبة والتوتر
- فأعطوني كفايتي من النبيذ والفوضى
- وحرية التلصلصِ من شقوق الأبواب
- وبنيّةً جميله
- تقدم لي الورد والقهوة عند الصباح
- لأركضَ كالبنفسجة الصغيرةِ بين السطور
- لأطلقَ نداءاتِ العبيد
- من حناجر الفولاذ .
- جودي علينا يا سماءْ
- جودي علينا بالمطرْ
- قد جاءنا فصلُ الشتاءْ
- فصل التجدّدً للشجرْ
- فصل الغيوم الراعدةْ
- إذ ترتدي ثوبَ الهطولْ
- فصل الثلوج الواعدةْ
- تُهدي القصائدَ للحقولْ
- تهدي الحقول سنابلاً
- تنمو وتكبر في فرحْ
- تهدي السهول جداولاً
- يرتادها طيرُ المرحْ
- هيا استعدّي ياجبالْ
- واستقبلي دررَ المطرْ
- هيا استعدي يا تلالْ
- للعشبً ينمو للثمرْ
- قد جاءنا فصلُ الشتاءْ
- فصل المحبةً والعطا
- ما أجمل الشتاء
- وهو يعلمنا ويهدينا أثمن المعانى والايات
- وذلك الأمل الذي بعد ليلة شتاء
- والاحساس بالحب والدفء والحنان
- وصوت الأطفال يعلو بالغناء
- وتلك اللوحة البديعة التي تُرسم في السماء
- ما أجمل الشتاء
- ومياه المطر تُزيل عن القلب الجفاء
- ونهاره ملبد بغيوم المساء
- والشتاء من ايات ونعم الله على البشر فلنسبح جميعاً سبحان الله
- فَصْلُ الشِّتاءِ
رَمْزُ العَطاءِ
- بَرْدٌ شَديدٌ
لَيْلٌ مَدِيدٌ - مَاءُ الشِّتاءِ
سِرُّ البَقاءِ
أغنية للشتاء
- ينبئني شتاء هذا العام
- أنني أموت وحدي
- ذاتَ شتاء مثله، ذات شتاء
- يُنبئني هذا المساء أنني أموت وحدي
- ذات مساء مثله، ذات مساء
- وأن أعوامي التي مضت كانت هباء
- وأنني أقيم في العراء
- ينبئني شتاء هذا العام أن داخلي
- مرتجف برداً
- وأن قلبي ميت منذ الخريف
- قد ذوى حين ذوت
- أولُ أوراق الشجر
- ثم هوى حين هوت
- أول قطرة من المطر
- وأن كل ليلة باردة تزيده بُعداً
- في باطن الحجر
- وأن دفء الصيف إن أتى ليوقظه
- فلن يمد من خلال الثلج أذرعه
- حاملة ورداً
- ينبئني شتاء هذا العام أن هيكلي مريض
- وأن أنفاسيَ شوك
- وأن كل خطوة في وسطها مغامرة
- وقد أموت قبل أن تلحق رِجلٌ رِجلاً
- في زحمة المدينة المنهمرة
- أموت لا يعرفني أحد
- أموت لا يبكي أحد
- وقد يُقال بين صحبي في مجامع المسامرة
- مجلسه كان هنا، وقد عبر
- فيمن عبر
- يرحمُهُ الله
- أن ما ظننته شفاىَ كان سُمِّي
- وأن هذا الشِعر حين هزَّني أسقطني
- ولستُ أدري منذ كم من السنين قد جُرحت
- لكنني من يومها ينزف رأسي
- الشعر زلَّتي التي من أجلها هدمتُ ما بنيت
- من أجلها خرجت
- من أجلها صُلبت
- وحينما عُلِّقتُ كان البرد والظلمة والرعدُ
- ترجُّني خوفاً
- وحينما ناديته لم يستجب
- عرفتُ أنني ضيَّعتُ ما أضعت
- ينبئني شتاء هذا العام أننا لكي نعيش في الشتاء
- لابد أن نخزُنَ من حرارة الصيف وذكرياتهِ
- دفئاً
- لكنني بعثرتُ في مطالع الخريف
- كل غلالي
- كل حنطتي، وحَبِّي
- كان جزائي أن يقول لي الشتاء أنني
- ذات شتاء مثله
- أموت وحدي
- ذات شتاء مثله أموتُ وحدي.