هيكل سليمان
محتويات المقال
محتويات
- ١ سُليمان بن داود عليهما السلام
- ٢ هيكلُ سُليمانَ في التاريخ
- ٢.١ عهدِ سُليمان عليه السلام
- ٢.٢ عهدِ البابليين
- ٢.٣ عهدِ الفُرس
- ٢.٤ عهد الإغريق
- ٢.٥ عهد الرومان
- ٣ رواية اليهود عن الهيكل المزعوم
- ٤ ما هو الهيكل عند اليهود
- ٥ مُعتقدات اليهود عن الهيكل المزعوم
- ٦ إحياءُ فكرةِ إعادة بناء الهيكل
- ٧ محاولاتهم للسيطرة على القدس لبناء الهيكل المزعوم
- ٨ لماذا يعتقد المسلمون أن الهيكل مُخطط لهدمِ الأقصى
سُليمان بن داود عليهما السلام
سُليمان بن داود عليهما السلام، هو نبيُّ من أنبياء الله الصالحين، أتاهُ اللهُ حكمةً كبيرة، ومُلكاً عظيماً، وسخّر له الجنّ والريح والطير يطيعونه فيما يأمرهم، فهو الذي سمع نملة تَأْمُرُ جماعةَ النملِ أن يدخلوا في مساكنهم؛ حتى لا يحطمهم سليمان وجنوده، وهو الذي حاور الهُدهد لَمَّا جاءه بخبرِ ملكة تعبد الشمس من دون الله، وهي (ملكة سبأ، الملكة بلقيس)، وهو الذي أمر الجنيَّ أن يأتيه بعرشِ (بلقيس) بلمح البصر، وقد قامَ سليمان عليه السلام بعمارة البيت المقدس، وأقام سورا حول مدينة القدس، واستمر في ذلك سبع سنوات، وبعد انتهاءه من عمارة وإعادة تجديد بيت المقدس قام عليه السلام ببناء هيكل عظيم، (والهيكل هو مكان للتعبد فيه، تماما كالمسجد عند المسلمين أو الكنيسة عند المسيحيين)، وأتمَّ بناء هذا الهيكل بعد ثلاثةَ عشر عاماً، ويُعد هيكل سليمان نقطة محورية وساخنة في صراعِ المسلمين مع اليهود، حيث يعتقدُ اليهود أنَّ هذا الهيكل موجودٌ في مكانٍ ما بالقدس الشرقية، وتحديداً تحت المسجدِ الأقصى، بينما يعتقد المسلمون أنَّ البحث والتنقيب عن هذا الهيكل المزعوم ما هو إلاَّ مخطط يهودي لتدمير المسجد الأقصى، ولكي يتضح الأمر لنا، سوف نقوم فيما يلي بتتبع تاريخ هذا الهيكل، ثم نُوضِّح أسبابَ اعتقاد اليهود بوجودِ الهيكل أسفل المسجد الأقصى، وبعدها نوضح أسبابَ اعتقاد المسلمين بأنّه مخططٌ لهدمِ المسجد الأقصى.
هيكلُ سُليمانَ في التاريخ
عهدِ سُليمان عليه السلام
لقد أتمَّ سُليمانُ عليه السلام بناء هيكل عظيم؛ لغرض التَّعَبُّدِ ولحفظِ الوصايا العشر فيه.
عهدِ البابليين
في العام خمسمائةٍ وسبعةٍ وثمانين قبل الميلاد (587 ق.م)، حاصرَ نبوخذ نصر (ملك بابل) مدينة أورشليم (القدس) التي كانت عاصمة مملكة يهودا، واستمر هذا الحصار لمدة سنة كاملة؛ ذلك لأنَّهم تمردوا عليه وعصوه مرتين، فرفضوا أن يدفعوا الجزية له، كما واستعانوا بالمصريين لمحاربة البابليين، وبعد سنةٍ من الحصار دخل البابليون مدينة القدس، فَسَبُوا كلَّ من فيها بما فيهم الملك، وقاموا بحرق الهيكل.
عهدِ الفُرس
في العام خمسمائة وتسعة وثلاثين قبل الميلاد (539 ق.م)، أسقطَ ملكُ الفُرس (قوروش) البابليين، وسمحَ لليهود بالعودة إلى أورشليم، كما أعطى الإذن لهم بإعادة بناء هيكل سليمان، فأعطاهم المال الوفير، وأعطاهم كلَّ ما سُلبَ من الهيكل على عهد البابليين.
عهد الإغريق
في العام مائة وخمس وستون قبل الميلاد (165 ق.م)، قام الملك السلوقي (أنطيخوس الرابع) بتحويلِ هيكل اليهود إلى معبد لما يُسمى والعياذ بالله (الإله زيوس)، كما أرغمَ اليهود على اعتناق الوثنية؛ وذلك لمَّا علم أنهم سوف يتآمرون على حكمه.
عهد الرومان
في عام ثلاثة وستين قبل الميلاد (63 ق.م)، دخل القائد (بومبي) أورشليم، وهو من قادة الرومان، فأعطى اليهود حُكماً ذاتياً، واستمرَ الحالُ على ذلك حتى العام الميلادي سبعين، وفيه تَمرَّدَ اليهودُ على الرومان، فقام القائد (تيتوس) بحرقِ الهيكل وقام بقتل عددٍ من اليهود، وقد كانت هذه آخر المرات التي تم حرق وهدم الهيكل فيها.
رواية اليهود عن الهيكل المزعوم
لقد وصَفت التوراة عند اليهودِ هيكلَ سُليمان بأحلى الأوصاف، وأبهى العبارات، فهو مركزُ عبادتهم قديما، ورمز تاريخهم، وقد بناهُ الملك سليمان بسبعِ سنوات، مُستعينا بمائة وثمانين ألف عامل، وأنَّ الغزاة دمروه وأحرقوه طمعاً بما فيه من خيرات، وأنَّه أُعيد بناءه في فترة ستٍ وأربعين سنة أخرى في عهد ملك صالح، كما كتبوا في وصف محتوياته وأبوابه وأسواره وساحاته وأجزائه.
ما هو الهيكل عند اليهود
يدَّعي اليهود أنَّ هذا الهيكل قد بناه مَلِكُهُم سُليمان فوق جبل الهيكل أو جبل موريا، (وهو جبل بيت المقدس الذي يقع عليه المسجد الأقصى وقبة الصخرة)، كما يدّعي اليهود على غير حق أنَّ حائط البراق (وهو حائط المبكى بالنسبة لهم) هو من بقايا هذا الهيكل المزعوم، ويدَّعي بعض اليهود خصوصاً الأشكنازية منهم، أنّ هذا الهيكل تحت الحرم القدسي، كما يعتقد بعضهم أنَّ الهيكل قد بُنِيَ على جبلِ جرزيم بنابلس، ويرى بعض المؤرخين اليهود أن هذا الهيكل لا أساس لوجوده وأنه محضُ خُرافات.
مُعتقدات اليهود عن الهيكل المزعوم
يصومُ اليهود يوماً في السنة، معتبرين أنّ هذا اليوم هو اليوم الذي هُدِمَ فيه الهيكل. يقومُ اليهود بِتَكْسِير الكأس في طقوس الزواج، لكي يتذكروا هَدْم الهيكل. كما ويعتقد اليهود أنَّ بناء الهيكل سيتم بعد ظهور بقرة حمراء، لا عيبَ فيها، فتُحرقُ بعد ظهورها أو ولادتها بثلاث سنوات، ثم يتم الاغتسال برمادها فيقوم المغتسلون منهم ببناء الهيكل المزعوم.
إحياءُ فكرةِ إعادة بناء الهيكل
في بداياتِ القرن التاسع عشر، خرج بعضُ المفكرين اليهود بفكرةِ جمع اليهود في أرض الميعاد، وإقامة الدولة اليهودية، ولتحقيق هذا الأمر كان لابُدَّ من البحثِ عن أسبابٍ مقنعةٍ لإقناع اليهود حول العالم بالهجرة إلى أرض الميعاد تلك، وما من سبب أكبر من انتماء ديني وتاريخي لأرضٍ هُجِّرَ اليهودُ منها، وبالفعل فقد تم اللعب على الوتر الديني والعقائدي، بأن خرجت فكرةُ الهيكل المزعوم وإعادة بناءه من جديد، وأنَّ فلسطين هي أرض اليهود التي هُجِّروا منها عُنوة منذ زمن، وأنَّ القدسَ هي عاصمةُ الدولةِ اليهودية، لقد كبرت الفكرة شيئاً فشيئاً، حتى تجسَّدت على أرضِ الواقع بمؤتمر الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، ثم وعد بلفور الشهير، والذي أعطى وزير الخارجية البريطاني بموجبه وعداً لليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين، وفي يوم العشرين من آذار/مارس للعام الميلادي ألف وتسعمائة وثمانية عشر (20/3/1918م)، بدأت النوايا تظهر على أرض الواقع خصوصاً بعد تقديم بعثة يهودية طلباً للحاكم العسكري البريطاني، مضمونه أن يتمَّ السماح ببناء جامعة عبرية في القدس، وأن يتم تسليم حائط البراق أو ما يسمونه بحائط المبكى لليهود.
محاولاتهم للسيطرة على القدس لبناء الهيكل المزعوم
في العام ألف وتسعمائة وتسعة وعشرون (1929م)، حاول بعضُ الشُبَّان الصهاينة اقتحام المسجد الأقصى وإقامة بعض الشعائر الدينية عند حائط المبكى، الأمر الذي آثار المسلمين، فهبوا بثورة شعبية عارمة، عُرِف عنها أنها ثورة البراق، وقاموا بتأسيس جمعية حماية المسجد الأقصى، ولمّا شُكِلَت لجنةٌ من هيئة عصبة الأمم لبحثِ الأمر، أَقَرَّت اللجنة بأنَّ الحائط هو حقٌّ شرعيٌ للمسلمين، إلى جانب الساحة التي تجاوره.
- في يوم الحادي والعشرين من آب/ أغسطس للعام الميلادي ألف وتسعمائة وتسعة وستين (21/8/19699م)، حاول أحد المتطرفين اليهود حرق المسجد الأقصى، وقد اندلعت النار فيه حتى حرقت منبر صلاح الدين، وبعض أجزاء المسجد، ولكن سرعان ما استبسل المسلمون في إطفاء الحريق، وحاولت سلطات الاحتلال أن تقنع العامة بأن الأمر كان عبارة عن خلل في التيار الكهربائي، ولكن تقرير لجنة المهندسين العرب حال دون ذلك، فاتهمت شرطة الاحتلال شابا استراليا، وسرعان ما تم الإفراج عنه بداعي أنه متخلف عقليا.
- تقوم حكومة الاحتلال بحشد دعم لكي يتم بناء هذا الهيكل المزعوم، كما يقوم قياداتها بالتصريح دائما عن هذا الهيكل وأنه سيعاد بناءه لا محالة.
- محاولات سلطات الاحتلال المتكررة في تهويد مدينة القدس، وبناء المعالم اليهودية، لتضفي عليها طابعا يهوديا خالصا.
- ولا ننسى أعمال الحفر التي تتم تحت المسجد الأقصى من عقود، وذلك بحجة البحث عن أنقاض الهيكل المزعوم.
لماذا يعتقد المسلمون أن الهيكل مُخطط لهدمِ الأقصى
يعتقد المسلمون أنَّ الهيكل المزعوم ما هو إلاّ مُخطط من قبل اليهود لهدم المسجد الأقصى، وقد علّلوا ذلك بحججٍ وبراهين كثيرة، ونذكر أهمها فيما يلي:
- أنّ التوراة التي بين أيديهم قد قام أحبارهم وحاخاماتهم بتحريفها لكي تتفق مع أهوائهم، فقد تعدُّوا على كلام الله وحرفوه، وقصة تحْرِيف التوراة قد وردت في القرآن الكريم في عدة مناسبات.
- تكذيب رواية أن الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى: فيقول المسلمون كيف لهذا الأمر أن يتم وقد أعاد سليمان بناء الأقصى الذي كان قائما أصلا قبل سليمان بألف سنة (وجاء في ذلك أحاديث صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم)، ثم قام سليمان ببناء الهيكل وهذا حسب الرواية اليهودية، كما أن المسجد الأقصى يوجد على الجبل المقدس، فإذا كان الهيكل تحته فهل تم الحفر في الجبل وبناء الهيكل؟!
- اختلاف وجهات النظر فيما بينهم، فمنهم من يقول أنّه تحت الأقصى ومنهم من يقول أن هو المسجد الأقصى ومنهم من يقول أنه على جبل جرزيم ومنهم من أنكر وجوده معتبر إياه من الخرافات، فلماذا إذن كل هذا الاختلاف وهم يقولون أن ذكر الهيكل موجود في التوراة؟ أم أنّ لكل طائفة منهم توراتهم الخاصة.
وهناك العديد من الأسباب التي يطول شرحها حول هذا الأمر، وما منعني عن قولها إلا رغبتي بعدم الإطالة عليكم في القول فيصيبكم الملل، وأخيرا ما دمتم على دين الحق، دمتم سالمين.