لماذا حارب معاوية عليا ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا حارب معاوية عليا ؟ s02.gif لماذاحارب معاوية عليا ؟
مقدمة:
ليعلم الجميع أن هذا الأمر كان فتنة وسيظل كما كان مثار جدل ونقاشوخلاف بين المسلمين لذلك أنصح الأخوة بأنلا يشغلوا أنفسهم بهذا الموضوع وأن لا يتطاولوا على سيدنا علي أو سيدنا معاوية
فسيدناعلي كرم الله وجهه أول من أسلم من الولدان ورباه رسول الله عليه الصلاة والسلاموزوجه الرسول بابنته وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أفاضل الصحابة
وسيدنا معاوية رضي الله عنه هو كاتب الوحي لرسول الله وطبيبه الخاص وشقيق زوجته أم حبيبة رضي الله عنها فهو إذن خال للمؤمنين جميعا وقائد من قادة الفتوحاتالاسلامية في عهد سيدنا عمر بن الخطاب
فلا يحق لأنسان مهما بلغ من العلم أن يتطاول على هذين الصحابيين الكريمين أو أحدهما
سبب الخلاف هو أن سيدنا معاوية كان يطالب بالاقتصاص من قتلة سيدناعثمان بن عفان رضي الله عنه (باعتباره ولي دمه) وكان سيدنا علي كرم الله وجهه يرى أنه هو ولي دم الخليفة عثمان و من الصعبالاقتصاص فورا من قتلتة لأنهم ليسوا جماعة قليلة وانما عدد كبير من القتلة وكانيرى أن يؤجل الاقتصاص حتى يستتب الأمر وتنتهي الفوضى وكان على الجميع الإذعان لرأيه (لأن رأي الإمام يرفع الخلاف ظاهرا وباطنا), ولكن معاوية رفض مبايعة سيدنا عليا وغالبية أئمة وفقهاء أهل السنة والجماعة يرون أن معاوية هو المخطىء وهو الذي بغى على سيدنا علي , وهكذا نشبت الحرب بين جيشالعراق بقيادة علي و جيش الشام بقيادة معاوية وكانت من المراحل السوداء بتاريخالأمة الاسلامية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
التفصيل :
نعم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حارب عليا بن أبي طالب رضي الله عنه و لكن السؤال لماذا حاربه ؟,هل حاربه من أجل دنيا فانية أم من أجل الخلاف على حكم شرعي ؟,إليكم القصة من أولها إلى آخرها :
حينما أحس معاوية أن المتآمرين على سيدنا عثمان, خليفة المسلمين قد قطعوا شوطا كبيرا في التآمر عليه ,خشي معاوية على عثمان من مكر المتآمرين وغدرهم فتوجه من الشام إلى المدينة لمقابلة سيدنا عثمان والتشاور معه بشأن طريقة معالجة الثوارالعصاة وحماية الخليفة من مكرهم.
لقد عرض معاوية على سيدنا عثمان ثلاثة عروض:
أولها الإنتقال به وعاصمة الخلافة إلى دمشق حيث يمكن حمايته لأن أهل الشام هم من شيعة معاوية ويكنون له الولاء التام ,فرفض سيدنا عثمان هذا العرض رفضا باتا قائلا إنه لن يترك مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يترك جواره مهما تعرض من أخطار .
وهنا تقدم معاوية بالعرض الثاني وهو أن يرسل له جند من الشام إلى المدينة لحراسته وحمايته من الثوار,فتسائل سيدنا عثمان عمن ينفق على هؤلاء الحراس فأجابه معاوية من بيت مال المسلمين ,فأبى سيدنا عثمان وقال محتدا والله لا أنفق فلسا من بيت مال المسلمين على من يحرسني لأن الأقدار بيد الله”قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا” .
ولما رأى معاوية رفض الخليفة للعرضين الأول والثاني تقدم بالعرض الثاالث والأخير وهو أن يكون معاوية ولي دمه إذا ما قتل بأيدي الثوار العصاة ,فأجابه سيدنا عثمان الى هذا العرض بالموافقة على طلبه بأن يكون معاوية هو ولي دمه وكتب كتابا على ذلك بشهادة حبر الأمة سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ,وبذلك أصبح معاوية هو ولي الدم لسيدنا عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
لقد بدأ الخلاف الشرعي بين معاوية وعلي بعد مقتل الخليفة في الفتنة الكبرى ورفض معاوية مبايعة سيدنا علي للخلافة ,والخلاف الشرعي يتلخص في أن سيدنا عليا بإعتباره قد أصبح خليفة للمسلمين فهو يعتبر شرعا ولي دم الخليفة المقتول غدرا كما أن معاوية يعتبر نفسه هو الولي الوحيد لدم الخليفة المقتول بناءا على ما لديه من توكيل كما تبين سابقا .
بناءا على هذا الخلاف الشرعي رفض معاوية مبايعة علي بالخلافة إلا ذا سلمه قتلة عثمان ليقتص منهم فرفض سيدناعلي طلب معاوية وأصر معاوية على طلبه ومن هنا نشأ الخلاف بين الإثنين واحتكما للسلاح .
معركةصفين(37هـ)
معركة صفين بقيت تشكل مرحلة مؤلمة في التاريخ الإسلامي، خاصة وأن أبطال هذه المعركة المتصارعين هم من كبار الصحابة وفاتحي الأمصار، وممن قام الإسلام على أيديهم, فيجب علينا حسن الظن بالصحابة الكرام، وأن قتالهم كان بسبب الخلاف في وجهات النظر حول الاقتصاص من قتلةسيدنا عثمان وإن كلا الفريقين لا يعدو أن يكون إحدى الطائفتين المؤمنتين الذين ذكرهم الله في محكم كتابه العزيز”وإن طائفتان من المؤمنين إقتتلوا فأصلحوا بينهما …………”الحجرات _9
*****
تعدمعركةصفينفصلا هاما من فصولالفتنة، فها نحن نرى المسلمين وقد وقفوا متحاربين في معسكرين ، يقود أحدهم الإمام علي ، والآخر يأتمر بأمر معاوية رضي الله عن الجميع .

صورة مأساوية أخرى تضاف إلى تلك الصور التي يحملها ضميرنا بكل ألم ومرارة ، فصحابة رسول اللهمن كانوا بالأمس القريب يدا واحدة على عدوهم ، نراهم في هذه المعركة وقد تربص كل معسكر بالمعسكر الآخر، الرماح موجهة لصدور إخوان الأمس ، والأيدي التي اعتادت أن ترمي العدو بالنبال هاهي توجه نصالها نحو نحورهم ونحور إخوانهم .
فشلت كل المشاورات ، وراحت جهود الوساطة بين الطرفين في محاولات الاصلاح وتوفيق ذات البين أدراج الرياح، وبدا إبليس اللعين مع بطانته منتشيا بلحظة انتصار نادرة ، وراح ينفث في نارالفرقة ليزيدها اشتعالا بعد أن نسج خيوط التمزق بحرفية يحسد عليها. فعثمان الذي استحق القتل أول الأمر أو أول المؤامرة (على رأي العصاة)، يجب أن يكون في وسطها شهيدا ليؤخذ بثأره .
مفارقة مليئة بالألم ، ومسلسل استهداف الإسلام في أعز بنيه وهم صحابة الرسول عليهم رضوان الله وفي أعز ما يملك وهو وحدة الكلمة يمضي على قدم وساق بلا ملل ولا كلل .
قميص ملطخ بالدماء الطاهرة لذي النورين ، وأصابع زوجته الفاضلة الوفية يطيران وسط طوفان الغضب من المدينة إلى الشام ، ليستقر فوق خشبات المنبر بالمسجد الكبيربدمشق، ألا يصلحان وقودا للنار؟..والمسلمون الذين فجعوا في خليفتهم على يد الغوغاء كيف يمكنهم حمل شعلة الغضب وصب جامها فوق رؤوس القتلة ..؟!
أسئلة مشروعة ، وغضب له مبرره القوي ، ودعوى للقصاص لابد منها ، ولكن …
متى تطرح هذه الأسئلة ؟.. ولمن توجه..؟
وهذا الغضب العارم المبرر متى وكيف يمكن التنفيث عنه ..؟
ودعوى القصاص التي لامناص عنها من يطرحها ؟.. ومن يقوم بتنفيذها ..؟
أسئلة أخرى كانت في حاجة إلى الحكمة في طرحها ، وإلى الأناة في الرد عليها،ولكن هيهات هيهات …
إن الفرق الكبير والجوهري بين موقعة الجمل وموقعةصفينهو أن المتحاربين في موقعة الجمل كان كل معسكر حريص على أرواح المعسكر الآخر، ولذا بعد قليل من المشاورات واللقاءات تم الصلح ، ولكن السبئية(جماعة اليهودي المنافق عبد الله بن سبأ) وأذنابهم فعلوا فعل إبليس كما أسلفنا فدارت دائرة الحرب ، وحتى أثناء الحرب كان لصوت الحكمة نصيب فتراجع طلحة والزبير ، لكن فيصفينكان الوضع على النقيض من ذلك تماما .

ويرصد لنا الدكتور الصلابي الوضع بدقة فيقول :
تسلسل الأحداث التي قبل المعركة
خرج النعمان بن بشير ومعه قميص عثمان مضمخ بالدماء، ومعه أصابع نائلة التي أصيبت حين دافعت عنه بيدها, وكانت نائلة بنت الفرافصة الكلبية زوج عثمان شامية ,, فورد النعمان على معاوية بالشام، فوضعه معاوية على المنبر ليراه الناس، وعلق الأصابع في كم القميص يرفع تارة ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله، وحث بعضهم بعضًا على الأخذ بثأره فهاجت النفوس والعواطف، واهتزت المشاعر ولا غرابة بعد هذا إطلاقًا أن نرى إصرار معاوية ومن معه من أهل الشام بالإصرار على المطالبة بدم عثمان، وتسليم القتلة للقصاص قبل البيعة
دوافع معاوية في عدم البيعة: امتنع معاوية وأهل الشام عن البيعة ورأوا أن يقتص على رضي الله عنه من قتلة عثمان ثم يدخلون البيعة, وقالوا: لا نبايع من يؤوى القتلة وتخوفوا على أنفسهم من قتلة عثمان الذين كانوا في جيش على، فرأوا أن البيعة لعلى لا تجب عليهم، وأنهم إذا قاتلوا على ذلك كانوا مظلومين.
وكان معاوية رضي الله عنه يرى أن عليه مسئولية الانتصار لعثمان والقود من قاتليه، فهو ولى دمه، والله يقول: ” وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا” [الإسراء:33]
لذلك جمع معاوية الناس، وخطبهم بشأن عثمان وأنه قتل مظلومًا على يد سفهاء منافقين لم يقدروا الدم الحرام، إذ سفكوه في الشهر الحرام في البلد الحرام، فثار الناس.
لقد كان الحرص الشديد على تنفيذ حكم الله في القتلة السبب الرئيسي في رفض أهل الشام بزعامة معاوية بن أبى سفيان بيعة على بن أبى طالب، ورأوا أن تقديم حكم القصاص مقدم على البيعة، وليس لأطماع معاوية في ولاية الشام، أو طلبه ما ليس له بحق، وللحقيقة كان اجتهاد معاوية يخالف الصواب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى