معنى الهجرة
لم يعرف البشر إلا العيش في جماعات، خدمةً لبعضهم البعض، وحلَّاً لمشاكلهم، وبسبب شعورهم بالأمان معاً. وبالإضافة إلى استقرارهم على شكل جماعات، دأب البشر على الاستقرار في أماكن محددة، فعمَّروها وأقاموا فيها المدن والحواضر والأرياف، متخذين منها مكاناً سكنيَّاً و مكاناً لكسب العيش. إلَّا فئةً قليلةً فضَّلت العيش بشكل متنقل بحثاً عن الكلأ والماء، غير مستقرين في مكان محدد.
ولكن وفي بعض الأحيان، فإنَّ الرياح لا تجري بما تشتهي السفن، فقد يضطر الإنسان إلى الانتقال من مكانه الذي شيَده وعمَّره، وسكن فيه لفترات طويلة بحثاً عن شئ جديد، أو هرباً من واقعٍ أليم، ومن هنا نشأ مفهوم الهجرة، فالهجرة هي انتقال البشر أفراداً وجماعات من منطقة إلى أخرى سعياً وراء الرِّزق أو احتياجاتٍ خاصة، أو هرباً من مشاكل معينة، وفي هذه الحالة يطلق على هؤلاء الأفراد لقب المهاجرون.
وممَّا حفَّز على الهجرة في العصر الحديث وزاد من معدلاتها، خصوصاً في البلدان النامية، ظهور الحاجة لنشوء اقتصادٍ عالميٍّ موحدَّ ومترابط، إضافةً إلى تقريب المسافات بين الدول، بظهور وسائل النقل الحديثة، و العولمة، التي لم يعد فيها شئ بعيد.
أما بالنسبة لحالات الهجرات واللجوء السياسية، فحدِّث ولا حرج، خصوصاً في ظل ازدياد الحروب والنكبات التي حلَّت بالدول بسبب طغيان الدول العظمى على الدول المعدمة والتي تمتلك الموارد الطبيعية ولكنَّها لا تعرف كيفية استغلالها.
وفي هذا العصر أيضاً ظهرت دول تمتلك موارد طبيعية هائلة وتمتلك الأموال والنفوذ الاقتصادي والسياسي، ولكن تنقصها الموارد البشرية والكفاءات المؤهلة لإدارة باقي موارد الدول، ممَّا دفع هذه الدول إلى ترغيب باقي مواطني الدول الأخرى إلى الهجرة إليها عن طريق وضع محفزات وبرامج هجرة تشجيعية، كتوفير متطلبات العيش للمهاجرين وتأمينهم والمحافظة عليهم، وتعليمهم جامعيَّاً. مما أغرى مواطني الدول الأخرى وخصوصا مواطني الدول النامية ودول العالم الثالث إلى ترك بلدانهم والهجرة.
وهناك مفهوم آخر يتعلق بالهجرة وهو مفهوم الهجرة غير الشرعية، والذي يجد انتشاراً واسعاً جدَّاً في دول العالم الثالث، والتي يطمح أفرادها إلى السفر والهجرة إلى الدول المتقدمة التي تستطيع توفير الحياة الهانئة لهم ولأفراد أسرهم. تتم الهجرة غير الشرعية عن طريق التسلل عبر الحدود خلسةً بشكل غير قانونيٍّ إلى الدول المُراد الهجرة إليها.
من مضارِّ الهجرة بشكلٍ عامٍّ، هي تفريغ الدول من سكانها الأصليين وخصوصاً المتميزين منهم والذين قد يساهمون في تنمية بلدانهم الأصلية وتحقيق الازدهار والرخاء والتقدم العلميِّ فيها، والذين قادتهم ظروف الحياة في بلدانهم من عدم وجود تكافؤٍ للفرص والواسطة والمحسوبية والبطالة وارتفاع الأسعار وغيرها إلى ترك بلدانهم والهرب منها.