ما هي أسباب العنف ضد المرأة
محتويات المقال
العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة هو سلوك عنيف مُتعمَّد موجّه نحو المرأة، ويأخذ عدة أشكال سواء كانت معنويّة أو جسدية، وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة هو السلوك المُمارس ضد المرأة والمدفوع بالعصبيّة الجنسية، مما يؤدّي إلى معاناة وأذى يلحق المرأة في الجوانب الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة، ويُعدّ التهديد بأي شكل من الأشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة أو العامة من ممارسات العنف ضد المرأة.
إن العنف ضد المرأة انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان؛ إذ يمنعها من التمتع بحقوقها الكاملة، وله عواقب خطيرة لا تقتصر على المرأة فقط، بل تؤثر في المجتمع بأكمله؛ لما يترتب عليه من آثار اجتماعيّة واقتصاديّة خطيرة. ومن الجدير بالذكر أنّ العنف ضدّ المرأة لا يَعرف ثقافة أو ديانة أو بلداً أو طبقة اجتماعيّة بعَينِها، بل هو ظاهرة عامة.[١]
أنواع العنف ضد المرأة
لا ينحصر العنف ضد المرأة في شكل واحد، بل يأخذ عدة أشكال، منها:
- العنف الجسدي: يُعدّ العنف الجسدي من أكثر أنواع العنف انتشاراً ضد المرأة، وعادةً ما يتسبّب به زوجها أو أحد أفراد عائلتها من الذكور، ويشمل هذا النوع من العنف أيّ أذى جسدي يَلحق بالمرأة، سواء كان اعتداء بالضرب أو باستخدام آلة، وتترتب على العنف الجسدي مخاطر صحيّة ونفسية كبيرة للضحية، وقد يتسبّب في بعض الأحيان بوفاة الضحيّة نتيجة القوة المُفرِطة والضرب المُبرِح الذي تعرّضت له.[٢] كما يشمل العنف الجسدي جرائم الشرف التي تُرتَكَب بحق المرأة في حال التشكيك بعفّتها من قِبَل أحد أفراد أُسرتها الذكور.[٣]
- العنف اللفظي والنفسي: هو العنف المُمارَس ضد المرأة من خلال ألفاظ مُهينة أو شتائم تنتقص من قدرِها، بالإضافة إلى التهديد اللفظي وسوء المعاملة، ويشمل ذلك التهديد بالطلاق، وللعنف النفسي آثار سلبية تنعكس على نفسية المرأة، بالرغم من عدم وجود آثار واضحة، إلا أنه يؤدي إلى إصابة المرأة بأمراض نفسية حادة كالاكتئاب.[٢][٤]
- العنف الجنسي: يأخذ هذا العنف أشكالاً عديدة منها التحرش الجنسي أو أي تهديد جنسي، أو أي علاقة تُفرض بالإكراه، أو الاغتصاب. وقد يكون هذا الشكل من العنف مُمارس من قِبَل الزوج نفسه في بعض الأحيان. كما يندرج تحت هذا النوع من العنف، العنف الجنسي في حالات الصراع، والذي يعني خطورة تعرض المرأة للاغتصاب في المناطق التي تُعاني من حالات عدم الاستقرار السياسي والحروب.[٥][٣]
- العنف الاقتصادي: هو العنف الذي يمنع المرأة من الحصول على استقلاليتها الاقتصادية، وإبقائها كتابِع لأحد أفراد أُسرتها، ويشمل هذا النوع من العنف حرمان المرأة من التعليم والعمل والتدريب مما يؤهلها لدخول سوق العمل، وحصر مجال عملها داخل المنزل فقط، مما فيه انتهاك لحق المرأة بالعمل والحد من حريتها في اختيار عمل ما تُحب.[٦]
أسباب العنف ضد المرأة
تتعرض المرأة للعنف لعدة أسباب، قد يجتمع عدد منها في الوقت نفسه وتتشابك، مما يؤدي إلى أذية المرأة بشكل أكبر وأعنف سواء من الناحية النفسيّة أو الجسديّة، وترجع أسباب العنف ضد المرأة إلى دوافع اجتماعية ونفسيّة واقتصاديّة موضحة كما يلي:[٥]
- الدوافع الاجتماعيّة: إن العوامل الاجتماعيّة من أبرز الدوافع لارتكاب العنف ضد المرأة، وتشمل العوامل الاجتماعية تدني مستوى التعليم وتفشي الجهل بين أفراد المجتمع، وبالتالي سهولة التأثُّر في المعتقدات الخاطئة المُتعلقة بشرف العائلة والعفاف والتي تنتشر في المجتمع والبيئة المُحيطة، إلى جانب تبنّي وجهات النظر الداعية إلى فرض القوة الذكورية والتي تظهر على شكل العنف الجسدي والجنسي على حد سواء.
- الدوافع النفسية: إنّ العوامل النفسية التي تشكلّت في شخصيات مُرتكبي العنف ضد المرأة في الصِغَر تؤثر بشكل كبير في سلوكياتهم والتي تظهر على شكل سلوك عدائي في الكِبَر؛ ومن أبرز هذه العوامل النفسية تَعرُّض مُرتكب العنف للإيذاء بأي شكل من الأشكال في طفولته، أو وجوده في بيئة أُسرية تنتشر بها حالات تعنيف الأبوين، أو اعتداء الأب على الأم بأي شكل من الأشكال، إلى جانب اضطرابات الشخصية التي قد تُؤدي إلى خلق شخصية مُعادية للمجتمع.
- الدوافع الاقتصادية: تُعدّ العوامل الاقتصادية من أكثر دوافع العنف ضد المرأة التي تشهدها عدة مجتمعات في وقتنا الحالي؛ والسبب في ذلك يعود إلى الضغوطات الاقتصادية التي تُعاني منها شريحة واسعة من المجتمع، وتدني المستويات المَعيشية، وتفشّي البطالة والفقر، حيث تُشكل هذه الأسباب مُجتمِعَة ضغوطات نفسيّة كبيرة على مُعيلي الأُسرة، التي تتصادم في كثير من الأحيان مع نزعة المرأة الاستهلاكية.[٧]
آثار العنف ضد المرأة
يسبب العنف ضد المرأة آثاراً خطيرة، لا تقتصر على المرأة فقط، بل تمتد لتشمل أسرتها المُحيطة والمجتمع، ومن أبرز الآثار المُترتبة على العنف ضد المرأة:[٥]
- الآثار الصحية: المتضرر الأول من العنف ضد المرأة هي المرأة نفسها، وتتأثر المرأة بمشاكل صحية مثل الإصابات الخطيرة، والكدمات والجروح، التي قد تُؤدي إلى اضطرابات داخلية، وبعض المشاكل في الجهاز الهضمي، والتأثير في الحركة، وتدني مستوى الصحة العامة، وقد تؤدي بعض حالات العنف إلى الوفاة.
- الآثار النفسية: يترتب على العنف عدد من المشاكل النفسية مثل الاكتئاب الحاد والاضطراب النفسي، والتي قد تقود الضحية إلى محاولات الانتحار نتيجة للضغط النفسي الكبير الذي تقع تحته، كما يمكن أن تُسبب مشاكل مثل إدمان شرب الكحول، والتدخين، وإدمان المخدرات، الأمر الذي ينعكس على صحة المرأة النفسية في مراحل مُتقدمة.
- الآثار الاجتماعية: لأن المرأة عضو فاعل في المجتمع؛ فإن كل ما تمر به ينعكس على أُسرتها ومُحيطها المجتمعي بشكل كبير، ومن المشاكل التي يسببها العنف ضد المرأة الاضطرابات الأُسرية التي بدورها تنعكس على الأطفال بشكل كبير، وقد تؤدي إلى إصابتهم بعدم استقرار نفسي وعاطفي، وهو ما يؤثر في سلوكاتهم المجتمعية في مراحل متقدمة من العمر.
- المشاكل الاقتصادية: يُشكل العنف ضد المرأة عائقاً كبيراً أمام ممارستها دورها الفاعل في المجتمع؛ فعند تعرضها للعنف تنطوي المرأة على نفسها، الأمر الذي يحُد من مشاركتها كعضو فاعل في المجتمع ويحرمها من استثمار قدراتها في الدفع الاقتصادي للمجتمع. كما يُكبّد العنف ضد المرأة الأُسرة أعباءً اقتصادية إضافية نتيجة للعلاجات الصحية التي تخضع لها الضحيّة.
الوقاية من العنف ضد المرأة
للتصدي للعنف ضد المرأة وإيقافه بشكل تام يجب على جميع أفراد المجتمع التكافل فيما بينهم بشكل كبير، وتبدأ الوقاية من المناهج الدراسية التي يجب أن تضم برامج للتعريف بالعنف ضد المرأة وحمايتها منه، ونشر الوعي الصحي والثقافي حول هذا الموضوع، إلى جانب الخطط الاقتصادية التي تُمكّن المرأة من تعزيز دورها في المجتمع وإبرازها كعضو فاعل فيه من خلال تقديم الدورات التدريبة لها لدعم تطوير مهاراتها وقدراتها، وتشجيع الاستراتيجيات الوطنية التي تعزز المساواة بين الرجل والمرأة وتقديم فرص مُتساوية لكل منهما، بالإضافة إلى تضمين البرامج الوطنية التي تصون العلاقة بين الأزواج وتعزيز مفهوم قيام العلاقة على مبادئ الاحترام والتفاهم لخلق جوّ أُسري صحي للأطفال والعائلة ككُل.[٥]
حَملات وقف العنف ضد المرأة
أطلقت عدد من المنظمات العالمية المَعنية بالدفاع عن حقوق المرأة مبادرات عديدة لوقف العنف ضد المرأة، وقد خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 من نوفمبر يوماً دولياً للقضاء على العنف ضد المرأة، وسعت من خلال ذلك إلى رفع مستوى الوعي العالمي حول ما تتعرض له المرأة من اضطهاد، ودعت الجمعية العامة جميع المنظمات الدولية والمَعنية بحقوق الإنسان إلى تنظيم فعاليات تعزز مفهوم محاربة العنف ضد المرأة.[٨]
كما أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في عام 2008م حملة “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة” التي تدعو جميع أفراد المجتمع ومؤسساته لتضافر جهودها في محاربة ظاهرةالعنف ضد المرأة، والتصدي لها من خلال إصدار قوانين عقوبات تُجرّم مرتكبي العنف، وتنفيذ خطط وطنية للحد من هذه المشكلة، ونشر الوعي المجتمعي حول هذه الظاهرة الخطيرة، ووضع وتنفيذ خطط وطنية مُشتركة من قِبَل جميع أفراد المجتمع، وأخيراً جمع المعلومات حول الأرقام الدقيقة لظاهرة العنف ضد المرأة لمعرفة ما هي الخطوات الصحيحة التي يجب اتخاذها.[٩]
كما تتخذ منظمة الصحة العالمية خطوات إيجابيّة في طريق وقف العنف ضد المرأة، من أبرزها التعاون مع الشركاء والمنظمات غير الربحية الدولية في إجراء بحوث اجتماعية شاملة لمعرفة حجم المشكلة والأرقام الدقيقة حولها، لحصر المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها، بالإضافة إلى دعم البلدان في تعزيز الاستجابة السريعة للقطاع الصحي لمسألة العنف ضد المرأة، وتطبيق الأدوات والمبادئ الصحية العالمية لمحاربة هذه الآفة، إلى جانب نشر الوعي حول موضوع العنف ضد المرأة، ودعم حصول المرأة على كافة حقوقها كما ينص عليها دستور كل بلد.[٥]
إحصائيات حول العنف ضد المرأة
تعمل الوكالات والمنظمات العالمية على تكثيف جهودها البحثية والإحصائية للتوصل إلى أرقام دقيقة حول ظاهرة العنف ضد المرأة، ومن أبرز الإحصاءات التي توصلت إليها كل من منظمة الصحة العالمية، وكلية الطب وطب المناطق المدارية في لندن، ومجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا:[١٠]
- أكثر من 35% من نساء العالم تعرضنّ للعنف الجسدي أو الجنسي على يد أحد الأقرباء لهنّ من شريك حميم أو غيره من الأشخاص.
- تعرضت 30% من نساء العالم للعنف الجسدي على يد شريكهم في العلاقة.
- 38% من جرائم قتل نساء في العالم كانت على يد الرجال الذين كانت تربطهم بهنّ علاقة.
- تعرضت 7% من نساء العالم للاعتداء الجنسي من قِبَل شخص لا تربطهم به علاقة.
- وصلت احتمالية ولادة النساء اللواتي تعرّضن للعنف الجسدي لأطفال ذوي وزن ناقص لـ 16%، بينما وصل احتمال إصابتهن بالاكتئاب إلى الضعف.