قيام الحضارة الإسلامية
الحضارة الإسلامية
لا شك بأنّ الحضارة الإسلامية هي جزءٌ من الحضارات التي مرّت على البشرية منذ فجر التاريخ، ولكن ما ميز هذه الحضارة بأنّها الحضارة الوحيدة التي استطاعت أن تمزج بين الجانب الروحي والجانب المادي في حياة الإنسان بشكلٍ متوازن، كما أنّها الحضارة التي بُنيت على أسسٍ ومبادئ راسخة ضلت عنها الأمم السابقة وانحرفت، وسنذكر في هذا المقال العوامل التي أدّت إلى قيام هذه الحضارة.
عوامل قيام الحضارة الإسلامية
- ركزت على التوحيد الخالص لله تعالى بعيدًا عن الشركيات، فما ميز الحضارة الإسلامية أنّها أعطت صورةً نموذجيةً لتوحيد الله تعالى، ويظهر هذا الأمر من خلال مظاهر هذه الحضارة وآثارها، فالمساجد التي بُنيت منذ بداية التاريخ الإسلامي كانت شاهداً على ذلك التوحيد من خلال الآيات القرآنية التي تزخرف جدران المساجد، وعبارة الشهادتين التي تزينها بعيداً عن الصور التي لا معنى لها، ومن المظاهر التي تدلّ على التوحيد في الحضارة الإسلامية مدافن المسلمين وقبورهم، فلم تعرف الحضارة الإسلامية تقديس القبور وتشييد البنيان عليها كما فعلت الأمم من قبل، كما أنّها نبذت الشواهد والتماثيل التي كان يصنعها ويتفاخر بها من قبلنا، فلا مضاهاة لله تعالى في خلقه وصنعته.
- أنّها حضارةٌ إنسانيةٌ عالمية، فالحضارة الإسلامية من خصائصها وأبرز عوامل قيامها ونهضتها أنّها كانت إنسانيةً بما قامت عليه من مبادئ العدل والمساواة بين البشر، فلا فضل فيها لعربيّ على أعجمي، ولا لغني على فقير، بل كل واحدٍ فيها يستطيع المشاركة في نهضتها، لذلك ظهر فيها كثيرٌ من العلماء الذين لم يكونوا من العرب كابن سينا، والرازي والذين كان لهم إسهاماتٌ كبيرةٌ في الحضارة الإسلامية، ومن ميزاتها أيضاً أنّها حضارةٌ عالميةٌ جاءت لتوصل رسالتها إلى الناس كافةً، وقد ظهر ذلك من خلال ما شُيد من المكتبات والجامعات التي كان أبرز أهدافها نشر رسالة الإسلام واستقطاب الطلبة من جميع أنحاء المعمورة.
- أنّها حضارةٌ أخلاقية، فمن عوامل قيام الحضارة الإسلامية أنّها ركزت على الجانب الأخلاقي في جميع مظاهر الحياة، فالأسواق على سبيل المثال والتي تشكل محور العملية التجارية فيها يتمّ مراقبتها من قبل هيئةٍ تسمى (الحسبة) التي من مهامها مراقبة الأسواق ومحاسبة التجار على الغش، أو التدليس، أو تطفيف المكيال.
- أنّها اهتمت بالعلم والبحث العلمي، فقد كانت أول الآيات التي نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام تدعو للقراءة في قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)[العلق:1].
- أنها قامت على عدم الفصل بين الدين والدولة، فالحضارة الإسلامية تؤمن بالدين الإسلامي كدينٍ شاملٍ ومنهجٍ أخلاقي كاملٍ لم يغفل جانباً من جوانب الحياة إلّا وتطرق إليه، ووضع له المنهج الصحيح الذي يضمن للناس السعادة في الدنيا والآخرة.