ماهي حقوق الزوجة على الزوج
الحياة الزوجية
الزوجة، النصف الثاني للعائلة، فلا تتكون عائلة إلا بطرفين وهما الزوج و الزوجة، كفَّتا ميزان متعادلتان ومتساويتان، بهما تبدأ الحياة العائلية؛ ولا تنتهي إلا بانتهائهما. الزوجة ليست مُكَمِّلاً للبيت ولا بعضاً من أثاثه، وجودها أساسي وبقاؤها ضروري، ومن يستطيع أن يستغني عن الهواء الذي يستنشقه؛ هو فقط من يستطيع أن يستغني عن الزوجة في بيته. البيت ليس حكراً على الرجُّل، بل يجب على الرجل أن يعرف أنه لولا الزوجة لما كان هناك بيت، فالبيت ليس جدراناً وسقفاً فوقه، بل هو مجموعة من المشاعر والأحاسيس، لا يجمعهم إلا الحب والحنان الذين لا يتوفَّرا إلا بوجود المرأة.
للزوجة في بيت الزوجية حقوق؛ واجبٌ على الزوج تأديتها، ونقول بيت الزوجية وليس بيت الزوج، لأننا كما أسلفنا يكون البيت بهما وينتهي بهما. من أول حقوقها عليه؛ هو احترامها وتقديرها، أن يعطيها ما تستحقه كونها إنسان مثله، وزواجها منه لا يجعلها تابعاً له، إنما شريكاً فعَّالاً له دوره المهم والأساسي في تكوين البيت وإنشاء العائلة. كما أنه من حقوقها عليه التقدير، فلابدَّ أن ترى منه تقديراً مساوياً لجهودها في بناء هذه العائلة، ولا نُبالغ لو قلنا إنه لطبيعة المرأة العاطفية؛ فإنها تستحق مزيداً من التقدير على جهودها. ومن حقها ألا يتم توبيخها ولا أن تسمع من زوجها قبيح الكلام وذلك لقول النبي عليه السلام (تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ). كذلك ألا يقرَبَ الزوج مال زوجته إلا بإذنها، فأخذه مالَها عنوة حرامٌ عليه، وأخذه منها بإذنها هو شِفاء له لو استطبَّ به، قال تعالى (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوهُ هنيئا مريئا).
حقوق الزوجة على الزوج
تنقسم حقوق الزوجة على زوجها لقسمين
الحقوق المالية الحقوق المعنوية ” غير المالية ”
الحقوق المالية
وهي تتمثل بالمهر ، النفقة ، ومنزل السكن .
- المهر وهو المبلغ الذي يدفع للزوجة لحظة عقد الزواج ، وهو واجب شرعاً كحق ثابت ضمنه لها الإسلام ، تكريماً للمرأة ورفعاً لشأنها بعيون زوجها .
- النفقة فإنفاق الرجل على زوجته وهي في بيت الزوجية واجب أيضاً بإجماع العلماء ، وهو حق لها ما دامت غير ناشز ، ولا ممتنعة عنه . إذ لا بد أن ينفق ليكفيها قدر استطاعته فلا يقتر عليها ، أو يمتنع عن شراء مستلزماتها الأساسية . حتى لو كانت غنية أصلاً فمالها لها إلا أن تجود به عن طيب خاطر ولا إجبار عليها ، لأن القوامة للرجل وليست للمرأة
- السكن وذلك بأن يجهز الرجل لزوجته سكناً مناسباً لها ولأولادها على قدر إمكاناتها المالية ، ولها أن تشترط الإستقلالية بالسكن دون الشراكة مع عائلته أو أمه إلا إذا رضيت بذلك .
الحقوق المعنوية
- المعاشرة بالمعروف إذ أن الرجال مطالبون بحسن عشرة المرأة ، والرفق بها ، واللين في الحديث معها والتحبب إليها بالعبارات الجميلة غير الخادشة أو الجارحة لأنه يؤثم على ذلك ، لا يهينها ولا يضربها ولا يشتمها ولا يذكرها بسوء ، وأن يحفظ سرها .
- احترام عائلتها وأقاربها ، ومشاركتهم بأفراحهم وأتراحهم ، إكراماً لها .
- العدل بين الزوجات فإذا كان الزوج لديه أكثر من زوجة واحدة ، وجب عليه العدل بينهن في كل شيء بالإنفاق والمعاشرة والمبيت والكسوة ومكان السكن.
من حقوق الزوجة على أن زوجها أن يكفيها كافة مستلزماتها من مَسكَن ومأكل ومشرب ومَلبَس، فلا تحتاج أحداً ولا تطلب سوى من زوجها، ليس لأنها تحت إمرته، ولا جارية تعمل في المنزل فتستحق مقابل مجهودها، بل لأنه حقها المشروع؛ وواجبٌ على الرجل أن يؤديه لها، كما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم (أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ)، ويجب في هذه النفقة الإحسان، فيأتي لها بأفضل شيء من كل شيء، ولا يكون بخيلاً ولا مُقتِراً، وفي الآية الكريمة يقول ربُّ العزَّة والجلالة ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)، وقال صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله)، ولا بدَّ لنا أن نذكُر هنا عِظَم هذا الأمر عند الله، فيوم القيامة سيُحاسبُ العبد على ما أنفقه على أُسرته كما جاء في الحديث الشريف (أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله). مَوَدَّتُها حقٌّ لها وليس أن يَمُنَّ عليها الرجل بها وذلك لقول الله سبحانه وتعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
حسن المُعاشرة من حقوقها التي لا نِزاع فيها وذلك لقول الله سبحانه في مُحكمِ تنزيله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، وعدم الإضرار بها حق من حقوقها، وهذا من اول تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في معاملة المرأة. ومن حُسنِ المُعاشرة المُسامحة عن الهفوات، فكلنا بشر وكل البشر خطَّاؤون، فلا يجوز أن يكون الرجل متزمِّتاً على كل هفوة من زوجته، وأجمل نوع من المعاشرة بالمعروف هو احتمال أي أذى يصدُر منها وليس ألا يؤذيها، فعدم أذِيَّة الرجل لزوجة ليست أمرا يُشكرُ عليه، لأنه إن آذاها يكون قد ارتكب إثماً يستوجب أن تُسامِحه عليه حتى يغفِرهُ الله له. وكذلك موازنة ما يُحِبُّ منها مع ما يكره، فلا يرى ما يكره ويحاسبها عليه، بل من المؤكد أن لها ميِّزات جمة، فيجب أن يراها ولا يتغاضى عنها، وفي هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ). حُسنُ الظنِّ بالزوجة من حسن معاشرتها، فلا يشكُّ فيها ولا يظن بها السوء؛ إلا إن رأى منها ما يُثير الشك أو أتاه خبر وتيقَّن منه، عدا عن ذلك فقد نهى رسولنا الكريم عما نسميه في دقتنا الحاضر بالمداهمة وذلك لِما جاء في الحديث الشريف (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلًا).
تكفي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في النساء، فقد جاءت الوصيَّة في أكثر من حديثٍ شريف مثل (استوصوا بالنساء خيراً) وحين أوصى عليه السلام بالرِّفقِ بهم (رِفقاً بالقوارير)، كما أنه صلى الله عليه وسلم جعل ميزان المُفاضلة حسب التعامل مع الزوجة والأهل لقوله (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). فماذا نُريد بعد كل وصايا النبي الكريم وميزان المُفاضلة؟ فيا مَن تضرب زوجتك؛ اتَّقِ الله، ويا من تظلم زوجتك، اتَّقِ الله، ويا من تأخذ مالها بغير حقٍّ، اتَّقِ الله، إن الساعة آتية لا ريب فيها.