هل التدخين يؤثر على النفسية
إن كل سلوك إنساني له مرجع وتأصيل في نظريات علم النفس ، فهو إما رغبة وتحتاج الإشباع أو شعور مكبوت أو ربما يرمز إلى تحقيق الذات وتقديرها، أياً كان الأصل فيها فإن مايهمنا هنا هو موضوعنا الأول (التدخين) وهنا تطرأ علينا العديد من التساؤلات والإستفسارات ومنها مثلاً:
- هل عملية التدخين مجرد عادة اكتسبها الشخص وليس لها أهمية نفسية لديه؟
- هل التدخين بالفعل يشعر الشخص بالراحة النفسية ويعطيه لذة وشعور مريحاً؟
- هل هناك أسباب خفية نجهلها وراء التشبث والتمسك بهذه العادة (التدخين)؟
والأن أود أن أورد نظرية هامة للعالم النفسي الشهير فرويد الذي قسم مراحل نمو الإنسان إلى عدة مراحل وسوف نستنتج بعدها ماذا يحصل أثناء التدخين.
مراحل النمو عند فرويد:
- المرحلة الفمية المصية:وهنا يعتمد الطفل على الإشباع من خلال عملية المص لثدي والدته أو مص إصبعه وهي مرحلة قائمة على الأخذ .
- المرحلة الفمية العضية: وتبدأ مع العام الثاني للطفل وينتقل هنا من مرحلة المص إلى العض فهو يعض ثديي والدته ويتكون لديه مشاعر الحب والكره في حال منع من العض .
- المرحلة الشرجية:وتشمل العام الثالث وينتقل الإشباع الشهوي من الفم إلى الفرج حيث يشعر باللذة من خلال عملية الإخراج مع تهيج الغشاء الداخلي لفتحة الشرج.
- المرحلة القضيبية: وتشمل العامين الرابع والخامس ، وينتقل الطفل هنا في لذته معتمدا على اللعب في أعضائه التناسلية ، وهنا وكما يرى فرويد وإن كنت لا أؤيد هذه النقطة وهي تكون عقدة أوديب وعقدة اليكترا لدي الطفل.فعقدة أوديب كما يسميها تنشأ من غيرة الذكر من والده لشدة تعلقه بأمه والعكس تماما في عقدة اليكترا تشعر الفتاة بغيرة شديدة من والدتها نتيجة لتعلقها بوالدها ثم مايلبث الإثنان أن يتوحدوا مع الطرف الآخر فتتوحد الفتاة مع والدتها في القيم والثقافة ويتوحد الذكر مع والده في قيمه ومعتقداته.
- مرحلة الكمون:وهي من سن السادسة وحتى مرحلة البلوغ وفيها ينتقل الإشباع لدى الطفل بالنمو الإنفعالي والنفسي والعقلي والإجتماعي ويكون الطفل حريصا على طاعة الكبار وامتثال اومرهم ليسكب رضاهم.
- المرحلة الجنسية الراشدة:وهنا تأخذ الميول الجنسية الشكل النهائي لها وهو الشكل الذي سيستمر في النضج ويحصل الفرد السوى على لذتة من الإتصال الجنسى الطبيعى مع فرد راشد من أفراد الجنس الآخر . حيث تتكامل فى هذا السلوك الميول الفمية والشرجية ، وتشارك فى بلورة الجنسية السوية الراشدة .
وعلية فإن الفرد السوي هو من يحصل على إشباع مناسب فى كل مرحلة نمائية ، أما إذا تعطلت مسيرة النمو كما يحدث فى بعض الحالات فإنة قد يترتب علية حدوث ما أسماة فرويد ” عملية التثبيت ” ويكون الفرد أميل إلى النكوص إلى المرحلة التى حدث فيها التثبيت ، والنكوص إلى مرحلة معينة يعنى إتيان أساليب سلوكية تتناسب مع هذه المرحلة، وهنا بالتحديد نستنتج أن سلوك التدخين ماهو إلا نكوص إلى المرحلة الفمية المصية لإشباع حاجات فطرية لم تشبع بعد، ذلك أن القيام بعملية التدخين يشبع الحاجة الفطرية إلى عاطفة معينة ربما لم تشبع بعد عند الشخص أو أشبعت ولكن بشكل غير مناسب له فهو لا يرتضي تلك الطريقة ويأتي هنا دور العقل الباطن الذي يجد لنا دائماً الخيارات في سلوكيات عديدة حتى لا يحصل الكبت الذي يزعج ويضايق النفس البشرية فكأنما اخترع وابتكر هذه العادة وهي (عملية التدخين) ليطفئ ويخمد شهوة الجوع العاطفي والذي قد يخجل الإنسان من التعبير عنه أو قد يتعرض لظروف تكبت مشاعره وليس لديه خيار آخر، فيعمد هنا العقل الباطن وهذا دوره كما أسلفنا إلى بدائل ولو كانت مؤقتة لكنها تعطي بعض النشوة وبعض الإشباع.
وفي هذا إشارة خطيرة حيث أننا مجتمع مستقبل لكل جديد ولكل عرض من غير تمحيص أوبحث أو دليل، ففكرة التدخين بكل أشكاله وطرقه كانت فكرة في ذهن شخص أراد أن يبحث عن آلية وطريقة تخفف عنه ضغوطه اليومية ولم يمحص أو يتأكد هل هي الآلية الأنسب أم لا؟هل لها أضرار على الصحة أو النفسية؟ وما إلى ذلك من إستفسارات تؤيد نظريته أو تدحضها، وأحب أن الفت النظر إلى آية قرانية كريمة( إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) صدق الله العظيم.
والأمانة التي وردت في الأية الكريمة هي (العقل) الذي أودعه الخالق في بني البشر، وأخذ منهم عهداً حتى قبل أن يخلقوا في صورهم البشرية أن يجعلوه دليلهم ومرجعهم في عمارتهم لهذه الأرض، ونحتاج هنا إلى وقفة مع هذه الأمانة التي أودعت فينا، ونخلق حوارا بيننا وبينها ، في كيفية إيجاد البدائل والحلول والخيارات المفيدة والنافعة لنحيا حياة كريمة صحية طويلة نعمر بها الأرض بالخير والحب والسلام.
نجاة البار
أخصائيةنفسية