من هو شاعر الرسول
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أجمعين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
حديثنا اليوم حديث شائق ماتع، حديث مميز، وفريد من نوعه، كيف لا وهو عن شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إنه الشاعر العظيم حسان بن ثابت.
نسب حسان بن ثابت:
هو الشاعر العربي، والصحابي الجليل من صحابة رسول الله، وهو أبو الوليد حسان بن ثابت، ينتمي إلى قبيلة الخزرج من قبائل المدينة، ولد في المدينة قبل مولد الرسول بنحو ثماني سنين، وعاش في جاهليته ستين عاماً، كان فيها يتردد على ملوك آل غسان في الشام، ثم عاش بعد إسلامه ستين سنة أخرى.
ولد وعاش الشاعر الصحابي حسان بن ثابت في بيت وجاهة وشرف، مبتعداً عن كل مظاهر اللهو والغزل، أبوه هو ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي، من سادة قومه وأشرافهم، وأمه الفريعة خزرجية مثل أبيه، توفي أثناء خلافة على بن أبي طالب.
وحسان بن ثابت ليس خزرجياً فقط بل هو من أخوال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهو من قبيلة بني النجار.
حسان بن ثابت قبل الإسلام:
كما هو معروف أن في الجاهلية كانت الحرب بين الأوس والخزرج على أشدها، وكانت تقوم بينهم مناوشات وخصومات وحتى أيضاً حروب، وليس كل الحروب بالسيف والرمح، ولكن كان هناك حرب من نوع آخر أيضاً، هي حرب الكلام والبلاغة، فقد كان حسان بن ثابت شاعر الخزرج، أما شاعر الأوس فهو الشاعر قيس بن الخطيم، ومن هذه الحروب أصبحت شهرة حسان بن ثابت واسعة الانتشار.
وقد امتدح حسان بن ثابت الغساسنة في شعره، هو وغيره مثل: النابغة الذبياني، وعلقمة وغيرهم، وفي حين كان هناك خلاف بين الذبياني وبلاط الحيرة الذي يمثله النعمان بن منذر، فحل الشاعر حسان بن ثابت محله، ونعم بالظل الوارف والنعمة السابغة منه، ولم يلبث أن عاد الذبياني إلى ظل النعمان، فتركه أثر ذلك حسان بن ثابت مكرهاً، ومن احتكاكه بالملوك عرف المدح والهجاء وأساليبهما، وكان أسلوبه يمتاز بالتضخيم والتعظيم لمن يمدحه، وامتاز أيضاً بقوة الألفاظ وجزالتها، وبهذا كان جاهزاً ومستعداً للدخول تحت ظل سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
حسان بن ثابت في الإسلام:
لما سمع حسان بن ثابت بالإسلام كان قد بلغ الستين من عمره، فدخل بالإسلام من فوره، وبدأ يرد ويدافع عن الرسول بأقواله وأشعاره، وأخذ يذيق قريش الويل بأشعاره، وبهجوه لخصوم وأعداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال يوماً للأنصار: “ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟” فقال حسان بن ثابت: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه، وقال -عليه السلام- : “والله ما يسرني به مقْول بين بصري وصنعاء”.
وكان هناك العديد من الشعراء يقفون في صف حسان بن ثابت، لكنه هو من استحق لقب شاعر الرسول، الذي كان يحثُّه على ذلك، ويدعو له بمثل: “اللهم أيده بروح القدس”، وعطف عليه، وقرَّبه منه، وقسم له من الغنائم والعطايا، إلا أن حسان بن ثابت لم يكن يهجو قريشاً بالكفر وعبادة الأوثان، وإنما كان يهجوهم بالأيام التي هُزِموا فيها، ويُعيرهم بالمثالب والأنساب.