نص بقلم الشاعر المتوفي طلال الرشيد عن البحث عن السعادة
ذلك النص للشاعر المتوفي قد أصدر بمجلته ” فواصل ” يتحث عن البحث عن السعادة أعجبني كثيراً و أحببت أن أنقله لكم من المجلة ..
و إليكم النص ..
البحث عن السعادة
كنت أصر ان هناك سبباً واحداً يحرك كل السلوكيات البشرية من يوم خلق آدم و حتى آخر جمعة , و منذ ولادة الإنسان حتى موته و إلا أن ما هو ؟!!
يقول فرويد – وهو عالم من علماء النفس – إن ( الغريزة الجنسية و راء كل تصرفات الإنسان و أفعاله أياً كان عمره و تفكيره ) وتلك نظرة قاصرة شاغرة من الروحانية و الإنسانية و الواقعية من و ناحية نظري .
وقضى فرويد عمره يسعى إثبات تلك النظرية و أظن ان السن يذهب هباء في إثبات نظرية يكفي موقف إنساني واحد لنفيها و إسقاطها . و أنا لست عالماً أو فيلسوفاً بإطلاع و علم فرويد و لكنني شاعر أشاهد الأشياء و الأرواح من أركان لا تتشابه , و أفهم الدنيا و الحياة و الإنس على نحو شفاف مرهف , ينهكني التفكير في الأشياء و تتعبني الإحتمالات و يستوقفني التخمين و لا أعرف إن كنت أعرف الحقيقة أم هي مغيبة عني و إنني أبعد ما أكون عنها و إلا أن شاركوني كي أتعرف على نفسي من خلالكم و سأحاول مشاركتكم لأرى أيكم أشبه .
كنت أضع رأس إبهامي بين اسناني الأمامية و عيني اليمنى ترفض مسعى جفوني إقفالها من جانبها اليمين كنت غارقاً في التفكير و للحظة شعرت أنني أمسكت بنصف الحقيقة ( البحث عن السعادة هو ما يحرك كل السلوكيات الإنسانية ) ذلك ما أظنه 1/2 الحقيقة التي أبحث عنها و نصفها الآخر هو كيف أثبت لنفسي أولاً و لكل من يخالفني الرأي ثانياً صحة هذا ؟ فالإنسان منذ أول صرخة نحو الولادة و آخر تشبث للمحتضر عن وفاته يبحث عن السعادة .
فبكاء الطفل نحو ولادته و مغادرته رحم والدته هو إحساس بفقد سعادته بمكانه و عالمه المخصص الذي عاش فيه و تأقلم و تكيف مع أجوائه و خوفه الهائل من الوفاة و تعلقه بالحياة و تصرف كل ما يمكنه في طريق بقاءه حياً هو بحث عن السعادة .
الاكل , الشرب , الأناقة , السبات , الشغل , الكتابة , الصداقة , الحب , الزواج , الطلاق , الإنتقام , الغدر , الضحك , البكاء , الضرب ، التشييد , التجارة , السفر ….. الخ .
و قد يستغرب من لا يوافقني و يشاهد انه من غير المنطقي ان يكون الإنتقام و الغدر و البكاء فعلاً للبحث عن السعادة و إلا أن أليس من ينتقم من فرد لغدره به أو لتحبيطه و قتله آمالاً و أحلاماً كان يحلم بها .. يَبقى شبح ذلك الإحباط يحرك دوافع الإنتقام داخل ذلك المحطم حتى يشحذ فعله و يصور له السعادة على انها هي الإنتقام من ذلك الفرد الذي تسبب في قتل أحلامه ؟ و من هنا يكون الإنتقام بحثاً عن السعادة .
و أنا هنا لست مقوماً السلوكيات البشرية فالإنتقام عمل لا أخلاقي و لا إنساني و لكنني أتحدث عن دوافع السلوكيات بحثاً عن السعادة .
و البكاء على أي شئ هو أخر مسعى رومانسية للندم عليه في أعقاب إنفلات آخر حبل تمسك به يدك المتشبثة حاجز الإنحناء .
و السعادة أمر نسبي أي بمعنى انها لا تتشابه من فرد لآخر أي ما تشاهده أنت سبباً لسعادة قد لا أراه أنا ايضاً و لكنك تتصرف بما تظنه يقود إلى سبيل سعادتك و أنا أيضا .
و حتى تعرف ما أقصد بأسلوب معكوسة دعني أقلب الصورة و أقول لك لو أعطيت السعادة في مختلف شئ و في مختلف زمان و موضع و مع كل واحد من تشاهد ماذ ينقصك ؟!!
و الجواب على ذلك السؤال هو على وجه التحديد ما أريد ان أصل غليه و إلا أن توجد العملية متغيرة ليس بين فرد و آخر بل بين الفرد و ذاته مع عدم تشابه الدهر فما تشاهده سعيداً اليوم قدل لا تشاهده في أعقاب زمن سوى أمراً مملاً و كئيباً في بعض الأحيانً لهذا يوجد الإنسان غير ثابت تحوله الأوضاع و الأزمان و أبقى انا عارضاً رأس إبهامي بين أسناني الأمامية و جفوني تحزم طرفها الأيمن في عيني اليمنى و غارقاً في التعبير .