نوح عليه السّلام وعناد قومه
محتويات المقال
الشريعة
خلق الله تعالى آدم عليه السلام واستخلفه في الأرض ليعمّرها وذرّيته من بعده، وقد أعطاه الله المنهج والشريعة التي يَحكم بها بين بني البشر، فكان الإسلام ودين التّوحيد سائداً، وبقي كذلك مدةً طويلةً تقارب عشرة قرون كما في الأثر عن ابن عبّاس – رضي الله عنه -، ثمّ انحرف النّاس بعد هذه المدة حينما أتتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم وأحلّت لهم ما حرّم الله، وأمرتهم أنْ يُشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانًا.
الأصل في عقيدة النّاس أنّها كانت على الفطرة الحنيفيّة السّمحة لولا وساوس الشّيطان ومكره وكيده، وبعد أنْ ظهرتْ الانحرافات العَقديّة والسلوكيّة بين البشر اتخذ عددٌ منهم الأصنام ليعبدوها من دون الله تعالى، فبعث الله الأنبياء ليكونوا رُسُله إلى البشر، وأعطاهم الشريعة، وأمرهم بالتّبيلغ.
كان من مهام رسالتهم أنْ يَكونوا مُبشّرين بالجزاء الحَسَن والجنّة لعبادِ الله المتّقين، ومُنذرين النّاس من عذاب الله ووعيده الذي يحلّ بالظّالمين المُعاندين، وقد كان أوّل رسولٍ للبشر على الإطلاق هو سيّدنا نوح عليه السّلام، فما هي قصّة نوح مع قومه ودعوته؟
قصة أوّل رسولٍ إلى الأرض
بقي نبي الله نوح – عليه السّلام – بين قومه يدعوهم إلى دين التّوحيد وترك الإشراك بالله تعالى ألف سنةٍ إلاّ خمسين عاماً، ورأى نوح ما أحدثه قومه من المُنكرات في العقيدة والعمل، فقد اتخذ قومُ نوحٍ أصناماً من الحجارة وغيرها يعبدونها من دون الله تعالى، ومن هذه الأصنام كما ذكر في القرآن الكريم: يَغوث، ويعوق، وود، ونسر، وسواع.
ظلّ قوم نوحٍ عاكفين على عبادتهم ولم ينتهوا عن ذلك رغم الدّعوات الدّائمة لسيّدنا نوح – عليه السّلام – لهم ليلاً ونهاراً، فقد صمّ القوم أسماعهم، ووضعوا أصابعهم في آذانهم حتّى لا يستمعوا إلى نداء الحقّ والنّور، وقد حذرهم نوح – عليه السّلام – مراراً وتكراراً فلم يزدهم ذلك إلاّ فراراً .
نوح عليه السّلام وعناد قومه
في ظل التعنُّت الشّديد الذي واجهه نوح – عليه السّلام – من قومه أمره الله تعالى ببناءِ السّفينةِ التي ستكون طوقَ النّجاة للمؤمنين، وقد كان قوم نوح يَسخرون منه ويستهزؤون كلّما مرّوا عليه وهو يبني فيها، ظنًّا منهم أنّ عذاب الله تعالى لنْ يَحلّ بهم.
نجاة المؤمنين وهلاك الظالمين
عندما جاء أمر الله تعالى أمر نوحاً – عليه السّلام – أنْ يركب السفينة مع من آمنوا، وأنْ يتوجهوا بها بعيداً عن القوم الظالمين، ثمّ فار التّنور وحلّ الطّوفان الرّهيب بالأرض، فلم يبقِ يابساً إلاّ غمره، ثمّ نجّا الله تعالى المؤمنين بفضله ومنّه، واستوت السّفينة على جبل الجودي وأُهلِك الظالمون.