مزمل أبو القاسم: عصر الرقم والمعلومة
* تخطينا عصر المعلوماتية لندخل العصر الرقمي، حيث تتحول كل معلومةٍ إلى رقم، تتم ترقيته إلى إحصائية لاحقاً.
* الخدمات التي تُقدَّم إلكترونياً لا تنحصر في مجالها، بل تتخطاه لتتحول إلى إحصائيات، تقبل المقايسة، وتحتمل التحليل والتدقيق والمقاربة، لتحدد مدى جودة الخدمة، والزمن الذي قُدِّمت فيه، ونطاق انتشارها جغرافياً، والمواضع التي لا تشملها الخدمات، وعوائدها المالية، وآثارها الاجتماعية والأمنية، وما إلى ذلك من معلوناتٍ يتم استقاؤها مباشرةً من الأرقام.
* المخالفات المرورية التي تُضبط إلكترونياً عبر كاميرات المراقبة والرادارات المنشورة على الطُرق تُحدد أي الشوارع أوفر خطراً، وأيها أكثر أمناً للسائقين، وتوضح الأوقات والمواقع التي تكثر فيها الحوادث.
* الخدمات المقدمة للمواطنين إلكترونياً توفر الوقت والمال والمعلومة الموثَّقة في آنٍ واحد، وتمنع الاختلاس والتجنيب، وتُقلِّص الفساد المصاحب للتعامل مع الكاش، لأن الآلة لا تعرف الرشوة، ولا تتغيب عن العمل بدواعي المرض والتسيب، ولا تهدر زمن الدوام في الونسة وتناول وجبة الإفطار، ولا تقول لطالب الخدمة (تعال بُكرة).
* حتى في المجالات الأمنية، ولى عهد الاعتماد على الأفراد والدوريات وحدها لحفظ الأمن، ومراقبة المطلوبين، وتوفير الطمأنينة للناس، وقد شاهدنا كيف أفلحت كاميرات المراقبة في إحراج احد أخطر أجهزة المخابرات في العالم (الموساد)، عندما كشفت هوية قتلة المبحوح في دبي، وضبطت صورهم، وحددت هوياتهم، والحديث نفسه ينطبق على فاجعة اغتيال خاشقجي في تركيا.
* قبل أيام شاهدت شريط فيديو يتحدث عن انتشار عمليات زرع الشرائح الإلكترونية تحت الجلد في السويد، وعن إقدام أكثر من ثلاثة آلاف سويدي على اقتنائها، بحقنهم بها في ظاهر اليد، لاستخدامها في فتح الأبواب المُشَّفرة، وشراء التذاكر الإلكترونية للحفلات والمباريات الرياضية والمترو، والاستعاضة بها عن بطاقات الاعتماد والصرَّاف الآلي في الشراء وسحب الأموال.
* وقتها ذكر أحد خبراء الرقميات أن العالم سينقسم قريباً إلى فئتين، أولاهما الغالبة، وهي التي تستخدم التقنية في كل مجالات الحياة، والثانية المتخلفة عن الركب، المتمسكة بالنمط القديم للحياة، الرافضة للتكنولوجيا، وذكر أن حال الفئة الثانية سيبدو كحال الرافضين للتأمين الصحي المجاني في البلدان التي تهتم بصحة مواطنيها، وتقدِّم لهم العلاج بالمجان.
* بالاستعانة برقائق متناهية الصِغَر، تُحقن تحت الجلد عبر فتحةٍ صغيرةٍ، تقِل عن المستخدمة لارتداء الحلق في آذان النساء، يتحول كل شيء للفضاء الرقمي، بتحديد المواقع، ورصد عادات التسوق، وتقليص معدلات استخدام الكاش، ورصد الحالة الصحية، وتقديم الدعم الأمني والصحي لمستخدم الشريحة حال احتياجه إليها.
* في دولة الإمارات العربية المتحدة مثلاً يتم إنجاز (98%) من المعاملات الحكومية بالدرهم الإلكتروني، وينخفض معدل الشراء بالكاش إلى أقل من (10%)، بينما نُصِر نحن على إلزام طالبي الخدمات الحكومية على الاصطفاف أمام النوافذ الحكومية بالساعات، ونستخدم الكاش بالجولات لشراء السلع والخدمات.
* الرصد المذكور أعلاه يوضح مدى أهمية مشروع الحكومة الإلكترونية، ويُعلي مقدار القرار الصارم الذي اتخذه رئيس الوزراء معتز موسى قبل أيام من الآن، بتحديد قاطع لموعد تطبيق التحول الرقمي في الولايات (21 ديسمبر الجاري)، وإيقاف أشكال الدفع النقدي للمعاملات الحكومية كافةً، بدءاً من مستهل شهر يناير المقبل.
* الخبر الأكثر أهميةً ولفتاً للأنظار تعلَّق بقرب تدشين الخدمات الخاصة بوزارة الداخلية إلكترونياً.
*,بدخول (الداخلية) للحوش الرقمي _ بعد سنواتٍ من الترفُّع والتمنَُع_ يقطع مشروع الحكومة الرقمية شوطاً بعيداً في مضمار التطور، ليتحول إلى واقعٍ جميل، بعد طول انتظار، ووفير تنظير.
د. مزمل أبو القاسم