قصة حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
حذيفة بن اليمان صحابي من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصاحب فضل على البشرية بعلمه، الذي استقاه من المعلم الأول محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-،حذيفة بن اليمان حافظ سر رسول الله، حيث كان الصحابي الوحيد، الذي كان يعلم بأسماء المنافقين حسب ما أخبره النبي محمد، حيث عمل على حفظ السر، الذي ائتمنه عليه رسول الله، وهذا دليل على مكانته في الإسلام وعند رسول الله. خدم الإسلام وأفاد المسلمين واستفادوا منه، ومن مواقفه المشرفة، التي كانت نور يهدي الناس إلي طريق الرشاد، في إحدى غزوات المسلمين، وكانت غزوة أحد،حيث قتل والد حذيفة بالخطأ على أيدي المسلمين، رأى والده يقتل بسيوف أصحابه ماذا فعل بهم؟!لم يفعل لأصحابه شيء يخرجه من الإسلام، بل قام بمخاطبتهم قائلا:يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين، ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة، وبعد انتهاء المعركة علم الرسول بذلك، فأمر بالدية عن والد حذيفة حسيل بن جابر، لكن حذيفة تصدق بها على المسلمين، فازداد الرسول له حباً وتقديراً، هذه هي الأخلاق التي تربى عليها، واستمدها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
لحذيفة فضل كبير على الإسلام والمسلمين، فقد كان من المقربين للنبي، ومحط اهتمامه، قال الرسول: “ما من نبي قبلي إلا قد أعطي سبعة نُجباء رفقاء، وأعطيتُ أنا أربعة عشر؛ سبعة من قريش: عليّ، والحسن، والحسين، وحمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وسبعة من المهاجرين: عبد الله بن مسعود، وسلمان، وأبو ذر، وحذيفة، وعمار والمقداد، وبلال” -رضوان الله عليهم- . هذه هي المكانة التي اختارها الرسول لذلك الصحابي، الذي أفنى حياته في طاعة الله، ورسوله، ورواية الأحاديث عن رسول الله تهدي الناس، وتعلمهم أمور دينهم، فمن الأحاديث التي رواها أبو عبدالله بن اليمان عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: “عن مسلم بن نذير، عن حذيفة، قال : قلت يا رسول الله: “إني رجل ذَرِب اللسان، وإن عامة ذلك على أهلي”. قال: “فأين أنت من الاستغفار، إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة”.
لحذيفة بن اليمان أقوال بليغة كثيرة، فقد كان واسع الذكاء والخبرة، ومن ذلك قوله للمسلمين: “ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه”.
لم يكن فقط حذيفة بن اليمان من الرجال المفضلين والمقربين لرسول الله، بل كان أيضاً من الرجال الذين يحبهم عمر بن الخطاب، الذي تمنى برجل مثل حذيفة يستعمله في طاعة الله، قال عمر بن الخطاب لأصحابه: “تمنّوا”. فتمنّوا ملءَ البيتِ الذي كانوا فيه، مالاً وجواهر يُنفقونها في سبيل الله، فقال عمر: “لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، فأستعملهم في طاعة الله “.
الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله، كانت له سيرة مشرفة مليئة بالعبر الحسنة الطيبة، التي تنفع المسلمين، وتزيدهم إيمانا حتى وفاته، كانت تحمل موعظة حسنة، عندما اقترب الموت من حذيفة خاف خوفا شديداً وأخذ يبكي بكاء، فسأله أصحابه عن سبب بكاءه فرد عليهم قائلاً :ما أابكي أسفاً على الدنيا، بل الموت أحب إلي،ولكنِّي لا أدري على ما أقدم على رضاً أم على سخطٍ”. توفي -رضي الله عنه- في عام السادس والثلاثين للهجرة.