علم الفراسة
اشتهر العرب قديماً، بأنهم كانوا السبّاقين لمعرفة العديد من العلوم المختلفة قبل غيرهم من الأمم، حيث برعوا في معظمها، وعرفوها، فتعلّموها وعلّموها لغيرهم، وبعض هذه العلوم مازالت حتّى أيّامنا هذه تدرّس بنفس أساليبها القديمة التي وضع أسسها العرب، وهذا ما يدل على صحّة علومهم ودقّة معرفتهم فيها.
من أهم العلوم التي برع فيها العرب، هو علم الفراسة، حيث قيل قديماً علمت أصل الرجل وفصله من التفرس في وجهه، ومن هنا كان التعريف البسيط لهذا العلم، وهو أنه الفكرة التي تنشأ في القلب، ولا تلبث أن تقفز فجأة للوعي، يمتلكها أشخاص مشهود لهم بالنباهة والفطنة والذكاء أيضاً، وكانت اهتمامات الإنسان تتوق لمعرفة النفس البشرية، كمعرفة الأشخاص من الوهلة الأولى، ولكنها معرفة غير دقيقة لقدرة بعض الأشخاص على إخفاء مشاعرهم وغموضهم، فاقتضت الفراسة على مراقبة حركاتهم وردّات أفعالهم كطريقة الوقوف والمشي وطريقة النظر والكلام وردّات أفعالهم تجاه بعض تصرّفات الأشخاص، وأيضاً طريقة نومهم أو طريقة استماعهم لنقاش معين.
عرفت الفراسة بالإغريقية بأنها ( الفزيوجنوميه )، أي معرفة الجسم وشخصية الإنسان بمجرّد دراسة المظهر الخارجي للوجه والجسم، وابن القيم الجوزي هذا العالم الشهير، قام بتقسيم الفراسة لأنواع ثلاث، هي:
- النوع الأوّل : الذي يعرف بـ ( فراسة إيمانية ): بحيث يفرق الشخص بين الحق والباطل، وأيضاً الصدق والكذب بفضل نور يقذفه الله في قلب العبد المؤمن، وهذا النوع يختصّ به الله عباده المؤمنين منهم دون غيرهم.
- النّوع الثّاني : والذي يعرف بـ ( فراسة رياضية ): وتكون نتيجة التكرار والتمّرن وتحمّل المشاق، وأيضاً الجوع والسهر، وهذا النوع هو عامٌ، أيّ للبشر جميعاً وليس للمؤمنين فقط.
- النّوع الثّالث : ويعرف بـ ( الفراسة الخلقية ): وهي الاستدلال على المعرفة من خلال الشكل الظاهر للإنسان لمعرفة باطنه، كلون العينين والحركة، وأيضاً الوقوف والتكلم… وما إلى ذلك من حركات وتعابير، وهي للبشر جميعاً.
الفرق بين ( الفراسة ) و ( الإلهام ):
- الفراسة لغة: مأخوذة من التفرّس، أي الثبت والنظر.
- الفراسة اصطلاحاً: هي خاطر يداهم القلب ينفي ما يضاده، يتملك الإنسان بقوة كيوة وثوب الأسد على فريسته.
- أما الإلهام لغة: أي تلقين من الله لعبده.
- الإلهام اصطلاحاً: موهبة خصّ الله بها أوليائه لا تكتسب، بل هي هبة الهية.