علم النحو
محتويات المقال
علم النحو
علم النحو أو ما يعرف بعلم الإعراب، وتشكيل أواخر الحروف، من أهم العلوم في اللغة العربية، وهو يهتم بالتركيب الصحيح للأفكار، باستخدام الألفاظ والجمل السليمة، والغرض الأساسي من هذا العلم هو محاولة فهم اللغة، والإفهام بها، ويقول سيبويه عن علم النحو بأنه حاجة الطعام للملح.
نشأة النحو العربي
وضح ابن خلدون كيفية وضع قواعد النحو العربي، وكيف فكر العرب في الحفاظ على اللغة، نطقاً وتداولاً بعدما فسدت الملكات الخاصة بالنطق السليم، فيقول: “فاستنبطوا من مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة مطردةً، شِبه الكليات والقواعد، يقيسون عليها سائر أنواع الكلام، ويلحقون الأشباه بالأشباه، مثل أن الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، والمبتدأ مرفوع، ثم رأوا تغير الدلالة بتغير حركات هذه الكلمات، فاصطلحوا على تسميته إعراباً، وتسمية الموجب لذلك التغير عاملاً، وأمثال ذلك، وصارت كلها اصطلاحات خاصة بهم”.
وكان هنالك صراعٌ حول من هو أول من تكلم عن النحو كعلم، وأسس له قواعد ومرتكزات، ولعل أول من تحدث بهذا الخصوص هو أبو الأسود الدؤلي، الذي أوجد الحركات الثلاث الشهيرة، وهي الفتحة والضمة والكسرة، والتي كانت بشكلٍ مختلف عما هو متعارفٌ عليه اليوم، ففي ذات مرة طلب كاتباً، وأمره بأن يستخدم المداد وصبغة أخرى للكتابة، وأمره بوضع نقطة فوق الحرف إذا رآه يفتح فمَه عند النطق به، وأن يضع نقطةً بين يدي الحرف في حال ضمّ الحرف، وأن يضع نقطة تحت الحرف في حال الكسر، وإن أتبع شيء غير الذي ذكره فليضع مكان النقطة نقطتين، وبعض الروايات تقول بأن علياً -كرم الله وجهه- هو من دلّ أبا الأسود الدؤلي لذلك، حينما قال له: انح نحو هذا، ومن هنا جاءت تسمية النحو العربي.
وجاء في كتاب من تاريخ النحو لسعيد الأفغاني أن هنالك مَن أخذ عن أبي الأسود الدؤلي علم النحو، أمثال: يحيى بن يَعْمر، وعنبسة الفيل، وميمون الأقرن، ومضر بن عاصمٍ، وعطاء بن أبي الأسود، وأبو نوفل بن أبي عقرب، وهنالك من أخذ عن هذه الطبقة علم النحو وورثه جيلاً بعد جيل، ثم جاءت مدرسة الكوفة، فكان للخليل بن أحمد الفراهيدي دورٌ كبير في وضع النحو وتوريثه لسيبويه، ليوجد التفاريع والأدلة والشواهد، ثم جاء أبو علي الفارسي والزجاج بكتب مختصرة في النحو.
أسباب إنشاء علم النحو
من أهم الأسباب التي دفعت أبا الأسود الدؤلي للمبادرة بوضع علم النحو وتوثيقه قصته مع ابنته، والتي ذكرت في كتاب الأغاني لمؤلفه الأصفهاني، ومضمون القصة: أن أبا الأسود الدؤلي دخل على ابنته في يومٍ شديد الحرّ، فقالت له مخبرة عن حرارة الجو: يا أبتِ ما أشدُّ الحر؟ فجعلت (أشد) مرفوعة، فظن أنها تسأله: أي زمان الحر أشد؟ فقال لها: شهراً ناجر، فقالت موضحة: يا أبتِ إنما أخبرتك ولم أسألك، وفي الواقع أنه كان واجباً عليها أن تنصب شد، لتعني التعجب من شدة الحر، ولكنها لحنت، فانتبه أبو الأسود الدؤلي لوجوب وضع قواعد للنحو تحميه من اللحن والخطأ.
وقد بدأ اللحن بالتفشي والانتشار مع اتساع الفتوحات، واختلاط الفاتحين من العرب بالشعوب الفارسية والرومية، والأحباش، ودخول كثير من الأعاجم في الإسلام وتعلم العربية، ليستطيع الواحد منهم قراءة القرآن، كان من الأسباب التي استدعت وضع علم النحو، وضبط الألسن، بتدوين القواعد المستنبطة من القرآن الكريم وأقوال العرب، والتخلص من آفتيْ اللحن والتحريف، التي قد تجمع اللفظ والمعنى.