وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصبرون
هذه هي الحياة تصادف فيها ” فتنة ” في كل زاوية منها، وفيمن نرى ونعاشر لا بد أن تتدخل سنة ” الابتلاء ” لتمحص درجة الصبر لدينا، وكأن الغاية من الفتنة هي بيان ” الصابرين ” .
وهذا يتكرر في آيات القرآن (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ))[محمد:31] .
والآية الأولى ترسل لنا صور الافتتان في واقعنا المتكرر (( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ))[الفرقان:20].
وأتمنى منك أن تسبح في ظلال الآية وخذها على عمومها ولعل من صور الافتتان:
– افتتان المسلم بوجود الكافر وسيطرته وهل يصبر على أذاه وكيده.
– افتتان المرء مع زوجته وتقصيرها و.. فهل يصبر عليها أم لا؟.
– افتتان الزوجة بوجود سلوكيات خاطئة لدى زوجها فهل تصبر وتسعى لإصلاحه؟.
– افتتان الفقير بوجود الأغنياء وتملكهم لكثير من متاع الحياة وامتحان صبر الفقير، وهل يتخلق بالرضا والقناعة.
– افتتان الغني بوجود الفقير وهل يتجاوز الشح والحب للمال لكي يهدي الفقير ويتصدق عليه.
– افتتان الوالد بوالديه وشدتهما وقسوتهما عليه، فهل يصبر ويحسن إليهما.
– افتتان الوالدين بالأبناء، وهل يصبرون على حسن تربيتهم والسعي في إصلاحهم.
– افتتان الرجال بوجود النساء وانتشارهن في الأسواق والطرقات والمستشفيات، وهل يصبر ويغض بصره ويحفظ دينه.
– الافتتان بظهور رجال العلمنة في مواطن الإعلام ” قنوات – جرائد ” ليتحدثوا عما يريدون ولو كان ” طعناً في الدين وثوابته ” والافتتان بذلك يظهر:
– الصبر على كيدهم والرد عليهم.
– النزول للميدان ومواجهتهم بسلاحهم والسعي لإيجاد وتفعيل القنوات الإسلامية والجرائد النافعة وكل سبيل شرعي لغزوهم وإيقاف سيلهم.
– الافتتان بغلبة أهل الباطل في بعض الأزمنة والأمكنة وغربة أهل الاستقامة، وحينها تتحقق معالم غربة الدين والله المستعان.
– الافتتان بالقضايا المالية التي تغري بعض ضعاف النفوس من خلال المعاملات المحرمة والشبهات المالية والشركات والأسهم.
– الافتتان بتقريب أهل الدنيا لبعض رجال العلم والدعوة لهم، ومنحهم بعض الهدايا الدنيوية التي هي ” فتنة ” لهم ولغيرهم.
أما ” لهم ” فلأن الهدية تأسر النفوس وتمنع أحياناً من كلمة الحق وتجعل المرء ذليلاً لمن أهداه.
وفتنة ” لغيرهم ” من أهل العلم والدعوة الذين لم ينلهم بعض متاع الدنيا، فهل يتطلعوا للدنيا أم يقنعوا بما لديهم من مبادئ ويزهدوا في الدنيا.
– الافتتان بعدم قبول النصح والتوجيه مما يجعل الناصح يشعر بعدم قبول الحق الذي يحمل، فيا ترى هل يستمر في طريق النصح، أو يخلد لصفة ” السكوت ” التي التصقت بـ ” الجبناء ” .
– الافتتان بسكوت بعض أهل العلم عن بيان الحق والدعوة إليه، فهل ينطلق حينها من لديه العلم أو يسكت كما سكت من قبله.
– الافتتان في مسايرة الواقع لدى فئة ليست بالقليلة من عموم الناس بل وبعض من سار في طريق الاستقامة والعلم، ومسايرة الواقع – أعني بها – التقليد والأخذ بكل جديد حتى ولو كان مخالفاً للشريعة وعدم تطبيق قاعدة ” العرض على ميزان الشريعة والنظر في موافقته لقاعدة المقاصد العامة والمصالح “.
والحديث عن مظاهر الافتتان بين الخلق كثيرة، والصور تتجدد دائماً، واللبيب يدرك في كل زمن ما هو الواجب عليه ليقوم به، وما هو المحرم ليحذر منه.