ما أسباب عدم النوم ليلاً
محتويات المقال
الحرمان من النوم ليلاً
يُعدُّ الحرمان من النّوم ليلاً أو ما يُعرَف بالأرق مُشكلةً لدى كثيرٍ من الأشخاص، ويُعاني هؤلاء إمّا من عدم قدرتهم على النّوم خلال اللّيل، أو مِن صعوبة الاسْتغراق في النّوم بما يكفي لاسْتعادة تَوازُن الجسم لبداية يومٍ جديدٍ بنشاط ٍوحيويّةٍ. كما قد يُواجهون مُشكلةَ الاسْتيقاظ في وقتٍ باكرٍ جداً وعدم قدرتهم على مُعاوَدةِ النّوم مُجدّداً، ممّا يُؤدّي إلى انْخفاض الطّاقة الحيويّة للجسم وتَعَكّر المزاج، كما تَضْعُف الحالة الصحيّة للشّخص المُؤَرّق ويتراجَع أداءه الوظيفيّ في العمل.[١]
تخْتلفُ ساعاتُ النّوم التي يحتاجُها الجسم مِن شخصٍ إلى آخر، لذا لا توجد أرقامٌ رسميّةٌ حوْل عددٍ مُعيّنٍ من السّاعات، إلا أنّ المُعدّل الطبيعيّ الذي يحتاجَهُ الشّخص البالغ يَتراوح من 7-9 ساعات كلّ ليلةٍ، فيما قد يحتاجُ الأطفال الصّغار والرُّضّع إلى عددٍ أكبر من ذلك، وأمّا الكبار في السّن فقَد يحتاجون إلى أقلّ من هذا المعدّل يوميّاً.[٢]
في حالِ حُدوثِ حرْمانٍ من النّوم لِعِدّة أيّامٍ أو أسابيعٍ يكون الأرق حينَها حالةً مؤقّتةً، وفي بعض الأحْيان إن اسْتمرّ لِعدّةِ أشهرٍ أو سنواتٍ يُصبح حالةً مُزْمنةً ناتجةً عن أمراضٍ أُخرى أو علامةً لاعْتِلالٍ مُعيّنٍ أصابَ الفرد.[٣]
أسباب عدم النّوم ليلاً
إنّ أسباب عدم النّوم ليلاً (الأرَق) مُتعدّدةٌ جدّاً؛ فإِمَا أنْ تكون نتيجةَ أمراضٍ مُعينّةٍ تُصيبُ الشّخص المُؤرّق، ممّا يَجعل عدَم النّوم ليلاًحالةً مُزْمنة، أو بسببِ عواملَ نفسيّةٍ تحدثُ أحياناً وتُؤدّي إلى أرقٍ مؤقّتٍ. كما تُسبّب العادات الخاطئة المُتّبعة في النّوم ونَمَط الحياة السّائِد اضطرابات في النّوم. وما زالتْ تلك الأسباب قَيْد دراساتٍ طبيّةٍ دوْريّةٍ منْ أجلِ مُساعدةِ هؤلاء الأشخاص المُؤرّقين على الخُلود إلى النّوم ليلاً بشكلٍ طبيعيٍّ، والقدرة على اسْتعادة نشاطهم وحيويّتهم.[٣]
فيما ياتي بعض الأسباب التي تُؤدّي إلى عدم النّوم ليلاً:
- اتّباعُ عادات نومٍ خاطئةٍ، مثل قضاءِ فتْرات قيلولة طويلةٍ أثْناء النّهار، ممّا يُؤدّي إلى عدَم النّوم جيّداً في اللّيل، وحُدوث اضطرابٍ في ساعة الجسم البَيولوجِيّة. وكذلك الاسْتيقاظ في ساعاتٍ متأخرّةٍ جدّاً من الصّباح؛ فالاسْتيقاظ قُبيل الظّهر هو عادةٌ غير صحيّةٍ على الإطلاق، وتُسبّب أيضاً اضطراباً في ساعات النّوم الليليّة وتكرّر الأرَق.[٣]
- بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الذّهاب للنّوم في وقت مُتأخّر جدّاً يُسبّب اضطراباً في السّاعة البيولوجيّة؛ لأنّ الجسم في هذه الحالة يُفوّت ساعة النّوم التقريبيّة له، فَيدخل في حالة تأَهّبٍ جديدة طارداً عنه حالة النُّعاس التي كان بها.[٣]
- إلى جانب ذلك، فإنّ الذّهاب إلى النوم في وقت باكر جدّاً يجعل الشّخص غير جاهزٍ للنّوم، فَيبدأ بالتّفكير الذي يُشْغل بالَهُ ويُذْهِب نومَهُ، لذا يَجب على الشّخص أنْ يجعل موعد نْومِه ثابتاً قدر الإمْكان لِلحصول على نومٍ هادئٍ وغير مضْطرب.[٤]
- اتّباع سلوكِيّات غير صحيّة في نمط الحياة اليوميّ والتي تُؤدّي إلى اضْطراب النّوم والإِصابة بالْأرَق. ومن الأمثلة على ذلك تَناوُل وجبة طعام دَسِمةٍ قبل النّوم، وشُرْب الكافيين أو المشروبات الكحوليّة في وقت مُتأخّر من اللّيل، والمُناوبات الليليّة المُتأخّرة أو الباكرة جدّاً في العمل، والسّفر في رحلات جوّيةٍ طويلةٍ.[١]
- عدم تَوَفّر البيئة المناسبة للنّوم، مثل ارْتفاع درجة حرارة غرفة النّوم بشكلٍ كبير، أو شخير الشّريك في السّرير، أو ضوْضاء الجيران في مُحيط المنزل، وكذلك وُجود إضاءة من الأجْهزة الكهربائيّة في غرفة النّوم مثل ضوء شاشة الحاسوب أو التّلفاز.[٥]
- كثْرة الانْشغال الذهنيّ أو ما يُعرَفُ بالقلق، ولعلّ هذا من أخْطر أسباب قلّة النّوم ليلاً، حيث يبْقى الفرد مُنْشغلاً طوال الوقت بالتّفكيرِ في أُمور تُسبّب التوتّر، من تَذكّرُ أحداثٍ أَليمة حدَثتْ معه في الماضي، أو الخوف الزّائد من المُستقبل، وشُعوره باللّوم لِكثْرة المسْؤوليّات التي تَقع على عاتِقِه وغيرها من الأمور التي تُسبّب له اضْطراباً في إيقاع الجسم البيولوجيّ كَكلّ، ابْتداءً من زيادة نبضات القلب وكَثْرة التعرّق، مُروراً بِقِلّة النّوم ليلاً والشّعور بالضّعف العام والتّعب، وانْتهاءً بأمْراض خطيرة مثل الاكْتئاب والتّفكير بأُمورٍ سلْبيّة كالانْتحار.[٦]
- بعض الأمراض الجسديّة تُسبّب الإزْعاج والحِرْمان من النّوم ليلاً، مثل الْتهابات الجُيوب الأنْفيّة، والْتهاب المفاصل، والرّبو، والارْتِداد المَريئيّ، والآلام المُزْمنة، وبعض أمراض الجهاز العصبيّ مثل مرض باركنسون، وآلام أسفل الظّهر.[٧]
- تَناوُل بعض الأدْوية يُسبّب أحياناً الاضطّراب وعدم النّوم ليلاً، مثل الأدْوية التي تُعالِج حالات الانْفلونزا والحساسيّة، وارتفاع ضغط الدّم، وأمراض القلب، وأمراض الغدّة الدرقيّة، والرّبو، والاكْتئاب.[٧]
- قد يكون الأرَق علامةً على وُجود اضْطرابات نوم أُخرى مثل انْقِطاع النَّفَس أثْناء النّوم، ومُتَلازَمة السّاق المُضطرِبة، واضطراب السّاعة البَيولوجيّة الذي يَحدثُ عادةً مع الأشخاص الذين يعملون في المُناوَبات الليليّة، أو من يُعانون من إرْهاق السّفر بسَبب الرّحلات الجوّية الطّويلة.[٨]
- تَجْدُر الإشارة إلى أنّ اسْتمراريّة حالة الأرَق لها عَواقِب على حياة الأشخاص المُؤرّقين، حيْث يُعاني هؤلاء من تَراجُع الأداء الوظيفيَّ في العمل، وتَراجُع المُستوى التحصيليّ في الدّراسة بسبَب ضَعْف الذّاكرة النّاتج عن الحِرْمان منَ النّوم لأيّامٍ كثيرة، وتَوتُّر العلاقة بين الشّريكَيْن بسبب اضطراب النّوم، وتَراجُع مُستوى الحياة الاجْتماعيّة حيْث يَصْعُب على الشّخص المُؤرَّق المُشاركة في النّشاطات الاجْتماعيّة التي تَتَطلّب منه التّركيز بِسبب ضَعْف حالة اليَقَظة لدَيْه، وارْتفاع خُطورة التعرّض لِحوادث السّيْر بسب ضَعْف حالة اليَقَظة والانْتباه.[٩]
العلاج
يَعتمِد علاج عدَم النّوم ليلاً على الأسْباب التي أَدّتْ إليْه، فَفي حين أنّ بعْض الحالات تُعالَج سُلوكِيّاً بالتّدْريب على عادات النّوم الصّحيحة وأساليب الاسْترخاء، إلاّ أنّ هناك حالات تستدْعي العلاج دوائِيّاً أو بالطبّ البديل. ويمكن تلْخيص خيارات العلاج كالآتي:[١]
- العلاج السُلوكيّ المَعْرِفي: ويَهْدِفُ إلى التخلّص من الأفكار السلبيّة والمُعْتقدات الخاطئة التي تُنبّه الشّخص وتَجْعلَهُ يقظاً وقلِقاً يُقاوِم النّوم، ولعلّ هذا العلاج هو الأكثر فَعاليّة لِلتخلّص من الأرَق؛ حيْث يعْتمد على تعْليم الأشخاص المُؤرّقين أساليب للاسْترخاء، مثل تمارين التنَفّس والاسْترخاء العَضليّ، وكذلك تدريب هؤلاء الأشخاص على المُداومة على موعدٍ ثابت للنّوم والاسْتيقاظ كلّ ليلة، وتَجنُّب فترات القيْلولة الطّويلة، والدّخول إلى السّرير فقط في حالة الشّعوربالنّعاس والرّغبة في النّوم.
- العلاج الدوائيّ: ويُساعد في تحْفيز النّعاس لَدى الشّخص المُؤرَّق أو المحافظة على شُعوره بالنَّعاس، وعموماً لا يُحبّذ الأطبّاء العلاج الدوائيّ باسْتخدام أقْراص النّوم لِفترة تَتَجاوز بِضْعة أسابيع لِما لها من آثارٍ جانِبيّة حيث من المُمكن أنْ تُسبّب حالة التَرَنُّح وتَزيد مَخاطِر السّقوط على الأرض، إضافةً إلى إمْكانيّة حُدوث الإدْمان عليها.
- الطبّ البديل: هناك كثير من الأشخاص المُؤرّقين يُحبِّذون فكرةَ التّداوي بالطبّ البديل بدَلاً منْ زيارة الطّبيب واتّباع العلاج الدوائيّ للأرَق.
- ورغْم أنّه لم تَثْبُت نواحي السّلامة والفَعاليّة لمُكَمّلات وأساليب الطّب البديل، إلاّ أنّ هؤلاء الأشخاص يحاولون اسْتخدام بعض المُكَمِّلات الدوائيّة، مثل الميلاتونين، لاعْتقادِهِم أنّه قد يُقاوِم الأرَق، ويُمارسون رياضةَ اليوغا والتأَمُّل، والعلاج بالْوَخْز بالإِبَر الصينيّة للْمُساعدة على تَحْسين نوْعيّة النّوم لديْهم.