فن التعامل مع المراهقين , ملف كامل عن مرحلة المرهقة و كيفية التعامل معها 2019
التعامل المراهقين كامل مرحلة المرهقة كيفية 3dlat.com_10_18_5550
إن المشكلات التي تطرأ على المراهقين سببُها الرئيس هو عدم فَهم طبيعة واحتياجات المرحلة من قِبَل الآباء والمربِّين، وأيضًا عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها؛ ولهذا يحتاج المراهقون في هذه الفترة الحسَّاسة من حياتهم إلى التوجيه والإرشاد بعد فَهمٍ ووعْي لهذه السلوكيَّات، وذلك من أجْل ضبط عواطفهم الحسَّاسة، وتعديل سلوكهم، وتهذيب أنفسهم؛ حتى نحافظ عليهم من الانسياق المتطرِّف وراء رغباتهم ونزواتهم، وأيضًا نحتاج إلى برنامج يتَّسم بالهدوء والشفافِيَة واللطافة، بعيدًا عن القسوة في التعامل، الذي لا ينتج عنه سوى المزيد من العِناد، والمزيد من الإصرار على الخطأ.
تعريف المراهقة
ترجع كلمة “المراهقة” إلى الفعل العربي “راهَق” الذي يَعني: الاقتراب من الشيء، فراهَق الغلام فهو مُراهِق؛ أي: قارَب الاحتلام، ورَهقْت الشيء رهقًا؛ أي: قَرُبْت منه، والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النُّضج والرشد؛ قال ابن فارس: “الراء والهاء والقاف أصلان متقاربان، فأحدهما: غَشَيان الشيء الشيءَ، والآخر العجلة والتأخير؛ فأمَّا الأول، فقولهم رهَقه الأمر: غَشِيه…، قال – جل ثناؤه -: ﴿ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾ [يونس: 26].
والمراهق: الغلام الذي دانى الحُلُم…، وأرْهَق القوم الصلاة: أخَّروها حتى يدنو وقت الصلاة الأخرى، والرَّهَق: عَجَلة في كذبٍ وعَيْبٍ”، والأصلان اللذان تدور حولهما هذه المعاني لهما صِلة بهذا المصطلح.
وذُكِر في لسان العرب معاني عِدَّة للرَّهَق؛ منها: الكذب، والخِفة، والحِدَّة، والسَّفه، والتُّهمة، وغَشَيان المحارم وما لا خيْرَ فيه، والعَجلة، والهلاك، ومعظم هذه المعاني موجودة لدى المراهق.
أما المراهقة في علم النفس، فتعني: “الاقتراب من النُّضج الجسمي والعقلي، والنفسي والاجتماعي”، ولكنَّه ليس النُّضج نفسه؛ لأنَّ الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنُّضج العقلي والجسمي، والنفسي والاجتماعي، ولكنَّه لا يصل إلى اكتمال النُّضج إلاَّ بعد سنوات عديدة قد تصل إلى10 سنوات.
مراحل المراهَقة
المدة الزمنيَّة التي تُسَمَّى “مراهقة” لا تستمر مع الأفراد خلال هذه الفترة، فهي تختلف من شخصٍ إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، فهي في المجتمع الريفي غيرها في المجتمع المدني أو المنفتح، وفي المجتمع المسلم غيرها في المجتمع الكافر، والمتزوج غيره في الأعزب؛ لوجود الأسباب المختلفة التي إمَّا أن تساعد على تخطِّي المرحلة بسهولة ويُسر، أو تتأخَّر معه أكثر من السنوات العشر المذكورة؛ ولذلك فقد قسَّمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي:
1- مرحلة المراهقة الأولى “11 – 14 عامًا”، وتتميَّز بتغيُّرات بيولوجيَّة سريعة، “الصف الخامس إلى الثامن”.
2- مرحلة المراهقة الوُسطي “14 – 18 عامًا”، وهي مرحلة اكتمال التغيُّرات البيولوجيَّة، “الصف التاسع إلى الثالث ثانوي”.
3- مرحلة المراهقة المتأخِّرة “18 – 21″؛ حيث يُصبح الشاب أو الفتاة إنسانًا راشدًا بالمظهر والتصرُّفات، “ما بعد الثانوية”.
ويتَّضح من هذا التقسيم أنَّ مرحلة المراهقة تمتدُّ لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عُمر الفرد.
خصائص النمو لمرحلة المراهقة
هناك فرق بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعني: “بلوغ المراهق القُدرة على الإنسال؛ أي: اكتمال الوظائف الجنسيَّة عنده، وذلك بنمو الغُدد الجنسيَّة، وقُدرتها على أداء وظيفتها”، أمَّا المراهقة، فتشير إلى “التدرُّج نحو النُّضج الجسمي والعقلي، والنفسي والاجتماعي”، وعلى ذلك فالبلوغ ما هو إلاَّ جانب واحد من جوانب المراهَقة، وهو أيضًا يسبقها من الناحية الزمنيَّة، فهو أوَّل دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقة.
ويُشير ذلك إلى حقيقة مهمة، وهي أنَّ النمو لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجْأة، ولكنَّه تدريجي ومُستمر ومُتصل، فالمراهق لا يترك عالَم الطفولة ويُصبح مراهقًا بين عشيَّة وضحاها، ولكنَّه ينتقل انتقالاً تدريجيًّا، ويتَّخذ هذا الانتقال شكْلَ نموٍّ وتغيُّر في جسمه وعقْله ووِجْدانه؛ مما يُمكن أن نلخِّصه بأنه نوعٌ من النمو البركاني؛ حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجيًّا وهرمونيًّا وكيماويًّا، وذهنيًّا وانفعاليًّا، ومن الخارج والداخل معًا عضويًّا.
والنمو يتركز في أربعة اتجاهات
1- النمو الجسمي.
2- النمو الاجتماعي.
3- النمو الانفعالي.
4- النمو العقلي.
أولاً: النمو الجسمي:
وهو يشمل مظهرين: النمو الداخلي “الفسيولوجي”، والنمو العضوي.
أما النمو الداخلي الفسيولوجي، فهو النمو في الأجهزة الداخليَّة غير الظاهرة للعَيان، ويشمل ذلك بوجْه خاص النموَّ في الغُدد الجنسيَّة.
وأما النمو العضوي، فيتمثَّل في الأبعاد الخارجيَّة للمُراهق، حيث تبدو العلامات التي تميِّز الشاب، ومن أبرز علامات هذا النمو عند الفتيان: “نمو جسمي سريع بزيادة الطول بشكلٍ واضح، وكِبَر المَنْكِبين، واتِّساع الصدر، وبروز العضلات، كذلك ظهور شعر الشارب والذقن والعانة، وتغيُّر الصوت بخشونته، ونمو تفاحة آدم “الحنجرة”، وكِبَر حَلَمة الثدي، وزيادة إفراز العَرَق، ونمو الأعضاء التناسليَّة، وجبينٌ عالٍ وكبير، وفمٌ كبير، وأنفٌ مُتضخم، وظهور حَبِّ الشباب… إلخ”.
وكثير من هذه العلامات تُسَبِّب له الإحراج والانفعال، وخصوصًا إذا لَم يتفهَّم مَن حوله ما يَمُرُّ به من تغيُّرات ويُعينوه على تجاوزها.
ثانيًا: النمو الاجتماعي:
1- المسايرة: يُساير أصدقاءَه مسايرة عمياء.
2- الرغبة في تأكيد الذات – إثبات الشخصيَّة، وأبرز مظاهرها في الآتي:
• شعوره بأنه ليس طفلاً.
• يفضِّل أن يقوم بأعمال لافتة للنظر؛ كاللبس، وإطالة الشعر.
• يُقحم نفسه في مناقشات فوق مستواه.
• يحب المغامرة وخَوْض التجارب – ولو كانتْ فيها خطورة عليه.
• كسْر القيود الروتينيَّة التي حوله.
• يبدأ في الاستقلال عن المنزل، ويُحب العُزلة.
ثالثًا: النمو الانفعالي:
نتيجة للتغيُّرات الجسميَّة والنفسيَّة التي تَحْدث له، تظهر فيه السِّمات الآتية:
1- عدم الثبوت الانفعالي: يتميَّز المراهق بثنائيَّة المشاعر والتقلُّب الشديد في العواطف بسبب الحساسية المفرِطة، فتجده يحبُّ بشدة، ثم لا يَلبث أن يكره بشدَّة.
2- الغضب والانفعال الشديد بسهولة، ويمكن أن يُضرِب عن الطعام، ويخرج من المنزل.
3- الحب: يحبُّ نفسه، ويَميل لراحة نفسه، ويُحب أصدقاءه.
4- الخوف: يخشى المواقف الاجتماعيَّة؛ لأن خِبرته قليلة وضعيفة في الحياة، ولضَعف ثقته في نفسه.
5- أحلام اليقظة، وأبرز مظاهرها في الآتي:
• ذاته: يحلم بأنه إنسان له مكانة في المجتمع، وقوي ويَحصل على ما يريد، ويحصل على تقدير الآخرين له، وشكله جميل وأنيق.
• يحلم بمهنته: يتخيَّل دومًا أنه منتهٍ من دراسته، وقد وجَد المكان الوظيفي المناسب.
• يحلم بالحب: تكوين الأسرة والبيت، والأطفال والسيارة.
6- الصراع، وأبرز مظاهره في الآتي:
• بين الحاجة إلى تهذيب الذات، وبين الحاجة إلى التحرُّر والاستقلال.
• بين الدوافع الجنسيَّة والحاجة إلى الإشباع الجنسي، وبين التقاليد الدينيَّة والاجتماعيَّة.
• بين التحرُّر والاستقلال من الأسرة والخضوع لها، والاعتماد عليها؛ لأنه لَم يَنضج اقتصاديًّا.
• بين تكوين الأسرة والعَقبات التي تحول بينه وبين تحقيقها.