كيف تقتل حباً؟؟؟
جلس قبالتي على المائدة وألقى بالجريدة في مواجهته في ملل وهو يقول : عن الحب لا زلت تتكلم ؟
فقلت بهدوء وأنا أهيئ نفسي لجدال قد يمتد : وأكتب وأحاضر وأناقش .. وأناظر أيضاً .
فابتسم ساخرا وصرح : وهل هناك من يناظرك في الحب ، أتعب ذاته من يفعل هذا ، الحب كما أريتنا إياه يسكن دفتي كتاب جميل ، أنيق التصميم ، حسن العنوان ، لين العبارة .
فقلت : هكذا نؤرخ له ، لكنه يسكن حقا في قلوب العاشقين والمحبين الصادقين .
تثائب في تكاسل مصطنع وهو يقول : أعط زوجتك وردة ، قل لها يا حبيبتي ،
قبلها وأنت ذاهب للعمل . ذلك هو الحب كما تشاهده أليس ايضاً .
أدركت أن جدالي لن يفيد مع محاوري الذي أزعجته كتاباتي ،
فقلت ملقيا الكرة في ملعبه : اخبرني إذا ما الحب يا صاحبي .
فقال وهو يشيح بيده كمن يطرد عقربا : لالالا .. تكلم أنت عنه ، ودعني أعيشه .
نظرت له كاتما ضحكة قد تأتي على البقية الباقية من حبل مودتنا المهترئ في الأصل ،
وقلت محاولا تحريك ستائر التشاؤم التي تغطي نافذة قلبه : من إتجاه نظرك هل الحب حاضر على الأرض أم أنه كائنا أسطوريا ؟! .
فقال : الحب كائن حقيقي ، لكنه من النوع الذي ولد ليموت ، أو لو شئنا الدقة ( ولد ليقتل) ! .
فسألته بحرص : ولد ليقتل !؟ ، من ذا الذي يتجرأ ليقتل الحب ؟
فقال مندهشا من اندهاشي : جميعنا يفعل هذا ، نفعله يومياً وكل ساعة ، ووسيلة الجناية أعلمها ، ومستعد لإطلاعك عليها إن أحببت .
فاعتدلت في جلستي وأنا أحثه على الخطاب : بالطبع أريد أن أعرف .
فتنهد متألما وتحدث : حسنا ، أن تقتل حبا فيجب أن تفعل ما يلي :
1. لا تثق في شريك حياتك : وأقصر سبيل لزرع الشك بينكما هو الكذب ، ولا أقصد بالكذب الا تصدقها القول لاغير ، بل إن تخبئة الحقائق يعد كذبا في قانون أساسي الحب ايضا .
2. الزواج مقبرة الحب : آمن بتلك المقولة واجعلها لديها عقلك ووجدانك ، أخبر زوجتك وكل من حولك بأنك تترقب اليوم الذي ستقرأ فيه الفاتحة لأجل وفاة الحب ،
فهو آتٍ .. آتٍ ..لا محالة !! .
3. تمتع بلذة السلبية : فلا تطيع شريك حياتك فيما يطلبه منك ، تهرب من التزاماتك ، ليكن المنزل فندقا ، تمارس فيه هواياتك من قراءة الصحف ومشاهدة التلفزيون والجديد في التليفون .
4. أرفض الإنتقاد أو النصيحة من كل الجوانب : ولا تستمع سوى لصوتك أنت لاغير .
5. تداول مع زواجك كانه قضاء الله الذي لا يرد وقدره الذي نفذ : ردد طول الوقت أن ليتنا يمكننا تحويل ماضينا ، لا تجامل ولا تتصف باللباقة ، لاغير أشعر شريكك بأنك في ورطة بارتباطك به مدار الساعة .
6. النظافة الشخصية أمر شخصي : عدم اهتمامك بها من المفترض ألا يزعج واحد من ، وعلى شريكك ألا يزعجك بطلبه منك غير هذا .
7. كن بخيلا : وسعى أن تتفنن في هذا ما استطعت ، تداول مع مطالب الحياة مهما كانت لازمة وكأنها ترف يلزم الاستثمار فيه .
8. كن هجوميا : تقدير ومراعاة شخصية الآخر أمر جيد في الشغل ، إلا أن في المنزل الانقضاض خير أداة لنيل أي شيء .
لم أستطع أن أخفي امتعاضي وأنا أنهر صاحبي قائلا : إن واحدة الأمر الذي أوضحت كفيلة بإنهاء حياة الحب في مهده ، فكيف إذا اجتمعوا ، وانهالوا على الحب طعنا وتمزيقا .
فقال وهو يعتدل في جلسته : و جل بيوتنا يسكنها واحدا أو أكثر من تلك الكوارث ، ومع هذا تتواصل وتمضي من اجل أي شيء .. سوى الحب .
فقلت متعجبا : أي حياة هذه التي نعيشها وكأننا في سجن وقد حكم علينا بالأشغال الشاقة المؤبدة .
فقال وهو يبادلني الحسرة : ورغم ذلك تحدثنا عن الحب ، وتعدنا بأن ترفرف سحائب العاطفية على حياتنا ، كفاك خيالا ودع كل منهم يجابه الحقيقة !! .
فقلت : عجبا لأمرك ، أبدلا من معالجة الداء والبحث عن العلاج ، تطالبني بالاستسلام للأمر الواقع ،
لماذا عوضا عن أن ننعي الحب ونعلن وفاته ، نتعلم كيف ننهض ونسعى إحيائه ليظلل دنيانا مرة أخرى ، لماذا إذا ما وجدنا الحب يدير لنا ظهره مودعا ،
آسفا على حياتنا التي رفضت استقباله وإحسان ضيافته ، نودعه ونخبره ألا يرجع ثانية .
لماذا نقتل الحب ما دمنا قادرين على الحفاظ عليه ؟ ! .
صرح باقتضاب : ليس هناك أمل ! .
قلت : بل هناك آمال كثيرة ، شمس الحب ـ رغم سحب تشاؤمك ـ تسطع على قلوب عديد من بني الإنس ،
وتنعش بداخلهم أرواح تأبى التفريط فيما أنعم الله عليهم