من اخترع الاسطرلاب
الإسطرلاب وهو آلة دقيقة تُصوَّر عليها حركة النجوم في السماء حول القطب السماوي. وتُستخدم هذه الآلة لحل مشكلات فلكية عديدة، كما تستخدم في الملاحة وفي مجالات المساحة. وتُستخدم ـ إضافة إلى ذلك ـ في تحديد الوقت بدقة ليلاً ونهارًا. وقد اهتم بها المسلمون اهتمامًا كبيرًا، واستخدموها في تحديد مواقيت الصلاة، كما استخدموها في تحديد مواعيد فصول السنة .
يتألف الأسطرلاب المسطح، ويسمى أيضًا ذا الصفائح، وهو أول ما صنع من الأسطرلابات، من قرص دائري يتراوح قطره بين 10 و20سم، وله عروة اسمها الحبس متصلة بحلقة أو علاقة تصلح لتعليق الأسطرلاب بحيث يكون في وضع رأسي، وبه قطعة تسمى الأم وهي الصفيحة السفلى التي تحتوي على بقية الصفائح. وهذه الصفائح أقراص مستديرة تعلوها الشبكة أو العنكبوت؛ وهي صفيحة موضوعة فوق أخواتها تتألف من شرائط معدنية مثقبة بشكل يبقى معه ظاهرًا فلك البروج ومواقع النجوم الرئيسية وأسماؤها. وهذه الشبكة تتألف من شرائط معدنية قطعت في شكل فني تنتهي بأطراف عديدة تشير إلى مواقع النجوم. ويسمى الطرف شظية، ثم هناك المسطرة وتسمى أيضًا العضادة، وتدور حول مركز الظهر ولها ذراعان ينتهي كل منهما بشظية يؤخذ منها ارتفاع الشمس. ورسمت إلى جانب الصفائح خطوط الساعات وخط الاستواء .
كان استخدام الأسطرلاب عند اليونانيين مقصورًا على استعمالات معينة مثل ارتفاع النجوم والبروج وغيرها. لكن العرب ذكروا له ما يزيد على 300 استعمال منها ما يتعلق بأوقات الصلاة، وتعيين اتجاه القبلة، ومنها ما يتعلق بشؤون المساحة، وقياس عمق الآبار، وارتفاع الجبال، وفي الملاحة، ومعرفة درجات الطول والعرض، وحساب الشهور والتواريخ. وغالبًا ما تكون هذه الآلة دائرية الشكل، غير أنها تكون أحيانًا مستطيلة يكتب على أحد وجهيها أسماء المدن الإسلامية مثل إيران والعراق والجزيرة وبقية بلاد العالم الإسلامي، وعلى الوجه الآخر الجهات الأربع، وفي وسطها إبرة تشير إلى اتجاه القبلة عندما تضبط في المكان المطلوب.
“أشكال الاسطرلاب”
ذات الأوتار: أربع أسطوانات مربعة تغني عن الحلقة الاعتدالية ويعلم بها تحويل الليل أيضا . ذات الحلق: وهي اسم آلة رصد ذكرت في كتاب المجسطي لبطليموس وفي كتاب برقلس اليوناني وهي أعظم الآلات هيئة ومدلولا، وهي تشتمل على سبع حلق معدنية متحركة مركبة في بعضها يقاس بها كل ما يقاس بالأسطرلاب المسطح خمس دوائر متخذة من نحاس، الأولى دائرة نصف النهار، وهي مركزة على الأرض، ودائرة الميل، وكذلك الدائرة الشمسية التي يعرف بها سمت الكواكب . ذات الشعبتين: وهي ثلاث مساطر على كرسي يعلم بها الارتفاع. ذات السمت والارتفاع: وهي نصف حلقة قطرها مكون من سطوح أسطوانة متوازية السطوح، يعلم بها السمت والارتفاع . ذات الجيب: مسطرتان منتظمتان انتظام ذات الشعبتين . المشبهة بالناطق: هي ثلاث مساطر، اثنتان منتظمتان ذات شعبتين، ويقاس بها البعد بين كوكبين . تميزت الأسطرلابات التي صنعها أحمد بنفسه بجمال خطوطها التي كُتبت بها؛ فقد استخدم الخط المغربي وصمم كلماته وحروفه في أشكال زخرفية جميلة.كما تميزت أسطرلاباته أيضًا باتزان كامل في التصميم الكلي للشكل، إضافة إلى تميُّزها بالدقة المتناهية في تحديد مواقع النجوم.
“أصل الاسطرلاب”
وأصل هذه الآلة غير معروف، وقد كتب “Theon of Alexandria” عن الأسطرلاب في القرن الرابع قبل الميلادي، وأول رسالة إغريقية محفوظة تعود للقرن السادس الميلادي. وقد طور علماء الفلك المسلمون الأسطرلاب تطويرا كاملا في العهد الإسلامي بسبب حاجتهم لتحديد أوقات الصلاة واتجاه مكة. وقد بقي الأسطرلاب مستخدما على نحو شائع حتى سنة 1800م . وهناك كتاب فقد أصله اليوناني ولكن نسخته العربية موجودة لحسن الحظ ورجع البعض أن مخترع الاسطرلاب بشكله المعروف هو ابن الشاطر العالم الدمشقي. وممن كتبوا عنه من اليونانيين أيضا يوحنا النحوي في القرن السادس الميلادي، وقد كتب كتابا عن الأسطرلاب المسطح بطلميوس صاحب المجسطى وعرفنا من اليعقوبي المؤرخ. وهناك كتابات باللغة السريانية حول الأسطرلاب ترجع إلى القرن السابع الميلادي وتنسب إلى سفيروس سيبوخت. على الرغم من كل هذا فإن هناك من ينسب هذا الاختراع إلى أبو إسحق إبراهيم الفزارىفي القرن الثامن الميلادي!!. لكن المؤكد أن العرب عرفوا الأسطرلاب وأضافوا إلى المعرفة الإنسانية الكثير حوله، ومن الكتابات المشهورة عند العرب في هذا الشأن كتابات عبد الرحمن بن عمر الصوفي وهو كتاب العمل بالأسطرلاب ومنها الكتاب الكبير في عمل الأسطرلاب، وهو موجود وتم تحقيقه، وهناك باحثة يونانية كتبت رسالة دكتوراه في جامعة باريس(بالفرنسية والإنجليزية) عن الأسطرلاب وجهد عبد الرحمن الصوفي في ذلك، بل وحققت بعض أعماله، واسمها فلورا كفافيا، وقد اخترعت مريم الاسطرلابي الأسطرلاب المعقد.
كان الأسطرلاب يستخدم في الملاحة العربية لتعيين زوايا ارتفاع الأجرام السماوية بالنسبة للأفق في أي مكان لحساب الوقت والبعد عن خط الاستواء. يتكون الاسطرلاب من العديد من القطع منها العنكبوت وهى قطعة كانت تمثل مدار الشمس في دائرة البروج وتجد أيضا بها النجوم وكذلك الصفيحة وهى القطعة التي كانت توضع عليها دوائر الارتفاع والسموت ومواقيت الصلاة والمنازل الاثنى عشر وغيرها الكثير وهناك قطعة كانت تسمى الام حيث كانت تحتوى جميع القطع والعضادة والفرس. تقسم الدائرة لدرجات لتعيين زوايا ارتفاع النجم أو الشمس لتحديد موقعه.