كيف ربي يستجيب دعائي
محتويات المقال
الدعاء
يتعرّض كلّ شخص في حياته إلى الكثير من الهموم والمشاكل، وهذه الهموم تدفع بصاحبها إلى الشّعور بالضّيق وعدم راحة البال، لذلك يلجأ بالدّعاء إلى الله تعالى، ويطلب رحمته وفرجه، وتخليصه من همومه ومشاكله؛ فالدّعاء عبادة تدفع بالمرء أن يكون قريباً من ربّه، والدّعاء لا يكون فقط بكلماتٍ نقرؤها، بل عبادة نخشع ونتذلل بها لله تعالى، فنحن بأمسّ الحاجّة لله تعالى في كربتنا ومحنتنا.
ولقد أمرنا الله تعالى بالدّعاء؛ حيث قال تعالى:” ادعوني أستجب لكم “، وفي موضع آخر:” وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون “.
كيف يستجاب الدعاء بسرعة
يجب على الإنسان المسلم أن يعلم أنّه في حال دعا الله سبحانه وتعالى وهو مستكمل لشروط الإجابة، وانتفت عنه موانع الإجابة، فإنّ الله سبحانه وتعالى سوف يستجيب دعوته، فإمّا أن يعجّلها له في الحياة الدّنيا، وإمّا أن يدخرها له سبحانه وتعالى حسنات في مقابل دعوته، أو أن يصرف عنه من السّوء بمثل دعوته، وذلك مثل ما دلت على ذلك النّصوص الشّرعية، حيث قال سبحانه وتعالى:” وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون “، البقرة/186.
قال سبحانه وتعالى:” وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم “، غافر/60، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم قال:” ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمّا أن يعجل له دعوته، وإمّا أن يدّخرها في الآخرة، وإمّا أن يصرف عنه من السّوء مثلها، قالوا: إذا نكثر قال: الله أكثر “، رواه أحمد والحاكم.
وأمّا شروط استجابة الدّعاء فإنّها تتلخص في قول الله سبحانه وتعالى:” فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي “، فإنّ الإنسان متى ما استجاب لله سبحانه وتعالى في أوامره ونهيه، وصدّق بوعده، وآمن به، بالتالي تحقّقت له الشّروط اللازمة لاستجابة الدّعاء، وانتفت عنه موانع إجابة الدّعاء، والله سبحانه وتعالى لن يخلف وعده.
وعندما يدعو الإنسان ربّه سبحانه فإنّ عليه أن لا يستعجل الإجابة، أو يستحسر، أو يترك الدّعاء، لأنّ هذه الأمور تعدّ من موانع إجابة الله سبحانه وتعالى للدعاء، وذلك كما جاء في صحيح مسلم وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. قيل يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدّعاء “.
فيجب على المسلم أن يستجيب لله سبحانه وتعالى، وأن يؤمن به وحده، وأن يثق بوعده له، ويدعوه ويتحرّى أوقات الاستجابة، وأن يستفتح الدّعاء بالثناء على الله سبحانه وتعالى، وأن يصلي على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – ويختم دعاءه بذلك أيضاً.
وقد جاء في المسند والسّنن عن بريدة قال: سمع النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – رجلاً يقول:” اللهم إنّي أسالك بأنّي أشهد أنّك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصّمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: والذي نفس محمّد بيده، لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب “. (1)
وهناك أيضاً أسباب لإجابة الدّعاء، يجب على الدّاعي مراعاتها، وهي:
- أن يفتتح الدّعاء بحمد الله والثّناء عليه، والصّلاة والسّلام على رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – وختمه بذلك.
- أن يرفع يديه.
- أن لا يتردّد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلحّ عليه.
- أن يتحرّى أوقات الإجابة، مثل الثّلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصّيام، وغير ذلك.
- أن يأكل من الطيبات، ويجتنب المحرمات. (2)
أوقات إجابة الدعاء
في حال اجتنب الإنسان المسلم موانع الإجابة، فإنّ عليه أن يكون على يقين باستجابة الله سبحانه وتعالى لدعائه، فقد قال صلّى الله عليه وسلّم:” ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة “، رواه الترمذي، وقال صلّى الله عليه وسلّم:” إنّ ربّكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرًا “، رواه أبو داود وغيره.
وهناك أوقات يزيد فيها رجاء إجابة الدّعاء للمسلم، فينبغي عليه أن يتحرّاها، مثل الثّلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصّلوات، والسّاعة التي في يوم الجمعة، وقد اختلف العلماء في تحديدها لاختلاف الأحاديث في ذلك، ففي بعض الروايات أنّها من حين صعود الإمام إلى أن تقضى الصّلاة، وفي بعضها أنّها آخر ساعة بعد العصر، وبالتالي ينبغي على المسلم أن يجتهد في السّاعتين، ومن الأوقات التي ترجى فيها الإجابة أيضاً: عند نزول المطر، وعند التقاء الجيشين للقتال، وعند السّجود، وعند الإفطار من الصّيام. (3)
أدعية لقضاء الحوائج
من الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعوها، لقضاء حاجته وغير ذلك، منها:
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:” كنت جالساً مع رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – ورجل قائم يصلي، فلمّا ركع وسجد تشهّد ودعا، فقال في دعائه: اللهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلا أنت، المنّان بديع السّموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيّ يا قيوم إنّي أسألك، فقال النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى “، رواه النسائي والإمام أحمد.
- دعاء الحاجة، وهو ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن لوضوء، ثمّ ليصلّ ركعتين، ثمّ ليثن على الله عزّ وجلّ، وليصلّ على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – ثمّ ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كلّ برّ، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلا فرّجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الرّاحمين “. (4)
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 2395/ شروط إجابة الدعاء/11-4-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 11571/ شروط إجابة الدعاء/ 22-11-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 35121/ أوقات يزيد فيها رجاء إجابة الدعاء/ 21-7-2003/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(4) بتصرّف عن فتوى رقم 49867/ أدعية قضاء الحوائج/13-6-2004/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net